رئيس التحرير
عصام كامل

إيه حكاية 57357؟!


صدمة كبيرة أصابت المصريين وأنا من ضمنهم، عندما سمعنا عن الاتهامات التي طالت القائمين على إدارة مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، فقد كنت حريصة على التبرع لهذا المستشفي أنا وغيري من الأقارب واﻷصدقاء، متأثرين بالحملات الإعلانية الضخمة للمستشفي العالمي الذي يقوم بدور إنساني رائد.


المستشفي الذي نجح في استقطاب كثير من النجوم والمشاهير ورجال السياسة والدين (طبعا بحسن نية منهم) لجمع أكبر تبرعات ممكنة.. إلى أن فجر الزميل المجتهد أسامة داوود على صفحات جريدة "فيتو" ومن بعده الروائي الكبير وحيد حامد في جريدة "المصرى اليوم" موضوع فساد إدارة المستشفي..

لتنهال على رءوسنا المفاجآت.. فنكتشف أن التبرعات تزيد على المليار جنيه في السنة الواحدة! وأن أكثر من ثلاثة أرباع هذا المبلغ الرهيب يذهب إلى جيوب الإدارة على شكل أجور ومكافآت وحوافز.. وجزء منه يعرف طريقه لجيوب وحسابات بعض أصحاب الحظوة من كتاب وإعلاميين، مهمتهم تبييض وجه القائمين على المستشفى وتلميعهم إعلاميا... أو غض البصر عن أي مخالفات قد تقع تحت أيديهم ومنع نشرها!

أما الربع الباقي فمقسم ما بين الدعاية والإعلانات.. ويتبقى في النهاية الفتات الذي يذهب لنفقات العلاج! أي إن ما ينفق على علاج الأطفال لا يتجاوز 10% من قيمة التبرعات!

هذا بخلاف المحسوبيات في التعيينات والمكافآت، والتي كشفت أسماء أصحابها أن المستشفي تقريبا يدار من خلال أسرة واحدة! ودائرة مغلقة من الأقارب والأصدقاء "عيلة في بعضينا" أو حاجة كده على الضيق!

وبالطبع... ملأ الشك قلوب المتبرعين، وباتت هذه الاتهامات هي الأعلى ضجيجا وصخبا في الميديا، الأمر الذي دفع الدكتورة غادة والي وزيرة التضامن لتشكيل لجنة للتحقيق في هذه المهزلة، وتبادل طرفي الموضوع الاتهامات وتصاعدت القضية أكثر.. فأمر السيد الرئيس بتشكيل هيئة تحقيق أكبر وأشمل تضم ممثلين من جهات رقابية عليا.

وحتى هذه اللحظة لم نصل إلى نتيجة هل كانت الاتهامات سليمة أم خاطئة؟ وهل تذهب تبرعاتنا لمكانها الصحيح أم إلى جيوب من يثرون على حساب أطفال مرضي، وعلي (حساب) متبرعين وثقوا فيهم؟

وحتى تظهر نتيجة التحقيقات واللجان التي تبحث القضية، فقد امتنعت وغيرى من آﻵف المتبرعين عن التبرع لهذا المستشفي بعد ما (الفار ما لعب في عبنا) لهذا أطالب بسرعة إظهار نتيجة التحقيقات لنعرف الحقيقة.. وهل كان الكلام غير حقيقي (والإدارة أمينة وفل الفل) فنرجع نتبرع وكلنا ثقة بها.. أم أن الدنيا "بايظة" فعلا وفي الحالة دي مانسيبش الدنيا كده! ونعين إدارة غيرها أو نشكل هيئة ممثلة من جهات حكومية ورقابية تشرف على التبرعات وأوجه إنفاقها وتعود التبرعات لتتدفق من جديد حتى لا نحرم أطفالا مرضى بحاجة إليها.

لازم المسألة تتحل بأسرع وقت.. وفي كل الأحوال.. لا يعنينا أو يهمنا مين الغلطان.. فالمخطئ والفاسد ستتولى أمره الجهات المعنية... ولكن المهم بالنسبة للمتبرعين أن يستقيم الحال.. ونعرف أن أموال التبرعات تنقذ الأطفال المرضى فعليا.. وتذهب لمكانها الصحيح.. ليعود نهر الخير يتدفق كما كان.
الجريدة الرسمية