صناعة التهريج!
في جميع دول العالم المتقدم تدرك جهات الاختصاص المسئولة عن إدارة منظومة الرياضة بها الدور الهام والحيوي الذي تلعبه هذه المنظومة في تقدم ورفاهية المواطنين، لذا فهى توفر لها التخطيط العلمي السليم، والقوانين واللوائح الصارمة الملزمة للجميع، والتي تحقق الصالح العام، والمتابعة التقويمية الموقوتة والدؤوبة التي تتمكن من رصد وإصلاح أي عوار في الحال، وبيئة العمل الناجحة الخصبة التي تجعلها تنمو وتترعرع وتحقق الغرض الحقيقي منها على الدوام..
وهو ما يجعلها تتربع بصفة مستمرة على قمة الهرم العالمي للبطولات والجوائز الرياضية، ناهيك عن تمتع كل أفراد الشعب بفرص متساوية لممارسة النشاط البدني والهوايات الرياضية على نطاق واسع، لذلك يمكن أن يطلق عليها هناك "صناعة الرياضة"؛ لأنها تتمتع بمقومات احترافية متكاملة.
أما القواعد والممارسات والآليات التي تحكم هذه المنظومة في مصرنا المحروسة ونعايش شواهدها الهزلية يوميًا -إلا من رحم ربى كأبطال الإسكواش مثلًا- فلا يمكن إلا أن نطلق عليها "صناعة التهريج"، لأنها تتمتع بكل مقومات "الفشل والفساد"، وهو ما يجعلنا دائمًا في ذيل التصنيف العالمى في معظم المنافسات الأوليمبية والدولية، فضلًا عن اضمحلال قاعدة الممارسة الشعبية للنشاط البدني والهوايات الرياضية.
والأسئلة المنطقية الآن بعد كل الكوارث الرياضية(المهنية والأخلاقية) التي نشاهدها على الهواء خلال الفترة الأخيرة.. هل يوجد جهات اختصاص مسئولة عن إدارة هذه المنظومة في مصر أم لا؟!، وإذا كانت موجودة فلماذا لا نشعر بوجودها على الإطلاق؟!، ولماذا لا تمارس دورها المحدد لها في ضبط إيقاع هذه المنظومة ككل وإلزام جميع كياناتها وأفرادها بأداء مهامهم المكلفين بها على الوجه الأكمل بمنتهى الانضباط والإتقان؟!، أم أن منظومة الفشل والفساد الرياضي أصبحت أكبر وأعمق من الإجراءات الهزيلة التي تتخذ على استحياء من آن لآخر لمقاومتها؟!
يا سادة إن هذا الأمر لجد خطير إذا لم يتم التعامل معه بالحسم والحزم الواجبين، ولقد آن الأوان أن يتم تحرير "منظومة الرياضة" من عملية "الأسر" الواقعة فيها منذ فترة طويلة في أيدي حفنة من محدودي وعديمي الموهبة والكفاءة الذين يفضلون دائمًا مصالحهم الشخصية عن المصلحة العامة، حتى نستطيع أن نضع الرياضة المصرية في المكانة التي تتناسب مع ما حبانا به الله جل وعلا من ثروة بشرية لم نحسن- مع الأسف- استغلالها وتوظيفها بالأسلوب الأمثل حتى الآن.