أغبياء السينما وحمقى السياسة
هل تابعت خطاب مرسى أمام مجلس الشورى؟
أجبت محدثى للأسف لم أستطع لانشغالى بمشاهدة الفنان هانى رمزى فى فيلم «غبى منه فيه».. تابعت بشغف قصة هذا اللص الغبى، الذى وضعته الظروف فى مواجهة شرسة مع غبائه، وقد حاول الشاب، على فترة ليست بالقليلة من مساحة الفيلم الزمنية، أن يكون لصاً ناجحاً لكى يستطيع أن يجهز شقة الزوجية للمزة الجميلة نيللى كريم دون أمل فى تحقيق حلمه، والبت جامدة!!
حاول الغبى أن ينجح فى مهمته كلص، وظل يطالب حسن حسنى بفرصة.. لكى يثبت له أنه قادر.. فرصة واحدة.. فمنحه أكثر من فرصة دون جدوى.. ليهزمه غباؤه مرة تلو الأخرى غير أنه لا يرى أنه غبى، حيث يبدو ذلك من تغزله فى ذاته، كما هى عادة الأغبياء.. يتغزلون فى ذواتهم ويقولون مالا يفعلون، بل ويعدون الناس بما لا يستطيعون فعله.
هكذا.. كان الغبى منه فيه بطلا فوق العادة، يطلب الفرصة، فتضيع بسبب غبائه، حتى ينجح أخيرا فى سرقة بنك مخصص للمرضى من الأطفال، وهنا تبدو فى الغبى نقطة ضوء.. يصحو ضميره فجأة، وينجح للمرة الثانية فى سرقة الأموال المسروقة ليعيدها إلى أصحابها.
وميزة غباء هانى رمزى أنه فى قالب كوميدى، وداخل فيلم سينمائى، ومصيبة غباء الآخرين أنه على مسرح الحياة الواقعية، لذا فإن الأول يضحكنا، والثانى يبكينا، وميزة غباء هانى رمزى أن أقصى أمانيه أن ينجح فى مهمته، وهى سرقة بنك بينما الآخرون يخططون بنفس الغباء لسرقة وطن، وميزة هانى أن غباءه ظل طوال الفيلم تحت سيطرة مخرج ماهر، بينما غباء الآخرين بلا إخراج أو سيناريست.. ومتابعة هانى الغبى سهلة، ممتعة، شيقة، تبعث فى النفس بهجة، وتدفع المرء للإعجاب بهذا النموذج، بينما متابعة الآخرين صعبة، مملة، كارثية، تبعث فى النفس إحباطاً، وهماً، وغماً، وتدفع المرء للانكسار، وربما الانتحار.. وهانى فى أدائه لص، شريف، نزيه، رقيق، سرعان ما يستعيد ضميره دون أن يغلبه غباؤه فيعيد الحق لأصحابه.. بينما الآخرون قساة، غلاظ، دمويون، لا تعود ضمائرهم، حتى عندما يدوسون جثث ضحاياهم بأقدامهم.
هانى الغبى لم يحاول وهو يسرق إصباغ مهمته فى السرقة بلون الدين.. كان لصاً عادياً يعرف أنه يسعى لتحقيق حلمه من حرام، بينما لصوص الواقع يقنعون العصابة أن السرقة نضال، وجهاد، وطريق للفوز بجنة الله فى الآخرة، وكان هانى طوال الفيلم غبيا، أى قليل الفطنة، جاهلا، بينما لص الواقع أحمق، والحماقة هى فساد الرأى، وقلة العقل، ويقولون: لكل داء دواء، يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها، ويقولون: ما يداوى الأحمق إلا الإعراض عنه.
الناس فى العرض الخاص بالغبى هانى رمزى يصفقون له، لأنه ظل طوال الفيلم يناضل من أجل المزة، وعندما حقق الحلم، غلبه ضميره.. ونفس الناس فى العرض الواقعى يصفقون لكن على وجوههم لأن البطل يسرق الوطن طوال الوقت من أجل جماعة، ولا يفيق حتى النهاية، وغباء هانى لا يتعدى حدود القصة المكتوبة، بينما يكتب حمقى الواقع القصة، ويمثلونها، ويستمتعون بها، ويفرضون علينا فصولها، برغم حمق البداية وحمق النهاية.
أخيرا قلت لمحدثى: وماذا قال مرسى فى خطابه ؟ رد قائلا : ليتنى تابعت هانى رمزى!!!