«دي ميستورا».. أنت بتكدب
أؤكد أن الإعلام العالمى لم يصل للعالم بحقيقة الأوضاع في محافظة إدلب السورية، وأن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا "ستافان دي ميستورا"، يقلل -عن عمد- من خطورة الكارثة على الأرض، في حالة نشوب مواجهة مسلحة -ومتوقعة - بين قوات الجيش السورى، والفصائل الإرهابية المسلحة، وإن المعلومات التي توافرت لدى من خلال زيارتى الأخيرة لـ"سوريا" تؤكد أن العدد الحقيقى للإرهابيين في المحافظة، ينذر-على عكس التقديرات الدولية- بكارثة ومذبحة قد تكون الأكبر في التاريخ.
فعلى الرغم من تأكيد المبعوث الدولى، أن عدد الفصائل الإرهابية بمحافظة إدلب لا يزيد على الـ 10 آلاف إرهابى، فإنني أؤكد أن تلك المعلومات مغلوطة، وأن العدد الحقيقى للفصائل الإرهابية بالمحافظة يصل إلى نحو 130 ألف إرهابي، ينتمى أغلبهم إلى فضائل ذات مرجعية عريقة في الإرهاب، مثل القاعدة وجبهة النصرة، أن هناك الآلاف من أهالي المحافظة من تشبعوا بفكر تلك الفصائل الإرهابية على مدار السنوات الـ 7 الماضية، وأن هؤلاء قد يكون لهم خطورة بالغة على السكان الأمنيين في حالة اندلاع المواجهات.
ولعل ما يدعو للعجب هنا، أن قوى دولية مثل "أمريكا وروسيا وإيران وتركيا" تدرك تماما بحكم يديها الطولى في سوريا، حقيقة الخطر الذي قد يتعرض له ما يزيد عن 2.5 مليون مواطن يقطنون المحافظة، ويعلمون تماما، أن طرفى المواجهة لديهما القدرة على تصنيع واستخدام السلاح الكيماوى، وأن الضحية في البداية والنهاية، هم ما يزيد على الـ 1.5 مليون مواطن من أهالي المحافظة، ومعهم ما يزيد على الـمليون لاجئ هربوا خلال الشهور الأخيرة من المواجهات المسلحة في المدن السورية المختلفة.
ولعل أغرب ما في الأمر، أنه على الرغم من إقرار كل الشرفاء والمنصفين في العالم بحق النظام السورى، ومعه كل الفصائل الوطنية التي ساهمت وما زالت تساهم في معركة التحرير مثل -قوات سوريا الديمقراطية- في الدفاع عن كامل الأراضى السورية وتطهيرها من الإرهاب، فقد تفرغ المبعوث الدولى، ومعه قوى دولية، لصرف نظر العالم عن "معركة التحرير المشروعة" والحديث عن بدء النظام في التحضير لاستخدام السلاح الكيماوى في إدلب، بدلا من مساعدته ومساندته عسكريا ولوجستيا، بعد أن ساهموا بشكل كبير في استفحال حجم الإرهاب في المحافظة إلى ما هو عليه الآن، بالموافقة على إجلاء آلاف الإرهابيين إليها منذ عام 2016.
وحتى يعي العالم حقيقة حجم الإرهاب في إدلب، فإن الأوضاع على الأرض تقول، إن تنظيم "داعش" لم يعد هو المسيطر على الأوضاع في المحافظة - كما يعتقد البعض- حيث ينحصر وجوده في جيوب صغيرة في جنوبي عاصمة المحافظة، وجود خلايا نائمة تنتشر في بعض المناطق، وأصبحت هناك قوى إرهابية أكبر تسيطر على مفاصل المحافظة، مثل "هيئة تحرير الشام" بعد أن تمكنت في يوليو الماضي من الإمساك بمفاصل المحافظة مدنيا وعسكريا، بعد مواجهات عسكرية مع حركة "أحرار الشام" وإجبارها على الانسحاب إلى منطقة الغاب في ريف حماة الغربي.
كما تشكلت وفى مطلع العام الحالى -بدعم تركى- جبهة مسلحة من عدد من الفضائل الإرهابية تدعى "الجبهة الوطنية للتحرير" ضمت "حركة أحرار الشام، وصقور الشام، وجيش الأحرار، وحركة نور الدين الزنكي" لتشكل قوة جديدة في المحافظة، أصبحت تنتشر الآن في مناطق "معرة النعمان، وأريحا، وجبل شحشبو، والهبيط، وبنش، وجرجناز، وتفتناز، والقرى المحيطة بها".
في حين أصبحت "هيئة تحرير الشام" المدعومة بعناصر "جبهة النصرة وتنظيم القاعدة" تسيطر الآن على مناطق "خان شيخون، وقسم من جبل الزاوية، وكفرنبل، وسلقين، وحارم، ودركوش، وجسر الشغور، وسرمدا، ومدينة إدلب، وسرمين، ومعرة مصريين".
للأسف هذه حقيقة الأوضاع في إدلب، وهذه حقيقة ما تقوم به القوى الدولية، التي تقف مكتوفة الأيدى انتظارا لبحور الدماء التي ستنهمر من أجساد آلاف السوريين الأبرياء لتغرق شوارع إدلب، وتروى عطش العشرات ممن نطلق عليهم "زعماء" العالم.