رئيس التحرير
عصام كامل

تحية كاظم تحكي قصة اللحظات الأخيرة للزعيم

فيتو

كتبت تحية كاظم زوجة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، في مذكراتها، بعنوان "ذكريات معه"، عن اللحظات الأخيرة في حياة الزعيم تقول:


شهد شهر سبتمبر 1970 مأساة الاعتداء على الفلسطينيين في الأردن وتم إعداد قمة عربية في الهيلتون، وبذل الرئيس جهدا هائلا خلال أيام المؤتمر، وجاء يوم 28 سبتمبر حيث قام الرئيس بتوديع أمير الكويت لسفره، رجع من المطار في الثالثة بعد الظهر وعند خروجى من حجرتى وجدت ابنتى هدى تستعد لتذهب إلى بيتها، وقالت لى هدى بصوت خافت: بابا تعبان وسينام.

رآنى وقال لى: تعالى يا تحية.. فدخلت الغرفة وأشار لى بيده وهو راقد على السرير أن أجلس.. جلست على طرف السرير فسألنى: هل تناولت الغداء يا تحية؟ قلت له: نعم تناولته مع الأولاد.
قال: أنا مش حاتغدى، أشار لى بيده أن أبقى كما أنا جالسة، وكان راقدا لم يتكلم.

حضر الدكتور الصاوى حبيب، وقمت كعادتى عند دخول الأطباء الحجرة، فقال الدكتور نريد عصيرا، وأحضرت عصير برتقال وليمون جهزته بنفسى بسرعة، اختار جمال كوب البرتقال وشربه وأنا واقفة وقال لى متشكر.
وفجأة حضر دكتور القلب الخاص منصور فايز، فقلت له: أنت جيت ليه يا دكتور دلوقتى أنا لما بأشوفك بأعرف أن الرئيس تعبان وبكون مشغولة.

قال: أنا معتاد أحضر كل أسبوع يوم الإثنين، واليوم الإثنين ودخل للرئيس، دخلت حجرة المكتب وسمعت الرئيس يتحدث في الراديو.
قالت لى منى ابنتى: بابا بخير وبعد دقائق جاء الطبيب الاختصاصى وقال: الرئيس الآن تحسن يمكنك الدخول إليه. 
بعد لحظات خرج الدكتور الصاوى مسرعا وقال تعالى يا دكتور، ودخل الدكتور يجرى، ومنعتنى منى من دخول حجرة الرئيس وقالت إن بابا بخير لا تخافى يا ماما واجلستنى في حجرة المكتب المجاورة وجلست معى.

وبعد فترة حضر دكتور آخر ثم ثالث، فدخلت عليه وجدت الأطباء يحاولون علاجه، وكنت أخرج أبكى ثم أدخل حتى لا يرانى الرئيس وأنا أبكى.
دخلت عليه مرة ثانية وازداد بكائى، ثم حضر حسين الشافعى ومحمد حسنين هيكل، وكل واحد يدخل الحجرة ولا يخرج منها وأنا أبكى. 
أصرت منى على إخراجى من الحجرة، ووجدت الكل يخرج من الحجرة وينزل السلالم فدخلت حجرة الرئيس مسرعة ووجدت حسين الشافعى يبكى ويقول: مش معقول يا ريس.
حضر خالد وعبد الحكيم ولم يكونا في البيت ودخلا عليه، ودخلت أنا ووقفت بجواره أقبله وأبكيه، ثم خرجت من الحجرة لأبدل ملابسى بملابس الحداد ونزلت إلى الدور الأول فوجدت الكل.. سكرتارية الرئيس والأطباء وهيكل وحضر أنور السادات، قلت لهم في تلك اللحظة لا أطلب منكم شيئا أبدا، لكن أريد أن يجهز لى مكانا بجوار الرئيس لأكون بجانبه، كل ما أريده أن أرقد بجواره.

جاء لى هيكل والدكتور الصاوى وطلب مني الصعود إلى حجرتى وأعطانى الدكتور حقنة وبضع حبات من الدواء، وجاء عبد الحميد ابنى من الإسكندرية ــ حيث يدرس ــ وهو يبكى وقال: قالوا لى أن بابا تعبان وحضرت في طائرة ودخلت هدى ومنى.

لم أدرى كم مر من الوقت، وفجأة قالت هدى لقد أخذوا بابا إلى قصر القبة، فقلت: حتى الآن أخذوه، وينتهى المسار بمشهد الجنازة.
الجريدة الرسمية