فلا كعبًا بلغت و لا كلابا!
البشر.. صنفان فى التعاطى مع ما أنعم الله به عليهم، أحدهما: يشكر الله على ما آتاه من فضله، وثانيهما: ينكر فضل الله عليه، ويتحول إلى شيطان صغير، يسلك سلوكه فى الكبر والغرور، وصولا إلى حالة من النرجسية المفرطة، التى إن تملكت من صاحبها أهلكته وقضت عليه؛ كونها مرحلة انتقالية لحب الذات المبالغ فيه..
وتشعر الشخصية النرجسية بالعظمة، وبأنها شخصية أسطورية، نادرة الوجود، تحب نفسها كثيراً، تنتظر من الآخرين احتراماً وإكبارا مبالغا فيه، لشخصها وأفكارها.
والشخصية النرجسية، بمنظور علم النفس، ابتزازية متملقة، وصولية تسعى لتحقيق أهدافها ومصالحها على حساب الآخرين، كما أنها شخصية غيورة متمركزة حول ذاتها، تحب تقلد المناصب لا لخدمة الآخرين بل لأهدافها الشخصية، وتعشق نفسها بصورة تفوق الوصف، لا تفكر إلا بذاتها،لا تقبل انتقادا من أى شخص.
تتصف الشخصية النرجسية بسوء المعاملة مع الآخرين وفرط الحساسية تجاههم، والنرجسيون يرون أن أفكارهم هي الصحيحة والسليمة، أما أفكار الآخرين فهي مجرد تفاهات يتفوهون بها، أي بمعنى سياسة نفي الآخر وإرهابه بالهجوم المضاد.
الشخصية النرجسية غير واثقة من نفسها داخلياً، وأي نقد من قبل الآخرين يشعرها بالغضب أو بمشاعر من المهانة والإذلال، و النرجسي شرير لا يعرف الرفق ولا الرحمة، وينتظر الفرصة السانحة له لرد الصاع صاعين لكل من يقف في طريقه.
ولهذا يمكن القول: إن الفرق بين الأفراد في النرجسية هو فرق في الدرجة لا في النوع، ومن صفاتها: الاستغراق في الشئون الداخلية بدرجة كبيرة، الهدوء المتكلف أو المصطنع، الطموح الزائد بأي وسيلة، الشعور بالعظمة مع مشاعر شديدة بالنقص، الرغبة الملحة في البحث عن الشهرة، عدم مقدرتها على الحب والتعاطف مع الآخرين، الشعور بالملل والضيق والفراغ، استغلال الآخرين، الانشغال بأوهام النجاح غير المحدود، لأنها شخصية مريضة نفسياً ، تعاني من مرض مزمن كباقي الأمراض المزمنة الأخرى، يصعب علاجها.
وأنا شخصيا عندما أقابل واحدا من هؤلاء، خاصة ممن ينكرون ماضيهم، أردد أمامه قول القائل:
فغض الطرف إنك من نمير.. فلا كعباً بلغت ولا كلابا.