كنيستى القبطية العظيمة
فى جلسة هادئة مع النفس استعدت سؤالًا هامًّا تردد فى نفسى لسنوات طويلة، وحاولت بكل الطرق أن أقصيه..تارة بعدم الإجابة وتارة بالانهماك فى شواغل الحياة العديدة، والسؤال هو: من هو صاحب الفضل الأول فى تكوين شخصيتى ؟
سؤال إذا طرح يحتاج الإنسان إلى دراسة عميقة لكل من عبر فى حياته وتأثر به..بالطبع يحتاج إلى أيام أو شهور من التأنى للإجابة عليه، ولكن الغريب أننى لم أستغرق أكثر من ثوان معدودة..حتى عرفت الإجابة..لأن بداخلى يقين أن المعلم الأول هى كنيستى المحبوبة كنيسة القديسة دميانة القاطنة بشارع صابر الطويل بالوايلى..لأنى كنت من سكان حدائق القبة وكان انتماؤنا لأقرب كنيسة وهى كنيسة القديسة دميانة .
واستعرضت كيف كان تأثرى بالكنيسة من خلال "ملاكين" ..أبينا لوقا إبراهيم وأبينا أيوب ثاؤفيلس، نيح الرب روحهما يلح على مسامعى دائماً صوت أبينا لوقا إبراهيم القديس صاحب الملائكى وهو يترنم فى القداس الإلهى بالألحان الكنسية " جنيينا جنيينا ...ارحمنا ارحمنا"، وكلمات القداس "الغريغورى" التى تحلق بك إلى عنان السماء لترى الفداء والحب الإلهى وتجعلك تشعر أنك تحيا فى السماء ماثلًا أمام عرش النعمة .
وتذكرت أبانا أيوب ثاؤفيلس الذى زرع فينا حب القراءة والاطلاع وعدم التسليم بما نسمعه، بل نبحث ونفرز لمعرفة الحق والحقيقة، وكيف أنه اختارنا لقيادة اجتماع الشباب، وتذكرت كيف أنه زرع فينا الثقة بالنفس وأولا بعمل الله داخل كل فرد منا .
لا يغيب عن ذاكرتى الدكتور فوزى وجيد نوار فقد التحقنا بإعداد الخدام إبان المرحلة الثانوية، والتى امتدت خدمتى فيها لمرحلة الروضة لمدة لا تقل عن عشر سنوات اعتذرت خلالها أكثر من مرة عن خدمة المرحلة الإعدادية لتعلقى الشديد بأسرة الملائكة، لكن وبإيعاز وباقتناع برأى الدكتور وجدى انتقلت لخدمة المرحلة الثانوية واجتماع الشباب والاجتماع العام تذكرت شخصيتى المترددة الخجولة تذكرت الانطواء الذى عانيت منه .
وأدركت أن الفضل لكنيستى الأم الحاضنة فى تكوين وتغيير شخصيتى حتى أصبحت الابن الفخور بها..أرفع عملها معى وأقدس الحياة فيها فقد كانت ومازالت المصحة التى تعالج الجميع بلا مقابل..ذكرت حبها وحب ملاكيها المتنقلين تذكرت أن بحبى لها وعرفانى بجميلها قررت الدخول مع عدد من الإخوة لكلية الإكليريكية..ليس بهدف أن أصبح كاهنا بل للعلم والتعلم من رجال الكنيسة تذكرت إقبالى وشغفى كل يوم ثلاثاء على المقر البابوى لندرس اللاهوت الرعوى على لسان قداسة الباب شنودة الثالت مثلت الرحمات، أدركت عمق وغنى كنيستى القبطية مع كل لحظة أسترجعها من هذه السنوات المضيئة فى حياتى .
كنيستى الأم والحبيبة مهما طالت السنون..وتغيرت ستبقين فى قلبى أيقونة المحبة سأظل مدينًا لك لأساتذتى فيك هؤلاء الذين لم يضنوا بعلمهم أو روحهم لخدمة الكنيسة وطلاب العلم وسأظل أتندر بمواقف جميلة مع ملائكتا الصغار الذين فعل بهم الزمن ما فعل بنا جميعاً..لقد كبروا وأصبحوا كهنة منهم من يخدم فى كنيسته القديسة دميانة أوبكنيسة عين شمس أيضا.
إنها رحلة تعلم لخوض غمار الحياة كانت ومازالت مملوءة بالحب ومخضبة بالألم..نعم فحينما حرقت كنيستى المحبوبة فى أحداث الزاوية عام 1981 شاهدت بنفسى النيران تأتى عليها وتدمرها بفعل الغوغاء والدهماء الذين أشعلوا فيها النيران وسط التهليل! معتقدين أنهم بالكراهية ينتصرون غير عالمين أنهم أساؤوا للدين ولشخصهم .
لقد ذهب كل شىء لكن بقى سؤال يلح على نفسى..هؤلاء الذين يقومون بتلك الأعمال الشيطانية بأى إله يؤمنون ؟ بأى دين يعتقدون ؟! هل هذه الأعمال هى ثمار إيمانهم؟ أعرف أنهم ليسوا مؤمنين..وأعمالهم ليست مرآة للدين الإسلامى لأن لى إخوة مسلمين كثر تربينا معهم ووسطهم كانوا ومازالوا إخوة وأشقاء محبين لنا ولكل المصريين .
مقالى هذا هو ترنيمة حب وعرفان لكنيستى القبطية ولشفيعتى القوية القديسة دميانة لا أدرى؟ لعل الأسماء تمدنا أحياناً بزخم من المشاعر..ولربما لوقع اسم الأستاذة دميانة"المتهمة ظلما بقانون فاشى ازدراء الأديان " ومحنتها..فعل السحر على ذاكرتى التى استدعت اسم الكنيسة الأم..فلدميانة المعلمة ولدميانة الأم سلام الله .
Medhat00_klada@hotmail.com