طوق النجاة!
شرفت في مطلع هذا الأسبوع بحضور الحفل الأنيق الراقي، الذي أقامته شعبة المخترعين بمؤسسة "محبي مصر" التنموية، لتكريم المخترعين والمبدعين من شباب وأبناء مصر من جميع أنحاء الجمهورية.
وعلى الرغم من سعادتي الشديدة أثناء سرد هؤلاء النوابغ لتجاربهم فائقة النجاح في الإبداع والابتكار، والتي توجوها بالحصول على العديد من الجوائز المحلية والدولية، وعلى الرغم من سعادتى الكبيرة أيضًا بوجود مثل هذا النوع من مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة التي تؤدي دورها الوطني، المكمل لعمل الدولة بمنتهى التميز وإنكار الذات رغمًا عن الصعوبات الشديدة التي تكتنف عملها، إلا أنني وجدت نفسي أتساءل بعد الاحتفال: لماذا لا يتواءم مستوى تقدمنا مع وجود كل هذه الكوكبة من العقول المبدعة في مصرنا المحروسة؟!
والإجابة الصريحة والواضحة وضوحًا جليًا لا لبس فيه، أننا لا زلنا نمطيين للغاية في أسلوب رعايتنا لهذه العقول النابهة، التي أعتبرها الكنز الحقيقي الذي نملكه، والأمل الواعد نحو المستقبل المزدهر الذي نرجوه جميعًا لبلادنا الغالية، فعلى الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها الدولة في عدة اتجاهات (في العام الأخير تحديدًا) والتي تصب جميعها لصالح الاهتمام بهذا الملف شديد الخصوصية، فإن معضلات محدودية مصادر التمويل، وضعف تدريب العنصر البشري، وبطء آليات التنفيذ، وغياب اللامركزية، لا زالت تقف جميعها كحجر عثرة نحو تحقيق هذا الملف الحيوي لأهدافه المرجوة.
وفى هذا الصدد أقترح على رئيس مجلس الوزراء الآتي:
1– أهمية حسن اختيار جميع القائمين على إدارة هذا الملف (رؤساء ومرءوسين)، والتأكد التام من تمتعهم بحسن السمعة الشخصية والمهنية، مع توفير التأهيل العلمي المستديم اللازم لهم في هذا الشأن.
2- تكليف السادة المحافظين بالإشراف التام على هذا الملف (كل في نطاق محافظته)، للتغلب على المركزية المقيتة التي تعرقل العديد من الإجراءات المطلوب تسريعها.
3– البحث عن مصادر تمويل مبتكرة ومستديمة، يشترك فيها جميع فئات الشعب (كل طبقًا لمقدرته مهما صغرت)، فلو افترضنا مثلًا أن نصف عدد السكان (50 مليون مواطن)، يمكن أن يدفع "جنيهًا واحدًا" شهريًا لصالح "صندوق رعاية المخترعين" فهذا يعنى توفير مبلغ 50 مليون جنيه شهريًا بصورة مستديمة، لأن "قليل دام واتصل خير من كثير انقطع وانفصل"، ناهيك عما يمكن أن يساهم به رجال الأعمال والمؤسسات الوطنية العديدة شهريًا لصالح هذا الشأن.
إن الاختراع والابتكار والبحث العلمي، هي "طوق النجاة" لنا من جميع المشكلات التي تحيط بنا من كل جانب، لذا فإننى أرجو من الحكومة أن تتعامل مع هذا الشأن بما يستحقه من اهتمام، والله من وراء القصد.