جنوبلان .. واقع أليم
كثيراً ما أحزن عندما أشاهد الأفلام الهابطة التى امتلأت بها السينمات، بالتحديد فى الفترة الأخيرة، وأسمع تبريرات من النجوم بأنهم لا يجدون "ورق" أو سيناريو جيد، وهو نفس المبرر الذى أسمعه مع المخرجين وربما النقاد، فالجميع يقول "مفيش ورق"، بمعنى أنه لا يوجد سيناريو جيد يمكن تحويله إلى فيلم يجذب الجمهور.
قرأت منذ أيام رواية للكاتبة والصحفية ،إلهام الجمّال، وهى رواية "جنوبلان" التى تحكى خلالها عن قصة من واقع خيالها ولكنها مرتبطة بالواقع الأليم الذى نعيشه إلى حد كبير .. فهى تتحدث عن صحفية مصرية سافرت إلى لبنان لكشف مجازر العدو الصهيونى وتوثيق هذة الحوادث، وتتعرف خلال رحلتها على شاب لبنانى من المقاومة سريعاً ما تقع فى غرامه، وتكتشف أنه هو الآخر قد وقع فى غرامها، ولكن الأمور لا تسير دائماً بشكل رومانسى، فالموساد علم بالأمر ويريد أسر هذه الصحفية لعدم قيامها بفضح جرائمهم وإظهارها للعالم، وبالرغم من المخاطر التى تحيط بها وبدلاً من عودتها إلى بلدها تقرر "حنين" – بطلة الرواية – أن تستمر فى كشف جرائم العدو وتذهب إلى الجولان، وطوال هذة الرحلة هناك تفاصيل مثيرة، ولكن فى النهاية تسقط فى يد الموساد، وتترك إلهام النهاية مفتوحة ليتخيل القارئ مشاهد النهاية كما تعجبه، وهى نهاية معبرة عن واقعنا الأليم الذى أصبحنا فيه أضعف من أى وقت مضى.
والمميز فى هذة الرواية أنها طبيعية وغير مفتعلة، فلم أشعر منذ فترة وأنا أقرأ رواية أننى أقرأ شىء قد يحدث فى الحقيقة، ولكن الكاتبة المميزة نجحت فى صنع هذة الخلطة التى أصبح يفتقدها كتّاب كبار آخرين، أو بمعنى آخر أصبحت غير مهمة بالنسبة لهم لأن وقتهم لا يسمح بالجلوس الوقت الكافى لكتابة رواية محترمة.
بالتأكيد اتضح المعنى الذى أقصده من خلال الربط بين الأفلام السيئة ومشكلة عدم وجود الورق وبين رواية "جنوبلان"، خصوصاً عندما علمت بعدها أن هذة الرواية كانت فى الأصل سيناريو ثم حولتها الكاتبة إلى رواية لأن المنتجين والمخرجين والأبطال "اللى مش لاقيين ورق" ليس لديهم الوقت الكافى للنظر إلى سيناريو محترم .. لكن يكيفنى عن نفسى أننى قرأت هذة الرواية وسأعتبر نفسى شاهدتها كفيلم من خلال تخيلى لأحداثها، وتحية إلى الكاتبة إلهام الجمّال التى صممت على خروج روايتها إلى النور حتى لو كان بشكل مختلف عن الذى كانت تحلم به.