ملاحظات الرئيس على قانون التجارب السريرية.. تعدد الجهات يعيق العمل.. المواد العقابية تثير رعب الباحثين.. حظر إرسال عينات بشرية للخارج يضر البحث العلمي.. ونواب: لم يأخذ حقه في المناقشة
في سابقة هي الثانية من نوعها في البرلمان الحالي يعيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، قانون سبق وأن وافق عليه البرلمان، للمجلس من أجل إعادة النظر فيه.
وكانت البداية مع قانون الجمعيات الأهلية، والذي أثار لغطا كبيرا وخلافا حول عدد من المواد، سواء من الجمعيات الأهلية في الداخل، أو مؤسسات المجتمع المدني في الخارج.
وكان الاعتراض الثاني الذي وصل للبرلمان أمس من رئيس الجمهورية، حول مشروع قانون تنظيم البحوث الطبية والإكلينيكية، الذي أقره البرلمان في جلسته يوم الإثنين الموافق 14 مايو 2018.
أبرز الاعتراضات
وجاءت أبرز أوجه الاعتراض من جانب الرئيس على المواد ( 4، 5، 9، 11، 19، 20، 22)، حيث تحتوى هذه المواد على نصوص تشترط موافقة المجلس الأعلى والهيئات القومية الرقابية والمخابرات العامة على بروتوكول البحث ومتابعة وتنفيذ البحوث، وكذلك التفتيش عليها بعد موافقة اللجنة المؤسسية في الجهة البحثية التي يجرى فيها البحث ونظرًا لأن الأبحاث الطبية الإكلينيكية تشكل رسائل الماجستير والدكتوراه والأبحاث الحرة والأبحاث الممولة في كليات الطب البشرى، والأسنان، والتمريض، والصيدلة والعلاج الطبيعي والعلوم في جميع الجامعات والمعاهد والهيئات البحثية المصرية، مما يعنى وجود أعداد هائلة من الأبحاث كل شهر يستحيل معه متابعة جميع هذه الأبحاث إلا بواسطة اللجان المؤسسية الموجودة حاليًا في كل جهة بحثية (نحو 16000 بروتوكول في العام الواحد).
وتضمنت الملاحظات أيضا المادة (8) في شأن تشكيل المجلس الأعلى، حيث يلاحظ أن عدد الممثلين للجامعات المصرية والمراكز والمعاهد والهيئات البحثية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي أربعة فقط من أصل خمسة عشر مع العلم أن 97 % من الأبحاث الطبية الإكلينيكية تجرى في الجامعات والمراكز والمعاهد والهيئات البحثية التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
كما جاء في المادة (8) أن يتولى الأمانة العامة للمجلس الأعلى رئيس الإدارة المركزية للبحوث الطبية بوزارة الصحة مع العلم أن عدد الأبحاث الطبية الإكلينيكية التي تجرى في وزارة الصحة لا تمثل إلا جزءا ضئيلا جدًا من مجمل هذه البحوث داخل جمهورية مصر العربية.
وجاء في أوجه الاعتراض كذلك المواد العقابية من 28 حتى 35، حيث أن جميع هذه المواد لا تأخذ في عين الاعتبار طبيعة البحث وتعتبر المخالفات متساوية في جميع أنواع البحوث بغض النظر عن طبيعة وتصميم البحث، مما قد يتسبب في إحداث حالة من الرعب والخوف الشديد لدى الباحثين مما قد يؤدى إلى الإعراض عن البحث العلمي في جمهورية مصر العربية.
عقوبة إرسال عينات
ومن بين الاعتراضات أن القانون ينص على إرسال عينات بشرية إلى الخارج سوف يترتب عليه عقوبات شديدة (السجن + الغرامة) ذلك حتى لا يتم معرفة الجينات المصرية والعبث بها.. إذا أن الجينات المصرية قد تم دراستها بواسطة مؤسسة النامرو التابعة للبحرية الأمريكية، كما يوجد أكثر من 10 مليون مصري بالخارج يمكن بسهولة الحصول على تركيبهم الجيني.
كما أن حظر إرسال عينات بشرية للخارج يتناقض مع تحفيز الجامعات ومراكز البحوث على عمل أبحاث مشتركة، فضلًا عن أن إرسال هذه العينات للخارج يتيح فحصها بأجهزة وبإمكانيات قد لا تكون موجودة محليًا.
وبذلك سوف يكلف هذا القانون الدولة أموالًا ومكافآت من أعمال يؤديها حاليًا المختصون بدون مقابل، مما يؤثر على توسيع قاعدة البحث العلمي وجودة هذا البحث.
وطالب الرئيس من البرلمان، إعادة دراسة المشروع بعناية خاصة، وبمشاركة أوسع من جميع الجهات المعنية من أجل تحقيق أقصى ممكنة حول النصوص الخلافية وإقرار قانون يساير الاتجاهات في النظم القانونية ويدعم منظومة البحث العلمي.
اعتراض دستوري
من جهته أكد الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري، أن اعتراض الرئيس على قانون تنظيم البحوث الطبية المعروف إعلاميا بالتجارب السريرية يأتي وفقا للمادة 123 من الدستور 2014.
وتنص المادة: لرئيس الجمهورية حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، وإذا اعترض رئيس الجمهورية على مشروع قانون أقره مجلس النواب، رده إليه خلال ثلاثين يومًا من إبلاغ المجلس إياه، فإذا لم يرد مشروع القانون في هذا الموعد اعتبر قانونا وأصدر، وإذا رد في الموعد المتقدم إلى المجلس، وأقره ثانية بأغلبية ثلثي أعضائه، اعتبر قانونا وأصدر.
وأكد الدكتور مجدي مرشد، عضو لجنة الشئون الصحية في البرلمان، أنه على الرغم من أهمية هذا القانون، إلا أنه لم يأخذ حظه الوافي من المناقشة داخل المجلس، مشيرا إلى أنه سيتم دراسة وجهات نظر الرفض والملاحظات التي على القانون وإجراء التعديلات اللازمة.
تأثر البحث العلمي
فيما أكدت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي، أن أحد أسباب اعتراض الرئيس على القانون، لأنه في شكله الحالي يضر بالبحث العلمي.
وأوضحت أنه عقب إرسال المشروع من الحكومة، للبرلمان، تم إحالته إلى لجنة الصحة بالاشتراك مع هيئة مكتب لجنة التعليم والبحث العلمي بالمجلس، وذلك نظرا لأنه مرسل من وزارة الصحة، وهنا أرى أن إحالته للجنة الصحة بشكل رئيسي، خطأ ترتب على خطأ الحكومة، حيث كان من المفترض إحالته للجنة التعليم والبحث العلمي بصفتها اللجنة المختصة به، كما أن أعضاء هيئة مكتب لجنة التعليم لم يشاركوا في اجتماعات لجنة الصحة لمناقشة القانون، وهذا يعد خطأ أيضا، حيث انفردت لجنة الصحة بمناقشته، وهو ما جاء اعتراضا من لجنة التعليم على إحالة القانون للجنة الصحة، ما أدى إلى تلك النتيجة.
أسباب الاعتراض
وخلال الجلسة العامة الأولى للبرلمان في دور الانعقاد الرابع، أكد الدكتور على عبد العال، أن اعتراض الرئيس على هذا التشريع، يؤكد المناخ السياسي الصحي الذي تعيشه مصر، مشيرا إلى أن هذا التشريع كان مسار جدل كبير داخل لجنة الشئون الصحية، وكان مفترضا أن يمر على لجنة التعليم والبحث العلمي.
وقال: "يحمد لرئيس الجمهورية أنه مارس حقه الدستوري في الاعتراض على هذا القانون، وأنه يستهدف تفعيل الدستور في هذا القانون، معلنا إحالة اعتراض رئيس الجمهورية وأسبابه إلى اللجنة العامة للمجلس، فور تشكيلها لدراسة المشروع المعترض عليه، وإعداد تقرير لعرضه على المجلس".
وتابع: "كلي ثقة بأن اللجنة العامة والمجلس سيوليان الأسباب التي جاءت في اعتراض رئيس الجمهورية، عناية تامة ليخرج التشريع في صورته التامة، وفق أحدث المعايير الحاكمة للبحث العلمي".
وأردف "عبد العال": "حسنا فعل الرئيس، ويحمد اعتراضه على هذا التشريع واستخدام حقه الدستوري".