وحدة الكنائس.. خطوات نحو التقارب بين الطوائف المسيحية
كنيسة الله واحدة.. إيمان لا يقبل التشكيك راسخ في قلب جميع المسيحيين، والطوائف ما هي إلا نتاج تدخلات بشرية أسفرت عن الانقسام الموجود الآن على الساحة، ويسعى الجميع إلى الوحدة مرة أخرى، وتقام على فترات صلوات كثيرة يشارك فيها رؤساء الكنائس من أجل «وحدة الكنيسة»، وعودتها إلى سنواتها الأولى.
ويتعامل الله - بحسب الإنجيل - مع جميع أفراد الطوائف رغم عديد أفرادها، باعتبارهم وحدة واحدة، وهو ما يظهر في رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية «هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح وأعضاء بعضًا لبعض كل واحد للآخر».. كما كتب للكورنثيين «فإننا نحن الكثيرين خبز واحد جسد واحد».
وتسعى الكنائس إلى الوحدة من خلال لقاءات لاهوتية وروحية، وبعض النشاطات الهادفة إلى التقارب، وردم الهوة، وإيجاد صيغ لتذليل المعوقات والعراقيل أو للتوافق على بعض التفاسير اللغوية أو لتوضيح معاني بعض التعبيرات اللاهوتية.
الحديث عن «وحدة الكنائس»، زاد في الأيام الأخيرة، ربما شعر قادة الطوائف أن الوحدة هي الخيار الأمثل في ظل الظروف الحالية.
البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، لم يترك مناسبة تقريبا منذ أن تولى منصب البطريرك، إلا ويشير إلى ضرورة الوحدة، وقال في مناسبات كثيرة «إن وحدة الكنائس تحتاج إلى صلواتنا جميعا.. والكنيسة ظلت واحدة، دون أن تظهر الطوائف لمدة 5 قرون».
وأوضح البابا «أن المرض ضرب الكنيسة مما تسبب في انقسامها، وذلك لأسباب عديدة منها اللغة، وحب الذات، وهو المرض الأخطر الذي ضرب الكنيسة»، مشيرا إلى أنه عندما حدث انقسام الكنيسة في القرن الخامس.
وأكد البابا تواضروس أن الأصل في الكنيسة هو «الوحدة»، مشيرا إلى أن المحبة هي السبيل الوحيد لعودة الكنيسة إلى وحدتها في صورتها الجميلة.
كما رجح البابا تواضروس أن الانقسام كان نتيجة لاختلاف تفسير بعض الآيات، لكن في النهاية الجميع مسيحيين وكتابهم المقدس واحد، وفضل البابا استخدام مصطلح «الوجود المشترك»، بدلا من الوحدة، تحسبا لأن تفهم الوحدة على ضرورة أن يكون الإيمان واحدا.
الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تدفع في هذا الاتجاه بقوة، حيث بثت فيديوهات عبر صفحة المركز الإعلامي، للأنبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس السابق، يتحدث خلالها عن الوحدة يقول فيها «إن هناك مجهودات تبذل في مجال وحدة الكنيسة يجب أن ينظر إليها بعين الاعتبار.. مثل الزيارات المتبادلة بين رؤساء الكنائس»، مشيرا إلى أن البابا الراحل شنودة الثالث زار معظم الكنائس في العالم، ويواصل البابا تواضروس المسيرة.
البابا تواضروس وضع أيضا خطوات نحو الوحدة، وشرح أهمية كل منها، وأول هذه الخطوات هي بناء علاقة أساسها حب المسيح بين الكنائس الأخرى، وفي سبيل ذلك زار البابا عددا من الكنائس في أوروبا وأمريكا وأستراليا، كما التقى عددا من قادة الطوائف والكنائس في القاهرة.
وأوضح البطريرك أن الخطوة الثانية هي دراسة الطوائف الأخرى، تاريخها وعقيدتها، في محاولة لفهم الطوائف المسيحية الأخرى.
وراهن البطريرك على الحوار بين الكنائس للوصول إلى نقاط الاتفاق والاختلاف، وشدد على ضرورة أن يكون هناك حوار مجتمعي بين الكنائس جميعها إذ كان هناك رغبة في الوحدة، كاشفا أن هناك حوارا مع الكنيسة البيزنطية والروسية والإنجليزية.
واختتم البطريرك أن الخطوة الأخيرة والأهم هي الصلاة من أجل وحدة الكنائس التي هي غاية المسيح.