فتحي غانم يكتب: لن أطرد أخي

نشرت مقالا عن الذين يتأففون من دخول الفقراء دار الأوبرا، وينعون على الزمن الذي الذي جعل أولئك المساكين يدخلون هذه الدار الفخمة فيملأونها بقشر اللب والحشرات.

وقلت إنه من المخجل حقا الكلام عن إخواننا المصريين مهما كان مركزهم الاجتماعي، بمثل هذا الأسلوب غير الكريم.

وها هو الفنان يحيى حقي مدير مصلحة الفنون الذي يشرف على إدارة الأوبرا يرسل إلى تعليقه على ما كتبته في خطاب رقيق مؤثر، يوضح بصورة قاطعة ونبيلة حقيقة الشعب المصري.. وحقيقة فقرائه بالذات، وها هو نص الخطاب:

عزيزى الأخ فتحي غانم.. لقد قرأت بتأثر شديد مقالك "لن أطرد أخي" فإذا بك تعبر أصدق تعبير عما أحسه، وعما ناديت به وأسعى إليه.

وأريد أن أطمنك فوق هذا أن الأخبار التي نشرت فيها الكثير من المبالغة، فها هي الأوبرا بعد انتهاء عرض (ياليل ياعين ) سليمة كما كانت لم يمسها ضرر.

إنني كنت أقتحم خلوة كل شخص يلبس الملابس البلدية حين أجده في الأوبرا، فأكلمه وأسأله عن رأيه وشعوره، وقد دهشت حين وجدت أن صاحب مطعم صغير في ميدان السكة الحديد حضرته شاهد فرقة موسييف في الأوبرا.

 
وهو نفسه مع زميل آخر يلبس الملابس البلدية أيضا شاهد عروض الفرقة التشيكية كلها التي عرضت بالقاهرة لمدة أسبوع كامل.

ومزارع قادم من قويسنا جاء ليستمع إلى عروض الأوبرا.

ثم لعلك سمعت أنه رغم ازدحام الأوبرا من أعلى التياترو إلى البناوير بأولاد البلد.. أن سكوتهم وإنصاتهم وحسن تصرفهم في الأوبرا كان شيئا يعتز به، وهى تجربة عامة تبعث على الأمل وتقوي النفس على المضي في الجهاد... يحيى حقي.

أن هذه الرسالة ملأتني ثقة بالمسئولين عن تقديم فنوننا للشعب، أما ثقتي بالشعب نفسه فلم تتزعزع.