اللواء طيار صلاح عارف: المقاتل المصري أبهر مصانع السلاح بطرق استخدام خارج كتالوج التشغيل
>> حرب أكتوبر كلها مفاجئة والعالم لا يستطيع استيعابها حتى الآن
>> التخطيط هو المفتاح الناقص قبل 67
>> استخدمنا طائرات الهيلكوبتر في أخطر المهام وهي إبرار القوات
>> احتلال إسرائيل لسيناء عجل أمنيتي لأصبح بطلا حقيقيا في ساحة القتال
>> حرب الاستنزاف لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر لأن القوات الجوية نفذت عمليات استباقية خلف خطوط العدو
>> المصريون كانوا السبب الرئيسي في تطوير الهليكوبتر وتزويده بأسلحة وصواريخ للقتال
هناك مفاتيح للنصر وحرب أكتوبر تميزت بأن لها العديد من المفاتيح وهي تناغم الأسلحة مع بعضها لصناعة نصر تحدى كل الدراسات العسكرية حتى الآن، كما كانت القوات الجوية ونسورها المفتاح الثالث والأهم بعد الصاعقة والتخطيط.
هكذا يؤكد اللواء طيار محمد صلاح عارف أحد أبطال حرب أكتوبر في حوار لـ"فيتو" وقال إن فرحة العبور كانت خيالا لا أستطيع نسيانه حتى الآن عندما علمنا أن الساعة قد حانت للأخذ بالثأر وتحرير الأرض، خصوصا بعد مرارة الهزيمة 67، وإلى تفاصيل الحوار الذي يتحدث فيه بمناسبة العيد الـ45 للقوات الجوية:
*القوات الجوية تعرضت للظلم في حرب 5 يونيو 67؟
مع احترامي لكل ما يقال لكن أنا لا أُسمي ما حدث في 5 يونيو 67 نكسه لكنها جولة في الصراع العربي الإسرائيلي الذي بدأ عقب حرب فلسطين وكان من الضروري لدى الدول الاستعمارية وقتها عودة الهيمنة على المنطقة ووجودها أيا كان المقابل خصوصا بعد تحرر معظم الدول العربية والأفريقية بعد مصر وبمساعدة الرئيس عبد الناصر والجيش المصري وما حدث في 67 كان لإسكات عبد الناصر.
أما عن القوات الجوية فبدايتي مع الطيران كمقاتل بدأت بعد تخرجي بأيام قبل 67 مباشرة أخذنا إجازة لعدة أيام نتقدم خلالها إلى شئون الضباط حتى يتم توزيعنا على القواعد والأسراب وخلال هذه الفترة حدثت النكسة كانت أعمارنا تتراوح وقتها من 17:18 عاما فأصابتني الدهشة لكنها لفترة مؤقتة من ألم الهزيمة لأن القوات الجوية كانت نجم الأسلحة وقتها وكنت أحلم بالتحليق مثل الأبطال الذين سمعت عنهم كالفريق محيي الدين أبو العز ونبيل شكري وغيرهم من النسور لكن رب ضارة نافعة، فاحتلال إسرائيل لسيناء عجل أمنيتي لأصبح بطلا حقيقيا في ساحة القتال وقصرت فترة التدريب ليصبح تدريبا عمليا في مسرح العمليات، وبدأ تكليفنا كخريجين جدد بأن نطير بطائراتنا التي كنا نتدرب عليها ونقوم بأعمال بسيطة لكنها مهمة وهي نقل التقارير والأوامر من قيادات القوات الجوية إلى القواعد والمطارات المختلفة ثم انتقلت للعمل على طائرات الهليكوبتر.
*حرب الاستنزاف شكلت الكثير من ملامح النصر في أكتوبر خصوصا للقوات الجوية حدثنا عنها؟
في البداية أحب أؤكد أن القوات الجوية طول عمرها متفوقة سواء خلال حرب الاستنزاف أو قبل ذلك في كل حروب مصر المعاصرة لكن قبل 67 كان التخطيط هو ما ينقصنا والاشتراك مع كل الأسلحة لمضاعفة قوتنا كما حدث أثناء حرب الاستنزاف التي لا تقل أهمية عن حرب أكتوبر لأن القوات الجوية بمساعدة الدفاع الجوي استطاعت القيام بعمليات استباقية خلف خطوط العدو والدفاع الجوي المصري أسهم في عدم تتبع القوات الجوية الإسرائيلية لنا داخل الضفة الغربية وأيضا منع طائرات العدو من ضرب المطارات أو الطائرات على الأرض، كما حدث في 67، وهذا كان أحد أسباب النصر، فالقوات الجوية خلال حرب الاستنزاف كانت تقوم بضرب بعض أهداف العدو وأماكن تمركزاته بفضل المعلومات التي وفرتها قوات الاستطلاع وأيضا كنا نقوم بنقل عناصر الاستطلاع والصاعقة إلى عمق سيناء للقيام بمهامهم بمعنى كنا نتدرب على إنزال فرق الصاعقة بطائرات الهليكوبتر خلف خطوط العدو ليلا ونهارا على ارتفاعات منخفضة وتتعقبنا طائرات العدو ونشتبك معها وهناك الكثير من زملائنا الطيارين استشهدوا أو أصيبوا في هذه العمليات.
ومن أهم المهام التي قمت بها مع زملائي طياري الهليكوبتر عندما قامت القوات الإسرائيلية بالنزول ليلا إلى مطار كفر الشيخ ووضعوا صواريخ صغيرة كنا أعطيناها للإخوة الفلسطينيين لمقاومة العدو في بلادهم فاستطاعت إسرائيل الحصول عليها وزرعها لنا في مطار كفر الشيخ قبل بناء حائط الصواريخ فصدرت لنا الأوامر بأخذها وزرعها في قلب العمق الإسرائيلي في سيناء وبالفعل أخذناها وقمنا بزراعتها في المقرات الإدارية لقوات العدو في قلب سيناء بجبل خربول وأعطيناهم درسا قاسيا لا يستطيعون نسيانه خلال حرب الاستنزاف وكان لي الشرف وقتها في نقلهم إلى أماكن تنفيذ المهام المكلفين بها داخل سيناء دون الخوف من بطاريات الدفاع الجوي المتقدمة فكنا صغارا وقتها لكننا لا نقل مسئولية عن أكبر ضابط في القوات المسلحة فالعدو واحد وظاهر أمامنا وكلنا لدينا الرغبة في اجتثاثه وإعادة الأرض مرة أخرى وتحريرها وتطهيرها من دنسه لأن سيناء الأرض المقدسة غير مرغوب في رؤية أي يهودي أو إسرائيلي فيها لأنهم شعب متعطش للدماء.
*ساعة الحسم والعبور يوم 6 أكتوبر حدثنا عن هذه اللحظات؟
مهما وصفت لن تسعفني الكلمات بشعوري يوم 6 أكتوبر عندما علمنا بساعة الصفر وتوزيع المهام علينا قفزت من الفرحة وقتها وأخذت أردد الله أكبر وكنت أتمنى أن أكون أول طائرة تعبر القناة في هذا اليوم لكن كانت لدي مهمة لا تقل عن هذا العمل وبدأت أول طلعة لي يوم السادس من أكتوبر الساعة الخامسة مساء بابرار مجموعات الصاعقة إلى مناطق صدر الحيطان وتمادا والمليز قبل أن يفيق العدو من شدة الضربة الجوية التي قامت بها المقاتلات الساعة الثانية وضربت مطاراته ومراكز القوى والنقاط الحصينة له وتجمعاته والردارات وقصفت أنظمة الدفاع الجوي بالكامل وأماكن تمركز بطاريات صواريخ السكاي هوك.
وكانت مهمتنا ابرار المشاة والصاعقة والاستطلاع والعودة لأخذ المزيد منهم وكانت مهمتهم تعطيل قوات الاحتياط من التعرض لقواتنا التي تعبر القناة وسلاح المهندسين الذي يقوم بتشييد رءوس الكباري لسرعة عبور الأسلحة الثقيلة ومعدات القتال مع أفواج الجنود والضباط للاشتباك مع قوات العدو واسترداد الأرض المحتلة.
*كيف أصبح الهيلكوبتر سلاحا له أهمية في حرب أكتوبر 73؟
حرب أكتوبر كلها مفاجئة للعالم كله الذي لم يستطع استيعابها حتى الآن فالمقاتل المصري أبهر حتى مصانع السلاح بالطرق التي استخدمها التي كانت خارج كتالوج التشغيل نفسه، أما عن طائرات الهيلكوبتر التي كانت تستخدم في مهام بسيطة ولم يكن لها دور في الحروب استخدمناها في أخطر المهام وهي ابرار القوات، فقبل حرب أكتوبر كان الإنزال والإبرار من مهام القوات البحرية أما في حرب أكتوبر فكانت الهليكوبتر تقوم بإبرار قوات الصاعقة والقوات الخاصة ونقل الجرحى والدم للمصابين على جبهة القتال ليلا ونهارا وكنا نحو 68 طائرة تعمل داخل مسرح العمليات دون خوف من كشف رادارات العدو لنا واستهدافنا عن طريق دفاعاته الجوية بل الأكثر من ذلك كنا ننقل القادة إلى مواقع القتال ودراسة مسرح العمليات على الأرض، فالمصريون كانوا السبب الرئيسي في تطوير الهليكوبتر وتزويده بأسلحة وصواريخ للقتال.