الدعم والحكومة والمدعومون!
لا يمر يوم دون أن يخرج علينا مسئول لكي يذكرنا بأن الحكومة تقدم لنا دعمًا كبيرًا.. مرة في رغيف العيش، ومرة أخرى في تذاكر المترو والقطارات، ومرة ثالثة في البنزين والسولار والغاز والبوتاجاز، ومرة رابعة في الكهرباء ومياه الشرب، وأيضًا خدمة الصرف الصحي، ومرة خامسة في نظافة الشوارع..
وهكذا دواليك ورغم أننا نعرف ذلك، ولم ينسه أحد منا من كثرة تكرار المسئولين للحديث عنه، إلا أنهم لا يملون بشكل متواصل ومستمر من تذكيرنا بذلك صباح مساء، ربما خشية أن ننسى برهة من الوقت ما يقدم لنا من دعم، أو نتجاهل أننا مواطنون مدعومون حتى الآن..
ورغم كل ما تعرضت له أسعار هذه الخدمات والسلع من رفع، فإنه في المقابل ينسى هؤلاء المسئولون مراجعة تكاليف إنتاج هذه السلع والخدمات، والتي يحسبون على أساسها قيمة الدعم الذي يقدمونه لنا، وتحمله الموازنة العامة للدولة..
أي ينسى هؤلاء المسئولون محاسبة أنفسهم أولا قبل أن يحاسبونا على ما يقدمونه من دعم لنا.. فليس مجهولا أن تكلفة إنتاج السلع وتقديم الخدمات لدينا كبيرة نتيجة ظروف وأوضاع كثيرة ورثناها عبر سنوات طويلة، وباتت أحد عيوبنا الاقتصادية، ليس في المنشآت العامة فقط، وإنما في المنشآت الخاصة أيضا..
ولو منحنا قدرا من الاهتمام لمراجعة هذه التكاليف وتخفيضها، سوف نحصد الكثير من الفوائد والمكاسب، على رأسها تخفيض أسعار الكثير من السلع التي ننتجها، وبالتالي تخفيض معدل التضخم، وزيادة تنافسية صادراتنا للخارج، وقبلها تقوية منتجاتنا وزيادة قدرتها على منافسة السلع المستوردة من الخارج، مما سوف يسهم في تخفيض عجز ميزاننا التجاري، وتقوية عملتنا وزيادة مواردنا من النقد الأجنبي..
ومع ذلك كله فإننا سوف نخفض قيمة الدعم الذي تقدمه الموازنة العامة للمواطنين، مما سيسهم في تخفيض عجز الموازنة، وعدم تحميل المواطنين المدعومين الكثير من الأعباء عندما نقلص هذا الدعم المقدم لهم.
العيب الوحيد لذلك فقط هو أن السادة المسئولين لن يحتاجوا مستقبلا لتذكيرهم بذلك الدعم المقدم لنا!.. وسيضطرون للبحث عن شيء آخر يذكروننا به!