رئيس التحرير
عصام كامل

شركة يابانية تنهي أسطورة «بيت الجان» في بحر يوسف بالفيوم

فيتو

توارث المصريون خرافات كثيرة منذ أيام الفراعنة وحتى يومنا هذا، أثرت في تشكيل الهوية المصرية، وحددت تفاصيل وجدان الكثير، بعضها لها أصول في الأدب الشعبي، وبعضها مجرد حواديت وحكايات تتناقلها الأجيال.


ومن بين هذه الخرافات من هو مرتبط بالصحة العامة، كنزول المرأة العاقر أسفل القطار للعبور عليها، حتى تنجب، ومنها ما يطلقون عليه في القرى ( المشاهرة) ومعناها أن تتسبب امرأة في قطع الحمل والولادة عن أخرى، وحتى تعود لطبيعتها عليها أن تحرق خصلة من شعر السيدة الأخرى وتعبر عليه سبع مرات.

ومن أبرز هذه الخرافات ما يطلق عليه بيت الجان أو "بورة النحاس" عند بداية دخول بحر يوسف إلى محافظة الفيوم، بالتحديد أمام قناطر اللاهون.

وقالوا عن "بورة النحاس" أنها تبتلع كل من يسقط فيها سواء بشر أو شجر أو حتى الطير والأسماك، قالوا عنها أيضا أنها ليست ككل الأرض فهي بؤرة ليس لها قاع، ولا يعرف مداها أحد، وظل الأهالي يعيشون هذا الوهم، حتى أتت إحدى الشركات اليابانية لتقيم كوبري بدلا من هويس اللاهون الذي أنشأ في بداية الستينيات.

وفوجئ الأهالي أن منطقة "بورة النحاس" كباقي المجري المائي لها قاع عادي، وليست حفرة ولا أي شيئ مما تصوروه من قبل، بل إنها كانت أقل عمقا من باقي المجري المائي في هذه المنطقة.

يقول أحمد عبد الوهاب، من الأهالي، تربينا على الخوف من هذه المنطقة "بؤرة النحاس"، وأن من يسقط فيها لن يعود إلى الدنيا، لأنها عميقة جدا بل أن عمقها لن يصل إليه البشر العاديون، لأن الجن يسكنها، وكلما ارتكبنا خطأ ونحن صغار، هددنا أهلنا بالإلقاء في "بؤرة النحاس"، وعرفنا بعد أن كبرنا وتعلمنا، أن سكن الجن مجرد خرافة صدقها من سبقونا، بسبب انتشار الجهل، وأنها مكان لا وجود له إلا في عقول من كانوا يحكون عنها أساطير، فمثلا قالوا عنها إنها تبتلع الطير وقوارب الصيد، ومن يقترب منها من البشر تصهر لحمه وعظامه حتى يصير كتلة من اللحم المشوي، تتغذى عليه الجان الساكنة في المكان.

أما محمد جلول، من الأهالي، فيقول: إن مياه قناطر بحر يوسف الأثرية أنشأت دورانا في المياه خلفها فتخيل الأجداد أنها بئر عميقة، تسكن قاعها الشياطين ويفعلون بالإنسان الأفاعيل إذا حاول الاقتراب من مقر سكنهم، وكانت وما زالت بؤرة النحاس مصدر رعب للأطفال في القريتين ومضرب مثل للشيء الذي يفقد ولا أمل في رجوعه فيقول عنها العامة "راح في بؤرة النحاس.

ويشير خالد بركة إلى أن أصل هذه التسمية جاء من خرافة قديمة لعجائز القرية تقول إن أحد مبيضي النحاس وكان يقيم بجوار ضريح الشيخ على الطيب حاول أن يغسل الأواني النحاسية بعد طلائها في بحر يوسف وكان لا يعرف أن في هذا المكان تسكنه الجن والشياطين فأزعجهم بضوضاء الأواني فخطفوه وصهروه ومنذ هذا التاريخ أطلق عليها "بؤرة النحاس".

ويتابع بأن ما يقال عن أن "بورة النحاس" سكن للجن والشياطين هي مجرد خرافات في عقول أهل القرية، والحقيقة أنه لاوجود لها في الأصل لأن المياه تنحسر عن هذه المنطقة خلال السدة الشتوية حتى قاع البحر فلا وجود لآبار بهذه المنطقة التي تم إعادة حفرها من جديد بعد تحويل المجرى المائي من القناطر القديمة إلى الجديدة.
الجريدة الرسمية