رئيس التحرير
عصام كامل

العرب وخياراتهم التائهة


من يتابع ما تجرى مناقشته من مواضيع في إعلامنا لا يجد صعوبة في إدراك أننا أمة تائهة، ليس فيها منار هدى ولا علم يرى، كما أنها لا تدري من أين أو إلى أين!!.


مفكرون (إستراتيجيون!)، لكنهم مياومون، يفكرون بالقطعة وينظرون باليومية، إذ لا مشكلة لديهم على الإطلاق أن يكونوا ضد الإخوان والقاعدة في مصر ومعهم في سوريا، لا فارق بينهم وبين من يذرف الدمع بعد سماعه موسيقى جنائزية قبل أن ينتقل فورا إلى الرقص على أنغام الراقصة اللولبية بديعة الكلوباتية.

حتى عندما يقوم قسم من المشار إليهم بتأييد المقاومة أو قائدها فإنهم يفعلون ذلك انطلاقا من حالة حماسية انفعالية وليس من رؤية ثابتة يعملون على شرحها وتعميمها لحقيقة الصراع الدائر في المنطقة، ولذا فلا عجب أن يتنقل هؤلاء بين المعسكرات المتناقضة وفقا لضرورات العيش الرغد وليس المشترك!!.

الإخوان المسلمون، الذين أرسلوا وزير خارجيتهم وأمين جامعتهم إلى واشنطن ضمن وفد الذل والعار، بقيادة العجل القطري، مقرين بمطالب الصهاينة بتبادل الأراضي الفلسطينية، ولم يبق سوى الإقرار التام بيهودية الدولة، لم يشعروا بأدنى ذرة خجل ولا حياء عندما دعوا لتظاهرة (دفاعا عن القدس) بعد تضييعهم لما تبقى منها بفاصل بضعة أيام فقط لا غير، خاصة وأن الرأي العام مشغول عنهم بأشياء لا نعرف ما هي؟!.


ليس هناك خط ثابت ولا رؤية عربية أو إسلامية يطرحها أو يدافع عنها مفكرون لم يعودوا يفكرون رغم أنه بات واضحا أن المنطقة أضحت مقبلة على خيارين لا ثالث لهما.. إما حرب مجلية أو سلم مخزية لن يتمكن بعدها قومي ولا إسلامي، أن يتشدق بعروبة ولا بإسلام، حيث لن يرفع في المنطقة سوى رايتي الصهيونية والوهابية.. أما الباقون،إن بقي منهم أحد، فهم أهل ذمة!!.

يبدو واضحا أن أحدا لم يعد ينطلق من مشروع فكري لا قومي ولا إسلامي ولا علماني، يحدد رؤيته لما يجري في المنطقة من أحداث، إذ لو كان لدى هؤلاء رؤية تتحدث عن أمة عربية أو إسلامية واحدة لها تاريخ وجغرافيا كما كنا نتعلم في المدارس، لاتخذوا موقفا واضحا ولسمعنا صوتهم ولما لزموا صمت القبور!!.

يتوهم البعض أننا نعيش في عصر الأيديولوجيا، (زمن الإخوان)، وهو ما لا يبدو مطابقا للواقع، إذ أن الإخوة والرفاق مجتمعين أو منفردين، قد تجاوزوا عصر الأيديولوجيا بسرعة أعلى من سرعة الضوء رافعين شعار: الدنيا متجر كبير والدولار أصدق أنباء من الشعارات والكتب!!.

الجريدة الرسمية