رؤية نحو الاستثمار في البورصة المصرية
لا شك أن البعض يفسر أن وصول الفائدة إلى معدل ٢٤٪ في الاقتصاد التركي قد دفع الأموال الساخنة للخروج من البورصة المصرية وهذا بالطبع غير منطقي لعدة أسباب:
١- تكاليف الخروج من السوق ودخول سوق آخر.
٢- مخاطر الاستثمار في دولة ذات معدل تضخم مرتفع وهو ما يعطي الانطباع السلبي حين يتم تحويل العملة المحلية إلى عملة صعبة مرة أخرى في نهاية فترة الاستثمار، فإن العوائد مع الأصل لن تعيد الأموال إلى أصلها.
٣- مستثمرو الأموال الساخنة في البورصات لا يميلون للجوء إلى الودائع ذات الفائدة المرتفعة إذ إنهم يعتمدون على السيولة في سرعة الشراء والبيع.
٤- مبيعات المصريين كانت نسبتهم ٧٠٪ والأجانب ٢٤٪ والعرب ٦٪ أي إن النسبة الأكبر للمصريين وهو ما يدفعنا إلى أن أخبار القبض على نجلى الرئيس الأسبق وآخرين في قضية التربح بعد قرار مصادرة أصول الإخوان هو المؤثر الحقيقي على دوافع المتعاملين للبيع وليس تأثير أصحاب الأموال الساخنة بالنسبة الأكبر.
٥- تتبنى مصر سياسة انفتاحية أمام الاستثمار الأجنبى ومع جاذبية ارتفاع أسعار الفائدة في الاقتصاد التركي إلا أن ثبات الاقتصاد المصرى والمتوقع له من المؤسسات الدولية في الخارج والتوجه الخاص بالتنمية في الداخل منها البنية الأساسية والاتفاقيات المبرمة.
الاستثمار يجعل السوق المصرى هو السوق الأكثر جذبا للاستثمار المباشر على محاور عدة أولها الاستثمار العقارى الذي يقود السوق المصرى ذلك لارتفاع معدلات الطلب عليه المتتالية والاحتفاظ بقيمة الأموال.
٦- ارتفاع أسعار أذون وسندات الخزانة يشكل جاذبا قويا للاستثمار الأجنبى للأموال الساخنة بالمقارنة مع جاذبية الاستثمار المباشر في المشروعات حيث يتوفر فيها عنصر قصر الأجل في تحقيق الفائدة وإعادة الاستثمار في اقتصاد آخر قبل أن ترجع الأموال إلى مكانها الأساسى، وهى إما أن تكون من الاقتراض أو من الموارد الذاتية للمستثمر، وهو ما يحقق بها المستثمر أرباحا مركبة خلال العام تتعدد دوراتها على أن تعود إلى البنوك بفائدة ثابتة في الحالة الأولى.
أما الثانية فإن المستثمر يحقق نسبة أكبر من الأرباح حيث يحقق وفورات تكلفة الأموال هي تكلفة الفرصة البديلة للحصول على الأموال من مصادر أخرى.
٧- الأموال الساخنة لا شك أنها تمثل فقاعة تفسر الأوضاع الاقتصادية بصورة خاطئة حيث تنهار بها الأسعار أو ترتفع إلى مستويات غير متوقعة من أجل تحقيق أرباح غير عادية للمضاربين ولا تمثل تلك العمليات أي خسارة حقيقية في الأصول للشركات التي هي العامل الأهم في تحديد قيمة رأس المال وبالتبعية قيمة الحصص (الأسهم).
ومن المؤكد أن يتم مراقبة مستويات الأسعار للحد من الأموال الساخنة (التي لا يمكن بالمنطق إيقافها) ذلك لأن الانهيار الناتج عن خروجها من السوق لا يتوقف عند اقتصاد واحد بل يمتد بالعدوى وتسبب الكوارث مثلما حدث في أكتوبر ١٩٩٧ في بورصات النمور الآسيوية، حيث تم فقد السيطرة على الأسعار في تايلاند تبع ذلك إندونيسيا، وهو ما تبعه التسرع بالبيع من المستثمرين الصغار باعتبار أن تلك الأسعار ستليها انهيارات أخرى، وهو ما زاد الطين بلة، وتأثرت العملات المحلية بالبيع للأسهم والسندات رغبة في الخروج الآمن وهو ما تسبب في مشكلات للمنطقة ككل تبع ذلك مساعدات دولية لإيقاف الانهيارات المتتالية في مناطق أخرى.
إذا علينا أن نراقب كم الأموال الساخنة دخولا وخروجا ويعلم الذين خرجوا من السوق أن سياسة القطيع لا تؤثر على الاقتصاد وقتيا بقدر ما تؤثر على من باعوا في الأزمة ومن الأفضل ألا تكون الآثار متتابعة بفوضى العرض أو فوضى الطلب، بل على المستثمر أن يقوم بتنويع محفظته ولا يكون سلوكه حساسا للتغيرات وإلا كان اتجاهات الأسواق صعودا متطرفا أو هبوطا متطرفا وهو بالطبع ليس في صالح أحد.
سيعود المؤشر للارتفاع.. انخفاض أسعار الأسهم لا يدعو إلى البيع بقدر ما يدفع للشراء لتحقيق أرباح مستقبلية.