رئيس التحرير
عصام كامل

قوانين «عبد العال» في خدمة الخصخصة.. تشريعات البرلمان تسهم في تصفية القطاع العام.. طرح الشركات في البورصة البداية.. الخسائر حجة المؤيدين.. وهيثم الحريري «رهان خاسر» لن يؤدي لنتائج

فيتو


رغم أن الدستور والقانون يعطيان الحق للبرلمان في الدفاع عن مصالح الشعب والحفاظ على ممتلكاته، إلا أن عددا من القوانين والتشريعات التي أقرها مجلس النواب في الفترة الأخيرة تسبح عكس التيار، وتساهم بشكل واضح في التخلص من الشركات المملوكة للدولة، وكان آخر تلك التشريعات الموافقة على طرح بعض شركات القطاع العام في البورصة، فضلا عن إقرار عددا من القوانين التي تقضي بمشاركة القطاع الخاص في إدارة القطاع العام.


قطاع الأعمال
ورغم أن إدارة ملف شركات قطاع الأعمال العام موكلة لوزارة قطاع الأعمال الخاضعة لرقابة البرلمان، فإن عددا من أعضاء المجلس يشاركون الوزارة في التخلص من تلك الشركات وتصفيتها، تمهيدا لبيعها بأبخس الأثمان، سواء من خلال الموافقة على طرح بعض أسهمها في البورصة، أو بيع بعض الأصول من أجل سداد المديونيات المتراكمة على أغلب الشركات، ويحصل قطاع الغزل والنسيج على نصيب الأسد من الإهمال وحالة الترهل، وعلى الرغم من طرح العديد من الحلول، لكن الأزمات ما زالت قائمة، وآخر هذه الحلول ما نجح فيه وزير قطاع الأعمال السابق، الدكتور خالد بدوي، بإقناع نواب البرلمان في شأن الشركات الخاسرة بقطاع الغزل والنسيج، بضرورة دخول القطاع الخاص في عمليات التطوير وبيع الأصول غير المستغلة، لتتمكن الحكومة من إنجاح وسرعة تحسين أحوال الشركات القائمة، ونفس الشيء حدث مع ملف النقل، خصوصا السكة الحديد ومترو الأنفاق، وكأن القطاع الخاص طوق النجاة لإنقاذ القطاع العام "وهو اللي هيعدل المايلة".

القانون
وأثناء مناقشة مشروع قانون يسمح بمشاركة القطاع الخاص في إدارة قطاع السكة الحديد ومترو الأنفاق، اللذين يواجهان مزيدا من الخسائر السنوية، حذر كثير من النواب من أن تكون مشاركة القطاع الخاص بابا خلفيا للخصخصة، إلا أن المؤيدين دافعوا عن ذلك بأنه ليس خصخصة مطلقا، وإنما محاولة لانتشال قطاع النقل من الضياع، وسبق أن وافق مجلس النواب، قبل نهاية دور الانعقاد الماضي، على مشروع قانون إنشاء صندوق مصر السيادي، وعلى الرغم من انتقادات كثير من النواب، فإن البرلمان علق آمالا كبيرة عليه في إصلاح القطاع العام، وحسن إدارة الأصول غير المستغلة لشركات القطاع العام، حيث توافقت رؤية مجلس النواب، مع ما أوضحه الدكتور محمد معيط وزير المالية بأن قرار إنشاء صندوق مصر السيادي هو مطلب البرلمان، حينما تحدث عن الأصول غير المستغلة، مشيرا إلى أن هذا الصندوق سيعمل على حسن إدارة هذه الأصول غير المستغلة.

رهان خاسر
من جانبه، انتقد النائب ضياء الدين داود، عضو تكتل 25/30 في البرلمان، والمحسوب على المعارضة، إنشاء صندوق مصر السيادي، مؤكدا أنه تم إعداده على عجل، كما أن فلسفته غير واضحة، وأشار إلى أن إنشاء مثل هذه الصناديق يحتاج لفائض في الثروة، بينما في مصر موازنة الدولة تئن من فوائد الدين والعجز الكلي، وحذر داوود من أن هناك صناديق سيادية انهارت؛ وبناء عليه انهارت الدول الموجودة فيها، مؤكدا أن إنشاء صندوق مصر السيادي «رهان خاسر».

ومن بين المواقف التي أثبتت نية البرلمان بشأن القطاع العام هو مباركة طرح البنوك وشركات القطاع العام الرابحة في البورصة، إلا أن البعض رفض هذا الأمر الذي يعد نوعا من أنواع التخلص من بعض شركات القطاع العام.

ورفض هيثم الحريري عضو مجلس النواب هذا الطرح، مؤكدا ضرورة الحفاظ على القطاع العام، مشيرا إلى أن الاستثمار الحقيقي والتنمية الاقتصادية لن تتم من خلال بيع الشركات والبنوك الوطنية في البورصة.

طر البورصة
وهاجم عمرو الجوهري، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان، تجربة طرح شركات قطاع الأعمال في البورصة، مؤكدا أنها فشلت في التسعينيات، ولم يعترض الجوهري على مشاركة القطاع الخاص في إدارة بعض الشركات التابعة للقطاع العام كأحد الحلول بدلا من طرحها في البورصة، ولفت إلى أن شركات القطاع العام في حاجة إلى تطوير المعدات وتدريب للعمالة وفتح التسويق الخارجي، مؤكدا أن بعض الشركات يجب نقل ملكيتها للوزارات المختصة، مثلا شركة النقل العام يجب أن تتبع وزارة النقل، وشركة مصر للسياحة يجب أن تتبع وزارة السياحة إلى آخره.

50 مليار جنيه خسائر
ومن جانبه، دافع هشام عبد الواحد، رئيس لجنة النقل والمواصلات في مجلس النواب، عن مشاركة القطاع الخاص في تطوير السكك الحديدية، بالتأكيد على أنه أصبح ضرورة حتمية، لاسيما مع تزايد معدلات إهدار المليارات في هذا المرفق، والتي وصلت لنحو 50 مليار جنيه خسائر، وأوضح أن البرلمان لن يقبل أن تكون هذه القوانين سببا في الخصخصة"، قائلا: مشاركة القطاع الخاص في عمليات إعادة تأهيل السكك الحديدية وكذلك مترو الأنفاق لن يكون اتجاها نحو "الخصخصة"، ولفت عبد الواحد، إلى أن البرلمان لا يقبل مطلقا بأن يملي القطاع الخاص شروطه على الدولة في تطوير قطاع السكة الحديد ومترو الأنفاق، وأن أي قرار متعلق بالمواطنين لن يتم اتخاذه قبل التشاور مع مجلس النواب، وأوضح أن البرلمان تعهد بألا تكون هذه المشاركة سببا للإضرار مطلقا بالمواطنين البسطاء، ففي تطوير السكة الحديد لن يسمح بأن تكون على سبيل المثال الزيادة في أسعار التذاكر المتحكم فيها القطاع الخاص، بينما سيكون القرار وفقا لما تراه الحكومة بالتنسيق مع البرلمان، مع الأخذ في الاعتبار أهمية الحفاظ على الفئات الأقل دخلا.

ومن جانبه، جدد جبالي المراغي، رئيس لجنة القوى العاملة في البرلمان، رفضه التام والمطلق المساس بالقطاع العام، قائلا: من غير المقبول بيع شركات القطاع العام، أو خصخصتها، وأضاف: "عانينا من ويلات الخصخصة في العصور الماضية، ولكن لا يوجد ما يمنع مشاركة القطاع الخاص في عمليات التطوير وتنمية القطاع العام، ما دام في إطار القانون"، وطالب المراغي بأهمية إعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام المتعثرة والشركات التي تتكبد خسائر، وفي مقدمتها شركات الغزل والنسيج والتشييد والبناء وقطاع الدواء.

وأشار رئيس لجنة القوى العاملة في مجلس النواب إلى أن وجود القطاع العام في السوق هام وضروري لعمل التوازن مع القطاع الخاص لما فيه مصلحة المواطنين.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية