وزير الأوقاف: استبعاد أي خطيب يشكل تهديدا للأمن القومي.. وإنهاء الخدمة بأمر قضائي
- "رسلان" لا يشكل خطرا أمنيا.. وتعيين 3 آلاف إمام جديد قريبا
- مساجد مصر "تحت السيطرة".. ولن نسمح للمتطرفين باعتلاء المنابر
- الإسلام دين سماحة لا يدعو للقتل ولا لسفك الدماء
- "تعمير الأرض" أفضل طريقة لمواجهة "طيور الظلام" في سيناء.. وأئمة "أرض الفيروز" لهم وضع مميز عن زملائهم
- نعكف مؤخرا على وضع حصر شامل لممتلكات هيئة الأوقاف.. وأطلس جديد في يناير المقبل
- استحدثنا آليات جديدة لاختيار أصحاب المناصب القيادية في الوزارة.. ونخطط لإحداث نقلة نوعية في مسيرة الدعوة
- نتابع بشكل مستمر ودءوب مكتبات المساجد.. وهناك جماعات متطرفة تمتلك دور نشر توزع كتبها على العامة بالمجان
أدار الحوار: عصام كامل
شارك فيه: أحمد نصير- محمد أبو المجد – ورود ياسين
أعده للنشر: محمد فودة
عدسة: ريمون وجيه - سيد حسن
خلال 5 سنوات، نجح وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة، في فرض سيطرة وزارته على مساجد مصر، بذل الرجل مجهودات مضنية في بداية توليه مهام منصبه لتطهير المساجد والزوايا من "طيور الظلام"، ودخل في صدامات مع أتباع جماعة الإخوان وجحافل السلفيين الذين كانوا يسيطرون على منابر الأوقاف في كثير من محافظات الجمهورية.
بصدر مفتوح ودون خوف أو تردد، خاض "جمعة" معارك طاحنة مع تيارات الإسلام السياسي، فند أكاذيبهم، كشف استغلالهم السيئ للدين، ولم يدخر جهدا في تتبع كتبهم المليئة بالأكاذيب التي كانت تعج بها مكتبات مساجد الوزارة في ربوع مصر.
إلى جانب معركة تطهير المساجد، كان "جمعة" في طليعة المطالبين بتجديد الخطاب الديني، وتنقية كتب التراث مما علق بها من قضايا مدسوسة على الدين، واهتم بتطوير الأئمة وتسليحهم بأحدث ما وصلت إليه وسائل التكنولوجيا الحديثة.
وزير الأوقاف حل ضيفا على "صالون فيتو"، وفتح كل الملفات الساخنة، وأجاب على كل الأسئلة التي تشغل الرأي العام، تحدثنا معه عن أسرار استبعاد الشيخ سعيد رسلان من الخطابة ثم عودته من جديد بقرار من الوزارة، وتطرقنا إلى قضايا التطرف وخطة الأوقاف لمواجهتها؟ وكيف نستطيع تأهيل الأئمة لتقديم خطاب ديني يتناسب مع سماحة الإسلام ويراعي متغيرات العصر.
كان "جمعة" صريحا بأكثر مما ينبغي، اعترف بالقصور في بعض الملفات، وتعهد ببذل مزيد من الجهد في قضايا تجديد الخطاب الديني، وإعادة قراءة كتب التراث، لكنه شدد على أنه لن يتوانى عن استبعاد أي إمام يثبت خطره على الأمن القومي.. وإلى نص الحوار:
قطعت وزارة الأوقاف شوطا كبيرا في الإشراف والسيطرة على المساجد لكن مؤخرا ظهرت مشكلة الشيخ محمد سعيد رسلان، الذي ينتمي للسلفية المدخلية التي لديها كتب فيها نوع من التشدد، وبالتالي يرى البعض أن قرار الوزارة بعودته للخطابة لم يكن موفقا.. فما تعليقكم على ذلك؟
نحن نعلي شأن ودولة القانون، ولنا منهج وتعليمات في وزارة الأوقاف، وحينما يخرج أحد عن تعليمات الوزارة نأخذ القرار المناسب في التوقيت المناسب، وبدون أي شخصنة للأمور، فالمؤسسات لا تتعامل بانتقائية، فمن ينطبق عليه القواعد التي تحددها الوزارة في شئون الخطابة نعطي له الفرصة؛ أما إذا خرج عن تعليمات الوزارة شكلا ومضمونا، فنأخذ الإجراء كما حدث في قصة الشيخ رسلان، وحينما يأتي الرجل لرئيس القطاع الديني، ويتعهد بالالتزام الكامل بتعليمات الوزارة، فلا بد أن يأخذ فرصته، ونحن نتابع مساجدنا ولا يوجد لدينا تمييز سلبي أو إيجابي لأحد، والأساس في الأوقاف ضبط شئون المسجد، وأي إنسان يلتزم بالتعليمات ما دام ينطبق عليه الشروط نعطي له الفرصة، إن التزم يسري عليه ما يسري على الملتزمين.. ومن يخالف يسري عليه ما يسري على المخالفين؛ لأننا نعمل في دولة قانون.
هناك شعور عام أن وزارة الأوقاف تهادن التيارات السلفية بدليل أن بعض المساجد تسيطر عليها التيارات السلفية سواء الوهابية أو المدخلية والبعض لديها معاهد.. فما ردكم على ذلك؟
ليس دوري كوزارة الأوقاف التصنيف، إنما عندي ضوابط وقواعد وتعليمات، وأجهزة الدولة متعددة وتشوف "مين الخطأ ومين اللي مش خطأ" وأنا بالنسبة لي أضع ثلاثة ضوابط أساسية لمن يعتلي المنابر أولها: أن تنطبق عليه شروط الخطابة، وأن يكون خريج إحدى الكليات الأزهرية، وملفه المستندي تنطبق عليه الشروط، وألا يكون عنده مواقف تضر بالوطن «وده مش أنا لوحدي اللي بقيمه بل يوجد تقييم شامل من الأجهزة على الرجل الذي يصعد المنبر، وإذا ما كان يشكل خطورة على الأمن القومي أو الوطني، وهل له انتماءات تنظيمية أم لا».
وأي شخص لديه انتماءات تنظيمية وصعوده للمنبر يمكن أن يخل بالأمن الفكري أو الأمن المجتمعي سيتم استبعاده فورا، لكن أنا جاني واحد تنطبق عليه كل شروط الخطابة، وكل الأجهزة تؤكد أنه لا يشكل خطرا على الأمن الفكري ولا على المجتمعي، ثم بعد ذلك فالرجل ملتزم بتعليماتي، وأظن أنه من الإقصاء المرفوض أن نتعسف وتكون أحكامنا شخصية وليست مؤسسية ولا موضوعية، لأن المسألة لو تركت للانتقائية "دا يجي ودا ميجيش" ولو دخلنا في الإقصاء والإقصاء المضاد على تصنيفات مطلقة ربما دخلنا في مناطق شائكة يكون ما يترتب عليها من مشكلات أكثر ما يترتب عليها من مصالح.
وما الذي يجب أن تلتزم به المؤسسات حيال ذلك؟
لو في جماعة صُنفت تصنيفا إرهابيا فأنا ألتزم بهذا وما يوجبه القانون، وأي شخص يثبت انتماءه لتصنيف إرهابي، أو متطرف أو يضر بالأمن القومي أو المجتمعي فأنا أتخذ فيه إجراء، وإذا كان هناك حكم قضائي ننفذ الحكم؛ فإنهاء الخدمة لا يكون إلا بأمرين حكم قضائي أو الانقطاع عن العمل، لأننا في دولة القانون ونحترم المؤسسات القانونية، ولن ننهي خدمة أحد بغير القانون سواء بحكم قضائي يقول إن المتهم محكوم عليه بقضايا إرهاب، أو الانقطاع، ومن يحمل فكرا تنظيميا يتم تجنيبه كباحث دعوة، أو عامل إداري ولا يتعامل مع الجماهير.
وبماذا تفسر انتشار كتب عكس كل الأفكار المطروحة وفي أماكن لها تأثيرها ؟.. وهل تضمن أن مساجد الأوقاف خالية من تلك الكتب؟
طبعا لدينا متابعة دءوبة وفحص مستمر وتنقيح دائم للمكتبات، والحقيقة أن هذا أمر مهم جدا والمساجد خط أحمر، لكن دور النشر التي تتبع الجماعات والتيارات المتطرفة أو المحسوبة على الجماعات الإرهابية يجب أن يعاد النظر في أمرها؛ وقد قمنا بالحد الأدنى في تحصين مساجدنا ومكتباتنا.
بعد 5 سنوات من العمل الجاد في تهيئة الخطاب الديني.. ما أبرز المشروعات التنويرية التي تتعمق في صلب تجديد الخطاب الديني؟
في البداية فندنا ضلالات الإرهابيين ودعاوى الجماعات المتطرفة، ثم من خلال المقالات والدروس والندوات استطعنا تهيئة المناخ العام، لأن الجمهور لن يتقبل فكرة التجديد دفعة واحدة؛ والآن دخلنا عمق التجديد من خلال كتاب "الفهم المقاصدي للسنة النبوية" وهو المشروع الأول واستعنا بـ6 نماذج تطبيقية من الأحاديث النبوية، واقترح بعض الشباب من الوزارة تطبيق ذلك على أحاديث البخاري ومسلم، شرط معرفة ظرف الحدث ومتغيراته؛ ثم التأكيد على أن العلماء والفقهاء أكدوا أهمية فهم المقاصد العامة للتشريع، لأنها الميزان الدقيق الذي تنضبط به الفتوى ومسيرة تجديد الخطاب الديني، والمحافظة على مقصود الشرع، لأننا في حاجة إلى قراءة مقاصدية عصرية تتواكب مع روح العصر ومستجداته، وضرورة فهم "الثابت والمتغير" مثل العبادات والصوم ومعظم ما يتصل بحياة الناس والحكم والمعاملات، وابن القيم يقول _وهو عمدة عند بعض الناس _ من أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب، على اختلاف عرفهم وأزمانهم فقد ضل وأضل، فتجاهلت تلك الجماعات عن عمد أو جهل ما قاله من أجل تحقيق مكاسب دنيوية.
كتب التراث والسير خاصة في التاريخ الإسلامي نرى فيها الجانب الدموي بارز بشكل واضح.. فما ردكم على ذلك؟
هذه الكتب تم كتابتها لتصوير ظروف وأحداث معينة، لكن بعض الكتب تم تنقيحها، ونؤكد أن الإسلام لم يكن إطلاقا دمويا، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان داعيا ومعلما والأصل في الإسلام قوله تعالى" ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".. أما بعض الكتب التي عُنيت بالمعارك والحروب فقد اقتصرت على جانب من الحياة؛ ويوجد العديد من الكتب التي سجلت حياة الزهد ومكارم الأخلاق والآداب والجوانب الإنسانية في الإسلام.
لماذا يحاول البعض تسليط الضوء على الإسلام من تلك الزاوية؟
من الخطأ الشديد أن نأخذ صورة الإسلام بقراءة علم واحد، وحينما نقرأ جملة ما كُتب من التراث حول المعارك والحروب التي مرت بها الدولة العربية على مدار تاريخها المختلف سنجد أن لها مثيلا في التاريخ الأوروبي والأمريكي، وأضعاف ما في تاريخنا العربي من حروب ومعارك، وحينما يأتي بعض الناس ويسلط الضوء على تلك الزاوية دون غيرها من الزوايا ربما تظهر له مكبرة، مع العلم أن الكثير منهم لم يدرس التاريخ أصلا.. ومعظم الناس تركز على الفقه والحديث والتفسير والعقيدة، فعمليات الغزو الفكري ركزت على علمين كبداية هما الأدب والتاريخ، لأنه كان من الصعب الدخول من الخطاب الديني في القرون الأولى، فاشتغل المحتل على أمرين هما الأدب والتاريخ.. ولذلك كانت العناية بكتابة السنة والأحاديث الصحيحة ولم يأخذ الأدب والتاريخ العناية نفسها، لذلك كان من السهل اختراق التاريخ والأدب، وأنا اطلعت على بعض الكتب وتأكدت أنها من البداية إلى النهاية مدسوسة، وأحداثها بها كثير من التلفيق، ونحن نحتاج إلى إعادة قراءة جادة للتراث.. وأقول إن دراسة المنطق شيء مهم جدا لفهم التراث وقضاياه المعقدة.
هل وزارة الأوقاف بأدواتها نجحت في الوصول إلى كل الأطراف بحيث نقول إننا نعزف نغمة واحدة، أم أنك ترى وجود مناطق يجب الدخول إليها والسيطرة عليها وعدم تركها حتى لا تمثل بؤرا جديدة لكل ما تقاومه الوزارة؟
في وزارة الأوقاف قسمنا الشغل على مرحلتين الأولى هي مرحلة التخلية من خلال حجب أصحاب الفكر المتطرف عن العبث بعقول الناس.. وأظن أننا قطعنا في تلك المرحلة شوطا كبيرا، لكن النقلة النوعية نسير فيها بخطوات جيدة، وما نعمل عليه هو تكثيف برامج التدريب لنحول حالات الاستنارة من الفردية إلى الجماعية بين الأئمة وأساتذة الجامعات وسننتقل بالندوات المقبلة إلى المحافظات والجامعات والمدارس والمصانع، وقطعنا إلى حد كبير دابر التطرف.. وأغلقنا الباب عليه في كثير من المجالات وملأنا الفراغ بشكل منطقي؛ لكن التحول بالقناعات للتجديد والفهم تحتاج إلى بناء جيل.. صحيح أننا نسابق الزمن فيه ونبذل أقصى طاقة لكن الموضوع يحتاج إلى بعض الوقت.
القضية ليست منهج دين سيتم تدريسه في المدارس بل طريقة تفكير جديدة في اللغة والتاريخ والجغرافيا فهل حدثت أي لقاءات بينك وبين وزير التربية والتعليم خصوصا أنه يتحدث عن مشروع جديد بحيث نستطيع الحديث في التفكير العلمي الذي يوضع في المناهج لأن تطوير التعليم ليست جهاز "التابلت" بل المنتج الذي سيدخل عقول الأطفال؟
برنامج الحكومة يقوم على عملية متكاملة بين وزارات الأوقاف والتربية والتعليم والتعليم العالي، والثقافة ولا شك أن بيننا أعمالا مشتركة واسعة جدا، وأتصور أن وزير التربية والتعليم مع الفريق الذي يعمل معه يحاول أن يجتهد في النظام التعليمي لعمل نقلة من خلال الفريق المتخصص؛ وأملنا أن تحدث تلك النقلة في ظل اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بقضايا التعليم والصحة وهو ما يعطي دفعة كبيرة جدا لهذا التوجه، وتقريبا وزير التربية والتعليم يؤكد دائما على نفس الفكرة، وهي نقل الناس من مرحلة "التلقين إلى مرحلة التفكير" ودائما ما أؤكد أن ضمن الفهم السطحي في فترة من الفترات أن كل ما يطلق على العلم كان يؤخذ على أنه العلم الشرعي فقط؛ لأن المولى سبحانه وتعالى قال: "هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ " معقبا: في كله سواء في الطب أو الهندسة أو الفلك أو غير ذلك من العلوم.
>> زرت سيناء أكثر من مرة للتأكيد على الدعم الكامل لقوات الجيش والشرطة في العملية الشاملة.. فكيف واجهت الأوقاف الأفكار الظلامية وقوى الشر في سيناء؟
دائما ما نؤكد أن أفضل تحصين لسيناء هو عمارتها بالبشر، وأول مناط الاهتمام هو الاهتمام البشري، بما يصاحبه من كل جوانب التنمية وعمل تحفيز جاذب، لأن أي دولة تجعل المناطق الحدودية مناطق جاذبة لا طاردة سواء في سيناء أم مطروح أم الوادي الجديد أو البحر الأحمر، لأن الدول لا تؤتى غالبا من داخلها وإنما من أطرافها وحدودها، فكلما كان هناك تحصين للحدود بقوة بشرية وتنمية حقيقية وهي مساحات قابلة للنماء، كل ذلك يؤدي إلى استقرار الدولة؛ وواجبنا أن نجعل هذه المناطق كلها جاذبة لا طاردة، وهو شيء تسير فيه الدولة المصرية من إعطاء حوافز استثمارية وإقامة والحقيقة وزارة الأوقاف تعطي لسيناء والأئمة فيها أولوية خاصة، ففي مسألة الإيفاد نشترط أن يكون الإمام مر عليه 8 سنوات، وفي سيناء نسمح للتقدم بعد 4 سنوات، بدل المدارس القرآنية والعلمية في سيناء مضاعف 100% بالإضافة للحوافز التي تصرفها المحافظة والدولة وهي 300% بدل اغتراب بالإضافة لجميع البدلات؛ وسنفتتح 3 مراكز للثقافة الإسلامية هذا العام في بئر العبد والحسنة والعريش، ودفعنا فيها بمجموعة من الشباب المثقفين المتميزين، بالإضافة إلى أننا نعطي الأولوية في عمارة المساجد في شمال سيناء، وأدرك أن جميع الوزراء في المؤسسات سيجعلون سيناء أولية.
>>وماذا عن سن القبول في المراكز الثقافية الإسلامية؟
في الحقيقة كنا نقف في القبول على سن 55 عاما، وبإذن الله قد نفتحها حتى 60 لأننا نريد أن نفتح المجال، ففي البداية كان يوجد لدينا 5 معاهد، ثم رفعناها إلى 10 معاهد وفي هذا العام وصلنا إلى 28 مركزا للثقافة الإسلامي –مراكز إعداد الدعاة سابقا – ونأمل خلال عامين الوصول إلى 50 مركزا لتكون المراكز متاحة في المدن الكبرى لزيادة عملية التثقيف خاصة وأن المناهج أصبحت مستقرة، وننتقي الأساتذة من جامعة الأزهر أو من الأئمة المتميزين الحاصلين على الدكتوراه، وهي وسيلة لنشر الفكر الصحيح حتى لا يضطر الناس إلى أخذه من غير المتخصصين.
>> بالانتقال للأئمة.. يشتكي الكثير منهم بسبب الأوضاع المادية وفي المقابل العديد من الأئمة حينما يصعد على المنبر تكون الخطبة حافلة بالأخطاء اللغوية.. فكيف يمكن مراجعة هذا الأمر؟
النادر لا يقاس عليه.. وأنا قلت أراهن أن جميع الأئمة الجدد الذين عينوا فترة تولينا الوزارة هم على مستوى مشرف ومتميز، ولا يعين إمام أو خطيب مكافأة جديد إلا إذا كان مؤهلا لصعود المنبر، ونحن انتهينا من تعيين 2000 إمام وبصدد تعيين 3000 إمام آخرين، بالإضافة إلى الارتقاء بالمستوى التدريبي بضعف هذا الرقم مرتين من خلال الدورات التدريبية، ورفعنا كفاءة الأئمة الآخرين نسبيا بالتدريب المستمر؛ وكل يوم نسير للأفضل ويوجد لدينا نماذج مشرفة جدا من أفضل الأئمة المتميزين في المساجد الكبرى بالحسين وعمرو بن العاص ومسجد الفتح، والسيدة زينب.
>> مشاركة هيئة الأوقاف في المشروعات الاستثمارية يشير لوجود ملامح لخطة استثمارية جديدة.. فماذا عن تفاصيل تلك الخطة في استثمار أموال الهيئة؟
أول خطوة وما نؤكد عليه أننا في هيئة الأوقاف يضبطنا أمرين: ضوابط شرعية ولا مصلحة لأحد ولا نية أو رغبة في المساس بها، بل على العكس، الجميع يحرص على أن يكون مال الوقف في ضوابطه الشرعية والقانونية، ومال الوقف مصون بسياق قوي من الشرع والقانون، والحمد لله قطعنا شوطا كبيرا جدا وقبل نهاية العام الحالي نكون انتهينا من العملية الشاملة للحصر الورقي ورفعه مساحيا، وكان آخر أطلس للأوقاف عام 1924 والآن بصدد تحديث أطلس جديد بمعرفة هيئة المساحة بكل أعيان الوقف، ومن المتوقع أن ننتهي منه في يناير 2019، والهيئة خلال العام الحالي حققت أعلى عائد في تاريخها بزيادة 50% عن العام الماضي، والوقف الآن بدأ توظيفه التوظيف الأمثل وعملنا بروتوكولا مع وزارتي الإسكان والتضامن لتوفير 100 مليون جنيه لسكن كريم في 5 محافظات (المنيا وأسيوط وسوهاج والأقصر وقنا) وخصصنا 100 مليون جنيه لدعم صندوق الوقف بناء على تعليمات رئيس الجمهورية لدعم التعليم والبحث العلمي، بالإضافة إلى 100 مليون جنيه لزواج اليتيمات والفقيرات والمرضى ومساعدة الطلاب والأسر الأولى بالرعاية، وميزانية البر تم مضاعفتها 1000% خلال الأربع سنوات الماضية كانت 32 مليون جنيه وتجاوزنا 300 مليون جنيه سنويا، وجزء منها يذهب لعمارة وصيانة المساجد والمدارس العلمية والقرآنية وتحسين دخل الأئمة وكل أنشطة القرآن الكريم والمدارس القرآنية، وخلال الفترة المقبلة يوجد خطة متكاملة مع لجنة استثمارات الأوقاف برئاسة مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية المهندس شريف إسماعيل، واللجنة تعمل بخطة شاملة، في الحصر والاستثمار وخطة لتدريب ورفع كفاءة جميع العاملين بالهيئة وهي أهم نقطة لتدريب الكادر البشري في الشئون القانونية والموارد البشرية لرفع الكفاءة بشكل حقيقي وإعادة توظيف بناء على قياس المستوى سواء الهيئة أو الوزارة ووضعنا خطة خلال 7 أشهر نكون دربنا جميع العاملين بهيئة الأوقاف.
>> هل فكرت في الاستعانة ببعض الخبراء الاستثمارين في هذا الملف؟
بالطبع.. يوجد تنسيق كبير جدا مع وزير الاستثمار للاستفادة من كفاءات متخصصة بوزارة الاستثمار ونحن نؤمن بالتخصص.
>> ماذا عن آلية تعيين القيادات في الوزارة؟
أنا بصدد نشر قرار وزاري لآلية تعيين القيادات، وفي آخر إعلان اشترطنا أن يكون لدى المتقدم الحد الأدنى من اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي والثقافة العامة، وستنشر قريبا مذكرة لرؤساء القطاعات في الوقائع المصرية بآلية اختيار أي قيادة ابتداء من مدير إدارة وجزء منها امتحان اللغة العربية بحيث إن الإمام المعين حديثا هو مشروع عالم، فمن يتقدم للسفر للخارج أو بعثات الحج أو المدارس العلمية والمراكز الثقافية لابد أن يكون نموذجا متميزا، وهذا جعل الغالبية العظمى تجتهد لتطوير نفسها، ففي رمضان الإمام الذي يحسن القراءة ويحفظ القرآن نعطي له 2000 جنيه زيادة عن زميله، ومن يدخل المدرسة العلمية يأخذ 300 جنيه زيادة وكذلك القرآنية 300 جنيه والمقارئ 160 جنيه، وخطبة العيد 200 جنيه فنجد الإمام المتميز يحصل على زيادات نسبية عن الإمام المتوسط، فبدأت الناس كلها تجتهد، أما القلة المتبقية فنستفيد منهم في مفتشين المقارئ أو مفتش عام، لكن ليس اليوم كالأمس ولا الغد كاليوم.. فكل يوم نكسب فيه خطوات في كل الاتجاهات ومسألة التدريب والتثقيف لا تتوقف.
>> أصدرتم مؤخرا كتابكم "الفهم المقاصدي للسنة النبوية".. فما الهدف منه وماذا عن محتواه؟
في فترة من الفترات كان المجلس الأعلى للشئون الإسلامية قاطرة للثقافة الإسلامية الصحيحة، من خلال الطبع والنشر، ثم ظهرت الجماعات الإسلامية وبدأت التمويلات تضخ عليها ببذخ شديد، وأصبح لهم دور للنشر ويوزعون الكتب بالمجان في كثير من الأحيان، وحينما كانوا يعيدون قراءة التراث كانوا يقومون بأعمال انتقائية، بعضها معني بالتدين السياسي، وهو الخاص بجماعة الإخوان التي تؤسس لمنهج الخلافة والإمارة والتمكين والسمع والطاعة لمرشد الجماعة، ويوجد جماعات أخرى ركزت على الشكل والمظهر دون الاهتمام بالجوهر، وأخذت الجانب الشكلي واعتبرته هو الأساس الوحيد للتدين.
وكتاب" الفهم المقاصدي للسنة النبوية" يتناول بالشرح والتبسيط بعض الموضوعات والنماذج التطبيقية للقراءة العصرية للنص النبوي لإنارة الطريق أمام مزيد من الدراسات في هذا الاتجاه في إطار ضرورة التفكير وإعمال العقل عند قراءتنا للنصوص، وصحيح السنة وثابتها مع التفريق بين النظر إلى النص وإلى ما كتب حوله من شروح أو حواش أو رؤى عامة أو خاصة، فلا نضفي على الشرح قداسة النص ولا نلبس المتغير ثوب الثوابت.ومن الأمثلة اليسيرة للفهم المقاصدي ما يتصل باستخدام السواك الذي تحدث عنه الفقهاء فقالوا في حكمته : مطهرة للفم، ومرضاة للرب، وإصابة للسنة، حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِى أَوْ عَلَى النَّاسِ لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلَاةٍ" والقصد من السواك طهارة الفم والحفاظ على رائحته الطيبة، وإزالة أي آثار لأى رائحة كريهة مع حماية الأسنان وتقوية اللثة، وهذا المقصد كما يتحقق بعود السواك المأخوذ من شجر الأراك يتحقق بكل ما يحقق هذه الغاية، فلا حرج مِن فعل ذلك بعود الأراك أو غيره كالمعجون وفرشاة الأسنان، أما أن نتمسك بظاهر النص ونحصر الأمر حصرًا ونقصره قصرًا على عود السواك، ونجعل من هذا العود علامة للتقى والصلاح بوضع عود أو عودين أو ثلاثة منه في الجيب الأصغر الأعلى للثوب مع تعرضه للغبار والأتربة والتأثيرات الجوية ونظن أننا بذلك فقط دون سواه إنما نصيب عين السنة، ومن يقوم بغير ذلك غير مستن بها، فهذا عين الجمود والتحجر لمن يقف عند ظاهر النص دون فهم أبعاده ومقاصده، ولذلك فنحن في حاجة إلى قراءة مقاصدية عصرية للسنة النبوية، تتواكب مع روح العصر ومستجداته.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"