رغم نجاح «فيرنكس دمياط».. صناعة الأثاث تعاني جشع تجار الخامات
تدخل أزمة صناعة الأثاث بدمياط عامها الثالث دون تحرك من أي جهة مسئولة لوقف نزيف الأسعار الذي اغتال الصناعة وأبنائها، الأمر الذي أثر سلبًا على تسويق المنتجات وأسعارها.
أصيب السوق المحلى لصناعة الأثاث بالركود فتوقف الحال، ولم تعد أصوات الماكينات تعلو كسابق عهدها، فيما هجر أبناء تلك الصناعة مهنتهم بحثًا عن "لقمة العيش"، وفى التقرير التالى نرصد أبرز محطات أزمة "صناعة الأثاث" بدمياط:
ورش دمياط قفلت والسبب الحيتان
مجموعة قررت أن تكون هي وحدها من تتحكم في هذا القطاع، مستغلين ضعف رقابة الحكومة وعدم وجود قوانين تردعهم لتشهد أسعار الخامات ارتفاعا جنونيا دون إبداء أسباب.
عندما تذهب محافظة دمياط سترى أبوابا مغلقة تحمل ثرى بقايا الاخشاب فقط لتخبرك انها واحدة من الورش التي اغلقها الغلاء، ولن يتأثر محتكرى هذه السلع لتلك المشاهد مستمرين في رفع الأسعار، فقد بلغ سعر الخشب من 10 آلاف جنيه إلى 13 ألف جنيه، بينما شهد سعر الابلاكاش نسبة زيادة تجاوزت الـ 40 % فيصل ثمنه من 80 إلى 150 جنيها. هذه الأرقام التي لا يعرف أحد أسبابها خاصة مع استقرار سعر صرف الدولار.
مسئولو دمياط عاجزون.. والكبار يحكمون
أمام هذه المشاهد اتخذ مسئولو محافظة دمياط خطوات عديدة نحو إيجاد حل يردع هؤلاء، ولكن يبدو أن الأمر صعب يحتاج إلى تدخل من سلطات أعلى وأكبر.
أولى تلك الخطوات كانت عندما التقى الدكتور إسماعيل طه محافظ دمياط السابق، بعدد من تجار الأخشاب لمناقشة كيفية وضع تسعيرة مقررة وكذلك حل مشكلة رفع الأسعار المستمر.
جلسة تلو الأخرى تارة يشهدها أحد النواب، وتارة يشهدها نائب آخر ولكن لن تفلح هذه المحاولات، حتى جاءت الجلسة الأخيرة والتي جمعت محافظ دمياط السابق، بهؤلاء التجار.
كانت لتلك الجلسة معانى كثيرة فلن تتحرك الأسعار حتى بعد إعلان المحافظة استقرار سعره ليصل إلى 95 جنيها. ولكن كأن شيئا لم يكن واستمرت الأسعار في زيادتها، ليعلن الكبار أنهم من يحكمون هذا الأمر.
إنقاذ صناعة الأثاث مهمة ثقيلة
ربما كانت هذه المهمة هي الأثقل التي تنتظر محافظ دمياط الحالى الدكتورة منال ميخائيل، عليها اتخاذ خطوات جادة نحو حل أزمة الصناع بل والصناعة نفسها، ولم يكن الحديث مجديا عن أية إنجازات إذا ظل ملف صناعة الأثاث بهذا الشكل، ربما تحمل السيدة الأولى التي تتولى محافظ دمياط، فكرًا يحقق آمال صغار الصناع بالمحافظة.
بدأت "ميخائيل" في عقد الجلسات المختلفة مع كافة المتعلقين بتلك المهنة لبحث سبل تدعيمها، بينما كانت معارض صندوق تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر أولى الخطوات التي استكملتها محافظ دمياط للحفاظ على مشاركة أبناء المحافظة بها، بينما حملت جلستها الأولى مع أعضاء الغرفة التجارية أنباءً عن تدخل الغرفة بشكل مباشر في مواجهة تلك الأزمة عن طريق خلق فرص تسويقية جديدة أمام المنتجات الدمياطية، فضلًا عن بحث سبل تدعيم الصناعة بالتنسيق مع الجهات الأخرى المتعلقة بصناعة الأثاث لحماية صغار الصناع.
''فيرنكس دمياط'' رغم نجاحه يثير الجدل
وجاءت فاعليات معرض "فيرنكس دمياط" والمقام بمدينة الأثاث ليكون آخر المحاولات التي سعت إليها دمياط لإنقاذ نفسها مما تعانيه، المعرض شهد توافدًا من قبل الجاليات الغربية، نجح أيضًا في فتح خطًا مباشرًا مع الأسواق الأفريقية، عقد بعض المشاركون به صفقات مختلفة مع دول الجوار لتصدير الأثاث الدمياطى على مدار السنوات القادمة، إلا أن "فيرنكس دمياط" أثار جدلًا واسعًا بين أبناء صناعة الأثاث خاصة الصغار منهم.
البعض يرى أن المستفيدين هم كبار التجار فقط، بينما جاء رأى آخرون أن المعرض لم يأتى بجديد وما حدث عبارة عن "بروباجندا" فقط، حدث هذا وسط هتافات أبناء دمياط بالوقوف خلف هذا الحدث لإنجاحه والخروج بمظهر لائق أمام دول العالم ولكن ربما لم يتمكن "فيرنكس دمياط" من تحقيق طموحات صغار الصناع، وكلن للمشاركين بالمعرض رأى آخر إذ رأى الكثيرين منهم أنها أول الخطوات الناجحة التي حققتها دمياط منذ عشرات السنوات، موضحين أهمية هذا الحدث في تسويق المحافظة ليس بمجال صناعة الأثاث فحسب بل بكافة الصناعات الأخرى.
أسعار الغرف نار.. والفايدة مش للنجار
تشهد أسعار الأثاث بدمياط ارتفاعًا غريبًا، فهناك غرف نوم بلغ سعرها 60 ألف جنيه، بينما تراوحت أسعار الصالونات مابين 6 إلى 25 ألف جنيه، فيما احتلت بعض قطاع الأثاث المركز الثالث من حيث ارتفاع أسعارها، حيث بلغت غرف السفرة 10 آلاف جنيه، وأمام تلك الأسعار تجد صناع الأثاث مازالوا يعانون من الأمرين من ارتفاع الخامات وعدم السماح لهم برفع أسعار المنتج ليتحمل الصانع الصغير وحده تكاليف التصنيع.
وفى استطلاع للرأى قال محمود الباز أحد الصناع، ما يجرى الآن جريمة بحق صناع الأثاث بدمياط، لافتا إلى أن هناك ضعف واضح في أجهزة الدولة الرقابية وعجز في مواجهة هؤلاء.
وأوضح أن أصحاب هذه المهنة لم يجدوا حقوقهم منذ أزمنة، ولكن الأمر تفاقم فهم الآن لن يجدوا قوتهم.
وقال سامى عسيلى أحد العمال، "فيرنكس" خطوة مهمة والجميع يشهد له بذلك، لافتًا إلى أن الصناعة مازالت تحتاج إلى جهود الجميع لتتعافى مما هي فيه، مشيرًا إلى أن صغار الصناع لم يكتفوا بخطوة "فيرنكس" الناجحة ولكنهم يحتاجون المزيد من أجل الوقوف مرة أخرى أمام متطلبات السوق.
بينما أكد التابعى الغازى، أن الأمر يحتاج تدخل من مؤسسة الرئاسة، قائلا : "التجار دول بيتحدوا الدولة وهما أخطر عليها من أي عدو تانى"، موضحًا أن أبناء دمياط يثقون في القوات المسلحة وينادون بخلق سوق موازى لردع هؤلاء.
انتهت فاعليات معرض "فيرنكس دمياط" ولكن ربما نعود مجددا إلى الحديث عن هذا الأمر، خاصة وأن هناك إصرارا من قبل تجار الخامات على استكمال حربهم ضد صناعة الأثاث بدمياط. ولكن هل تحمل الأيام المقبلة أنباء سارة لصناع الأثاث ؟!