رئيس التحرير
عصام كامل

أرض الخوف.. مقابر البحيرة مأوى للبلطجية والخارجين عن القانون

فيتو

سرنجات وزجاجات أدوية مخدرة فارغة، أحجبة وتعاويذ، مخازن لتجار القمامة والخردة، وباعة المخدرات، مشاهد متكررة بمعظم مقابر البحيرة، جعلتها أرضًا للرعب، فلم تعد زيارة المقابر أمرًا محببًا بعدما انتشرت الأوكار في جنباتها، بل صارت همًا يقلق مضاجع الأشداء.


"أرض الرعب" هكذا يلقبها البعض بسبب انتشار الجريمة في أماكن متفرقة، بالقرب من مقابر عدد كبير من مدن ومراكز البحيرة، فالسرنجات الملوثة وعلب الأدوية المخدرة "الجدول" منتشرة بصورة كبيرة هنا وهناك، بالإضافة إلى أن ظلام المقابر يجعلها في الليل ملاذًا للمنحرفين والمجرمين والخارجين على القانون، بالإضافة إلى وجود ثعابين ببعض المراكز رفض أهلها الحديث عن الأمر، حفاظًا على حرمة المقابر، وخوفًا من تأويل الأمور على محمل يسيء إليهم.

ففي كفر الدوار، تقول أمينة صفوت، ربة منزل، إن مقابر كفر الدوار لا تستطيع سيدة المرور بجوارها منذ المغرب، فالمكان موحش ومرعب ليلًا، بلا إضاءة، وقبل الوصول إليها تجد طريقًا طويلا به شجر يشبه شجر الغابات، ومتشابك بطريقة مرعبة على الصفين، شجر قديم جدًا يعود لسنوات طويلة، وقالت: "استخدام المقابر في الشعوذة موجود فعلًا وسمعت عنه من الأهالي وما خفي كان أعظم".

ويقول محمد داوود، إلى جانب المخدرات والرذيلة فانتشار الشعوذة في المقابر أمر يعود لقرون، إن لم يكن لما قبل ألف عام، فعادة ما يحاول الدجالون وضع الأحجبة المضرة والطلاسم داخل المقابر، إلا أن يوم الجمعة يعد أكثر تلك الأيام في تلك الأمور، حيث يستغل هؤلاء المشعوذون زيارات الأهالي لأقربائهم.

وأشار إلى أن المشعوذين يقومون بدس الطلاسم في مقابر ليس لها شاهد، وليست للعائلات، فهم يخشون من اكتشاف الأمر في حال دفن أي موتى في المستقبل، لذا يلجأون للمقابر التي ليس لها عائلة، وهو ما يدفع الأهالي بين الحين والآخر لعمل حملات تطهير لتلك المقابر، للتأكد من عدم استغلالها، ويقوم بعضهم بفك الأحجبة وغسلها بالملح وحرقها أو يقومون بحل الأعمال بطرق يعلمونها.

ويضيف أحمد شاهين، محاسب: "المقابر عمومًا بتكون على أطراف المدن والقرى، وده اللي بيخليها تكون مرتع للانحرافات، ووجود الطلاسم والتعاويذ أمر مفروغ منه، ومحدش يقدر ينكر، زيه زي المخدرات والبرشام، وظهرت بشدة في أيام ثورة 25 يناير كانت بتبقى عيني عينك".

ويقول السيد الرفاعي، عضو مجلس إدارة جمعية رعاية المقابر بدمنهور، إن الجمعية تعمل جاهدة لبناء سور حول جميع المقابر، لحمايتها.

وأكد أن مقابر دمنهور القديمة هي الوحيدة المرخصة، وأي مخالفات سواء بالهدم أو البناء يتم التعامل معها بشكل فوري، عن طريق تحرير محاضر رسمية بالوقائع، وإرسالها لمجلس مدينة دمنهور للتنفيذ، وقمنا بالفعل بعمل حملات تطهير على مدار أشهر، تم خلالها إزالة أكثر من حمولة 70 جرارا من المخلفات الصلبة والقمامة.

وتابع: "هناك شبهات وشكوك بتواجد بعض استخدامات السحر والشعوذة، لكن بشكل محدود، وبعيدًا عن مقابر الأسر البحراوية، ونحاول مع الجمعية السيطرة على الوضع بالمراقبة المستمرة للدفانين، ونسعى لهدم وبناء وتجديد مقابر الصدقة".

وأضاف أنه بعد انتهاء الجمعية ونجاحها قبل عيد الأضحى في إزالة أنقاض ومخلفات الترميم، والإحلال والتجديد والبناء، والتي تراكمت داخل مقابر دمنهور منذ فترة الانفلات الأمني عام 2011 إلى الآن، حتى تخطت الأنقاض حمولة أكثر من 70 جرارًا، كما تم إنارة الشوارع المحيطة بالمقابر وداخل المقابر.

وأشار إلى، جار حاليًا استكمال إجراءات فتح حساب خاص بإنشاء سور لمقابر دمنهور، استكمالا لمبادرة تطوير المقابر بدمنهور، وتنفيذ أهم طلباتها واستكمال مواجهة جميع السلبيات المتواجدة بمقابر دمنهور، ويعاني منها جميع أهالي دمنهور، مطالبًا مجلس المدينة بالعمل لتنفيذ القرارات.

وشدد على أنهم بحاجة لغطاء أمني يحميهم من البلطجية للقضاء على السلبيات، وأوضح أنه لابد من تعاون جميع أجهزة الدولة مع الجمعية، لإقامة سور ونقطة شرطة وإخلاء المقابر من قاطنيها، حيث وفرت الدولة لهم سابقا مساكن، وقد قاموا ببيعها والعودة للمقابر مرة أخرى، فمنهم من يجدها مصدر دخل له، ومنهم من يجدها ملجأ آمن لأعماله غير القانونية بعيدا عن أعين الشرطة.
الجريدة الرسمية