رئيس التحرير
عصام كامل

أبوالريش اليابانى يكشف عورة الحكومة فى التعامل مع ملف الصحة ورعاية النشء.. الأهالى: المستشفى محطة للآخرة.. بطن الإنسان أصبحت "سوستة".. الأوضاع الخدمية تسوء كل يوم عن ذى قبل.. سرقة الدم عادية

فيتو

الأطباء كما هم وكما نُعتوا "ملائكة الرحمة".. أداة الطب لاستئصال آلام بنى الإنسان.. اليد التى تمسح الجبين من مشاق الحياة ومساعى الهموم.. هم كما تعودناهم القلب العطوف واليد الحنون.. لكن يبدو أن الطب أصبح مهنة تكتسب وصنعة تشترى.. فعالم البيزنس والمتاجرة بأحلام الناس باتا السمة الأغلب هذه الآونة.. صريخ أطفال..عويل نساء.. أعين تزرف.. فتلك أم مكلومة بداخلها بركان غضب، يدوى صراخها داخل مستشفى أبوالريش اليابانى للأطفال الجامعى، على طفلها الصغير الذى توفى بعد رحلة عناء طويلة مع المرض.. تنتظر الأم والحسرة تملأ قلبها والحزن يسيطر على ملامحها.


رصدت "فيتو" رحلة المتاجرة بالألم داخل مستشفى "أبوالريش" وعاشت مع الأهالى يوما لترى كيف يتلقون علاجهم ومدى الرعايا الصحية لهم.

البداية كانت مع أهالى الأطفال الرضع أمام الحضانات مفترشين الأرض ينتظرون "الدكتور حازم".

والدة أحد الأطفال أوضحت لـ"فيتو" أنهم فى انتظار هذا الدكتور الذى ظل يتردد اسمه أكثر من مرة على ألسنة الأهالى فى فترة زادت على ساعتين ينتظرونه حتى يطفئ تأجج قلوبهم على أطفالهم ويطمئنهم على صغارهم.
 
وقالت أم الطفل: "بقالى ساعتين مستنيه الدكتور وادينى قاعدة ربنا يفرجها من عنده وييجى عشان تعبت والواد عمال يصرخ".

ورصدت "فيتو" انتشار الأسرة غير الصالحة ملقاة فى ممرات المستشفى كذلك كابلات الكهرباء التى كانت تخرج من مفاتيح الإنارة بالرغم من أن هذه المستشفى مليئة بالأطفال.
 
بنبرة حزينة تكاد تسبقها الدموع روت أم جمال من داخل غرفة جراحة المخ والأعصاب مأساة طفلها الذى دخل المستشفى لإجراء عملية تسليك صمام بالمخ نظرا لما يعانيه من ارتفاع درجة حرارته فقالت إن المستشفى أصبح محطة للآخرة.

وأضافت: "كان يمشى قبل العملية وكانت حرارته فقط هى التى ترتفع لكن أثناء إجرائها جاء له ميكروب بعدما خرج أصبح طريح الفراش، لا بيصد ولا بيرد مبينطقش ولا بيشوف ولا بقى بيمشى خالص حسبى الله ونعم الوكيل".

وأضافت أم جمال: "إحنا بنشيل عيالنا وإحنا فى الدور الرابع بننزل للدكتور الاستشارى الدور التانى عشان إحنا اللى محتاجينه". متهكمة قائلت: "الدكتور بيدخل يكشف بالعافية يبقى الاستشارى هيطلع؟!" لافتة إلى أن بعد تدهور حالة نجلها قال لها الدكتور الاستشارى "خدى ابنك وروحى".

أما جدة سلمى وعمرو فاشتكت من كثرة الصراصير والبعوض التى تقف على أجساد أحفادها الصغار وقد تكون ناقلة للأمراض والميكروبات فى أغلب الأوقات قائلة: "العيال جسمها اتهرى وهما مش ناقصين كفاية تعبهم". متسائلة: لماذا لا تتم مكافحة البعوض والصراصير بالمستشفى ورشه بصفه دائمة؟
 
وأوضحت أن أحفادها لديهم مرض ضمور بالعضلات وهو ما يستوجب أن يكون الطعام مخصوصا أى مضروب فى الخلاط لأن الأطفال غير قادرين على البلع نظرا لمرضهم لذك تقوم والدتهم بضرب الطعام فى المنزل وتجلبه لهم بالمستشفى إلا أن الممرضات ترفضن حفظ الطعام المخصوص لأحفادها فى الثلاجة تحت بند الممنوع ومع دخول فصل الصيف قد يفسد الطعام!

وأمام قسم الرعاية الخاصة لمرض القلب تجد لافتة كُتب عليها "الزيارة للأب والأم فقط من 3 إلى 5 " وبالرغم من أن عقارب الساعة كانت قد تجاوزت الثالثة والنصف إلا أن الأهالى كانوا يفترشون أمام الرعاية يتلهفون حضور طبيب أو ممرضة تدخل الرعاية حتى يتسنى لهم الدخول للاطمئنان على أطفالهم بالرغم من أن وقت الزياره قد بدأ بالفعل. 

"أم" جالسة أمام الرعاية على الأرض اليأس بين ثنايا وجهها رفضت ذكر اسمها حتى لا يضر الممرضات طفلتها الرضيعة المصابة بمرض القلب قالت: "معظم المحجوزين بالرعاية يخرجون أمواتا قبل أن يذهبوا إلى غرفة العمليات وذلك لأن حالتهم تتأخر طوال انتظارهم للعملية، موضحة: "بنتى كانت جاية كويسة دمروها جوه بيسيبوا العيال تنتن جوه أنا عارفة بنتى هتموت أساسا".

وأضافت أن ابنتها منذ أن جاءت للمستشفى حالتها تدهورت أكثر وأصبحت لا تريد الرضاعة، لافتة إلى أنها لديها قرار بإجراء عملية قلب لابنتها منذ شهرين إلا أنه حتى الآن لن تتم حيث يطالبها الأطباء بأشعات وتحاليل هى غير قادرة على مبالغها.

واشتكت أن أهالى المحجوزين بالرعاية ليس لهم مكان حتى يبيتوا فيه ولا طعام وبالتالى يلجئون إلى النوم على البلاط  أمام حجرة الرعاية، قائلة: "إهمال وآخر قلة أدب والممرضات بتيجى تكرشنا الصبح والأكل على حسابنا.. بيوتنا اتخربت".

اما "أم سلمى" فقالت إن نجلتها بعد أن تم تجهيز غرفة العمليات لها ودخلت لإجراء قسطرة وظلت فترة بغرفة العمليات وتم فتحها بالفعل إلا أنه تم تخييطها مرة أخرى دون عمل القسطرة، وبطنها بقت "سوستة"، لافتة إلى أن كيس الدم الذى كان معه ابنتها اختفى فكما تقول "أم سلمى" سرقة الدم عادية، موضحة أنهم يطالبونها بأشعات تصل إلى 2000 جنيه قائلة "أجيب منين وأنا ست غلبانة؟"

وبالنسبة لدورات المياه فتعانى إهمالا شديدا.. الصنابير مفتوحة.. بقايا الطعام متناثرة فضلا عن أدوات النظافة المتواجدة فى مدخل الحمام، بالإضافة إلى استخدام دورات المياه كمنشر لملابس العاملين.

الجريدة الرسمية