آن الأوان!
كنت مارًّا بالمصادفة في مطلع هذا الأسبوع في شارع النيل بالعجوزة الذي يقع في نطاق محافظة الجيزة، فلفت نظرى بشدة من بعيد منظر في غاية الغرابة عبارة عن سور طويل عال يقع على نهر النيل مباشرة، ومدهون باللون الأبيض اللامع، وبه خطان باللون الأحمر بعرض السور بالكامل!!!، وعندما اقتربت منه لأتبين الجهة التي يتبعها اكتشفت أنه يخص نادي الزمالك النهرى.
فسرحت للحظات وتخيلت لو أنه قد جاور نادي الزمالك العريق بامتداد كورنيش نهرنا الغالي العديد من الأندية الأخرى، وحذت حذوه في بناء أسوار عالية متراصة على التتالى ولون كل منها هو لون الزى الرياضى للنادي مكونة لوحة عشوائية تعج بكل أسباب التلوث البصرى ولا صلة لها على الإطلاق بفنون العمارة المتعارف عليها في جميع الدول التي تحترم حقوق مواطنيها.
وهنا من المهم أن نتساءل هل تساعد الحكومة "الجهاز القومى للتنسيق الحضارى" على أداء دوره المنصوص عليه عن مسئوليته في تطبيق المعايير والأسس التي تعمل على تحسين مظهر ورونق المدينة في جميع أنحاء مصر؟، والإجابة القاطعة أنها بالطبع لا تفعل ذلك بالشكل المأمول لأنه لا يمكن أن يستقيم أبدًا أن يكون الجهاز قد وافق على إقامة مثل هذا السور في هذا المكان شديد الخصوصية لجموع المواطنين والذي من المفترض أن يكون ممشى أنيقا ينضح بكل أسباب التحضر والجمال.
أرجو أن تدرك الحكومة أنه قد آن الأوان ألا تترك الأمور المتعلقة بالذوق العام لرؤى الأفراد لأن هذا حق المواطنين الأصيل عليها، خاصة أنه من المفترض أننا في مرحلة فاصلة من عمر الوطن نعيد فيها بناء كل شىء فيه على أسس سليمة، وكفانا عقود طوال من التسيب والإهمال في هذا الشأن وهو ما تسبب في حالة فقدان الهوية المعمارية التي نحن عليها الآن.
لقد شوهنا مع الأسف نهر النيل بالعديد من المبانى والمنشآت التي ما كان ينبغى أبدًا أن يتم التصريح ببنائها، وهو ما أرجو معه من الحكومة أن تحافظ على البقية الباقية منه بأن تعمل بكل إصرار على إصدار تشريع يحظر حظرًا تامًا إقامة أي منشآت من أية نوع عليه مستقبلًا، لأنه ملك لكل المصريين، وليسامحنا الله على كل ما ارتكبناه في حقه من مساوئ ومخالفات على مدى سنوات طوال.