محمد سمير يكتب: عيش حياتك الحقيقية لا الافتراضية
عندما أرى الآن التطور الذي فاق مستويات العقول في التكنولوجيا، وأرى مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت مذكرة إلكترونية للملايين من الأشخاص، لسرد مواقفهم الحياتية وإفشائهم أسرارا كثيرة عن أسرتهم، على تقنية تعد الأخطر في العالم، أسترجع في ذاكرتي حياتي قبل دخول الإنترنت، كانت حياة مليئة بالهدوء والاستمتاع بالحياة، بالرغم من تحدياتها الصعبة، فكانت حياة حقيقية، لها فائدة دون أن نجري سريعًا لمعرفة المئات من البشر بتفاصيلها، ونتجه إلى حياة افتراضية مليئة بالمظاهر والخداع والأنانية، فأصبحت الآن معلوماتنا تباع مجانا لأشخاص مجهولين، في اعتقادي بأننا سعداء بخوض هذه التجربة، هروبًا من العزلة التي نعيشها، فيجب علينا أن نعيد حياتنا القديمة التي نفتقدها في الوقت الحالي والتي تجعلنا في أحيان كثيرة نتمنى لو ساعة منها.
والأمر الأكثر خطورة بأن هناك جيل صاعد مفكر نفسه بأنه شخص حقيقي يتواصل طوال الوقت مع أصدقائه على هذه التقنيات، ولكن في الحقيقة إنه مزيف تحت طاولة تسمى "التكنولوجيا"، قرأت الأسبوع الماضي خبرا بأن هناك مجموعة من الأطفال في ألمانيا تظاهروا بسبب انشغال أهاليهم عنهم، واستخدامهم طوال الوقت الهواتف المحمولة، فنحن في الحقيقة بحاجة إلى جلوس الأهل مع الأبناء، والتحدث معهم، وعدم تركهم في الهواء الطلق، وأعتقد أنه لن يكون هناك آباء رائعين في العالم وقدوة لأبنائهم وهم يحدقون في هواتفهم طوال فترة جلوسهم بالمنزل، أتذكر عندما كنت طفلا لم أكن أعود للمنزل، كنت أقضي كل وقتي بالخارج مع أصدقائي؛ "نركب الدراجات، ونلف بها الشوارع، واحنا في قمة السعادة" أما الآن بعد انتشار الآيباد في جميع أيادي الأطفال، تجد الشوارع والحدائق خاوية على عروشها، هادئة بلا أطفال يشاكسون الجيران عندما تقع الكرة على سطحهم، وأتعجب أنني لا أرى الأطفال يلعبون "الغميضة"، مثل ما كنا نلعب زمان، فإنها حقًا حياة افتراضية، فإننا جيل من الحمقى، الهواتف زكية والناس أغبياء، فلابد أن يأتي وقت عليك بأن لا تريد إخبار أحد بالأمور التي تفعلها، صدقني ستشعر بالسعادة لأنك ببساطة لم تضع وقتا، لم تلجأ لفتح هاتفك وتكتب ماذا حدث لك اليوم، فعليك أن تتوقف عن هذه الحياة بطريقتك الخاصة، وعش حياتك على حقيقتها بلا مظاهر.