رئيس التحرير
عصام كامل

جريمة قتل بشعة في دبي


في زيارتي الأخيرة لدولة الإمارات الشقيقة كان هناك بعض الأصدقاء يروون رواية أن أحد الأشخاص قتل عائلة بأكملها، فكانت مفاجأة بالنسبة لي لأنني لم أشاهدها في التليفزيون، ولا من خلال أية وسيلة من وسائل الإعلام هناك، فقلت لهم مداعبا: "على فكرة الإعلام عندكم ضعيف" فأنا لم أسمع أو اقرأ عن تلك الحادثة البشعة. 


إلا أننى فوجئت بالرد الصاعق بالنسبة لي عندما قال أحدهم: "نحن لم ولن نكون جزءا من إرهاب هذا الوطن، فنحن دولة سياحية، إذا انتشر تداول مثل هذه الحالات الفردية بيننا، فمن الطبيعي أن ذلك سيؤثر على مناخ السياحة والاستثمار بشكل عام داخليا وخارجيا.

وهنا وجدتني شاردا أفكر في أحوالنا بمصر، وكيف نتسابق على نشر الجرائم التي تقع بيننا، بل ونعممها ونضخمها في أحيان كثيرة، العديد من الأسئلة قفزت إلى ذهني سريعا من عينة: من المسئول عن تكدس أولياء الأمور أمام المدارس خوفا من خطف أبنائهم؟ 

ومن المسئول عن غلق أبواب الشقق السكنية بأكثر من وسيلة بداعي التأمين من اللصوص وغيرهم؟ ومن المسئول عن تقييد حركة السيدات في التنقل عبر وسائل المواصلات العامة بداعي الخوف من التحرش؟ ومن المسئول عن انعدام الثقة لدينا للوقوف بالطرق العامة لمساعدة الغير، بداعي الخوف من قطاع الطرق ومدبري المكائد؟ ومن المسئول عن إرهاب شعب بأكمله من تناول الأطعمة الجاهزة، بداعي الخوف من أكل اللحوم الفاسدة أو كما ادعى البعض "الأسماك الصينية"؟

كل هذه الأسئلة حول الظواهر السلبية بمجتمعنا، ومن خلفها سرعة انتشار كل ما هو سلبي بيننا، جعلني أتململ بين أصدقائي وهم يقولون لي: إن الإعلام والصحافة ومواقع التواصل قد يكونون شركاء في إرهاب الأوطان أكثر من الإرهاب نفسه.

فهل بالفعل نشارك نحن في إرهاب وطننا، ونسيء لصورته في الخارج بنشر كل تلك الحوادث، من قتل أب لأبنائه وقتل أم لطفلها وأخرى تأكل فم ابنتها، وغير تلك الحوادث التي تسيء لمصرنا أمام العالم، وتساهم في تصدير صورة ذهنية سيئة للسائح والمستثمر الأجنبى؟!

بنظرة لمواقع السوشيال ميديا لدينا، ستتأكد من أننا شعب نعشق تناول الأخبار المثيرة، ونسارع في إعادة نشرها دون التأكد حتى من مصادرها.

فالعراق لم تسقط بسبب ضعف جيشها، ولا لقوة عدوها فقط، ولكن لخسارتها الحرب المعنوية واستسلامها لإعلام قادته قناة "الجزيرة" في ذلك الوقت، عندما قالت: "سقطت بغداد"، وللأسف سقط الشعب والجيش في هذا الفخ.

إننا خرجنا جميعا في 30 يونيو للوقوف ضد من توعدونا في جميع وسائل الإعلام بالإرهاب والتفجير والقتل، وقتها لم نقف عند إعلامهم، وصدقنا أنفسنا وقدراتنا حين نتوحد، فأسقطنا من حاولوا إرهابنا.

فلا يصح لنا بعد ذلك أن نعود للوراء، ونكون جزءا ممن يرهبون وطننا ويسيئون له في الخارج، ويحرمونه من سائح يتوق لزيارة معالمنا التاريخية، ومستثمر يتطلع لسوق مصري كبير.

فجميع دول العالم يحدث بها حالات قتل ونهب وحوادث كبرى، لكنهم لا يتباهون بها أمام العالم مثلنا، فالقتل وجد منذ خلق أدم وحواء، ولكن ما من دولة تنشر وتهول مثل تلك الحالات الفردية إلا وتحولت في ذهن الآخر لحالات عامة، فتسقط فريسة سهلة لما يسمى بالإرهاب. 

فمعظمنا الآن يبحث عن المناطق السكنية المزودة بشركات الأمن، ونغلق أبوابنا على أموالنا وأطفالنا، وهي الحالة التي يريدها الأعداء دائما، ألا وهي الخوف والرعب وإرهاب الوطن، فرفقا أحبائي بالوطن ورفقا بأنفسكم.
الجريدة الرسمية