اتفاقية أوسلو.. 25 عاما على غرق «أبو عمار» في سلام الأوهام
ربع قرن مر على توقيع اتفاقية أوسلو التي كان من المفترض أن تؤدي إلى وجود دولتين فلسطينية وإسرائيلية، تعيشان جنبًا إلى جنب، لكنّ كثيرًا من الأحداث وقعت بعدها وأظهرت أن الرياح تجري بما لا تشتهيه سفن السلام، أو سلام الأوهام كما أسماه الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه الشهير.
إعلان مبادئ
أُعنلت المبادئ المتعلّقة بترتيبات الحكم الذاتي المؤقّت للفلسطينيين في قطاع غزة وأريحا، حيث مثّلت هذه المبادئ أساس التقدّم في الصراع الذي دام قرنًا بين العرب واليهود في فلسطين، وتمّ توقيع اتفاقية الحكم الذاتي يوم الإثنين في الثالث عشر من سبتمبر عام 1993 في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، ومن ثمّ انتهى العقد بمصافحة بين رئيس الوزراء الإسرائيليّ إسحق رابين، ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، ويُعّد هذا الحدث من أهم الأحداث في تاريخ الشرق الأوسط في القرن العشرين، وترتّب على هذا الاتفاق رسم خريطة جغرافيّة سياسيّة للمنطقة بأسرها.
نتائج دبلوماسية
وعلى الرغم من توقيع الاتفاق في واشنطن، إلا أنّه تم التفاوض عليه في أوسلو، والتوقيع عليه بالأحرف الأولى في أواخر أغسطس، وقد احتوى الاتفاق على نتائج دبلوماسية سرية جرت في العاصمة النرويجية، وهي: تضمّن الجزء الأول الاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، حيث كان على شكل رسالتين، وعلى ورق عادي ودون رسائل مؤرّخة في التاسع من سبتمبر، وقام وبتوقيعهما الرئيس عرفات، ورئيس الوزراء رابين على التوالي يومي التاسع والعاشر من ذات الشهر.
تضمن الجزء الثاني إعلان المبادئ، فقد تمّ وضع جدول أعمال للمفاوضات بشأن الحكم الذاتيّ الفلسطينيّ في الأراضي المحتلة، بدءًا من غزة وأريحا، وركّز معظم الإعلان تقريبًا على توقيع اتفاقية السلام، ولكن دون الاتفاق المسبق على الاعتراف المتبادل على الحكم الذاتي الفلسطيني.
مضمون الاتفاقية
تضمّنت الاتفاقية سلسلة من الاتفاقات، حيث تمّ توقيع الجزء الثاني منها وهو اتفاق القاهرة بشأن قطاع غزة وأريحا في مايو عام 1994، كما نص الاتفاق على الأحكام المنصوص عليها في الإعلان الأصلى بأن الحكم الذاتي المؤقت لمدّة خمس سنوات للسلطة الفلسطينية ينفّذ على مرحلتين، وهما: الأولى في غزة ومدينة أريحا، والثانية بعد الانتخابات في جميع المناطق المتبقية تحت الحكم العسكري الإسرائيلي، كما أّنه من المقرر أن تبدأ المحادثات حول الوضع النهائي بعد ثلاث سنوات مع تحديد مهلة عامين للاتفاق، وتم حجز قضايا مثل الحدود وعودة اللاجئين، ووضع القدس والمستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة لإجراء محادثات حول الوضع النهائي، أما منظمة التحرير الفلسطينية فقد اعترفت بحق إسرائيل، كما نبذت الإرهاب، ووافقت على تغيير جزء من ميثاقها الذي يدعو إلى تدمير إسرائيل، واعترفت إسرائيل بمنظمة التحرير الفلسطينيّة بوصفها الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.
الاعتراف بإسرائيل
قام عرفات بالتوقيع على رسالة منظّمة التحرير الفلسطينية، والتي تضمنت الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، ومن ثم قبول قرار مجلس الأمن رقم 242، ونبذ استخدام الإرهاب والعنف أيضًا، وتعهد بإزالة بنود موجودة في الاتفاق الفلسطيني الداعية للقضاء على إسرائيل، كما تخلّت منظّمة التحرير الفلسطينية عن مطالبة الشعب الفلسطيني بنسبة 78% من فلسطين التاريخية التي عاشوا فيها لقرون من خلال الاعتراف بإسرائيل، أما في اليوم التالي وقع رابين على رسالة إسرائيل التي تضمنت اعترافًا بمنظمة التحرير الفلسطينية بصفتها ممثلًا للشعب الفلسطيني، كما أعلن عن نية إسرائيل التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية، والذي كان من ضمنه اعتراف إسرائيل بالمطالب الفلسطينية بتقرير المصير، والاستقلال في الضفة الغربية وقطاع غزة.
حكم ذاتي
حددت الوثيقة الثانية التي تم توقيعها في البيت الأبيض في الثالث عشر من سبتمبر عام 1993 خطة تمتد لخمس سنين للحكم الذاتي الفلسطيني، والتي تبدأ من انسحاب إسرائيل من شرطة وعسكريين من قطاع غزة، وبلدة أريحا بالضفة الغربية، ومن ثمّ نقل السلطة الاقتصادية، والتعليم، والثقافة، والضرائب، والرعاية الاجتماعيّة، والسياحة، وتبع ذلك انتخابات مجلس الحكم الذاتي المؤقت، وبعد السنة الثانية بدأت المفاوضات حول القدس، واللاجئين في عام 1948، والمستوطنات اليهودية والحدود.