هند رستم تكتب: رأيت الفراعنة في شخص العقاد
في مجلة الكواكب عام 1977 كتبت الفنانة هند رستم مقالا تسرد فيه بعض ذكرياتها قالت فيه:
عرض على استاذنا الكبير عباس محمود العقاد قائمة بأسماء ألمع نجمات السينما وقتها، وطلبوا منه أن يختار واحدة منهن لتحاوره. كانت فكرة جديدة وجريئة خاصة أن العقاد معروف عنه مواقفه السلبية تجاه المرأة. وغمرتني الفرحة عندما اختارني لكني تذكرت الهول الذي ينتظرني فكيف أحاور رجلا بهذه الهيبة، وفي أي شيء أسأله ؟ وماذا سيكون موقفى إذا تطرق الحوار إلى الفكر والفلسفة وهذه الموضوعات الكبيرة التي يبحر فيها العقاد بقلمه وجعلت منه مفكرا موسوعيا لا يقدر على الجلوس والوصول إلى قامته إلا أصحاب القدرات العالية والثقافة الفذة.
حدث هذا اللقاء في نهايات عام 1963 وأتذكر وأنا في طريقي إلى بيت العقاد فكرت في تلك المواجهة، وطرحت على نفسي عدة أسئلة، لكن رهبتى وخوفى من العقاد دفعانى إلى الطلب من السائق وأنا في طريقى إليه أن يتوقف فقال لى "خير يافندم" هكذا وببساطة وعلى بعد أمتار من منزل العقاد في مصر الجديدة قلت للسائق اذهب واعتذر له وقل له إن هند رستم جاءها مرض مفاجئ أو حتى قل له إنها ماتت.
راح السائق يهدئ من روعي ويخفف عنى وما هي إلا دقائق حتى خرجت من السيارة، وفوجئت بالمفكر العملاق يقف في انتظاري على باب البيت وينزل السلالم ليكون في استقبالي..هنا بدأت أهدأ وأطمئن.
أدرك العقاد عصبيتى من أول لحظة، وقال لى : يا هند أنت بتفكرينى بمي زيادة، فيه شبه كبير بينك وبينها لكن أنت عصبية وهى كانت هادية.
كنت أنتفض وأشعر أننى صغيرة جدا أمام عملاق كبير، وقفز قلبى من شدة الفرح ، عندما قال لى إنه معجب بى في شفيقة القبطية، وأنه شاهد فيلمى وأعجب بى، ثم قال لى: أنت يا هند بتشتغلى بأعصابك زيادة، وده خطر عليك لازم يكون عندك حتة حرفنة تمثيل، يعنى تعملى بدون ما تحرقي أعصابك.
إحساسي وأنا مع العقاد أننى أمام إنسان قادر وقوى تستطيع أي امرأة أن تعتمد عليه، لأنه يرد عنها كل مخاوفها، ويتحمل عنها كل أعبائها وتشعر معه أنها في أمان.
الجاذبية في الرجال أن تشعر المرأة أنها في حماية رجل كبير تعيش في ظل قوته وقدرته، وكم تمنيت أن أحقق أمنية العقاد وأن أمثل دور "مى".
خرجت من هذا اللقاء التاريخى، بعد أن رأيت الفراعنة في شخص العقاد، لأنه بحق يشبههم في هذا الشموخ العظيم، وفيما يتميز به من بساطة وكبرياء.
أتذكر أننى لم أنم ليلة لقاء العقاد، خوفا من مواجهة هذا الرجل الذي لم يكن يملك أي سلطة سوى سطوة الفكر وسلطان القلم، وهو خوف لم يتكرر مثلا عند لقاء المشير عبد الحكيم عامر، مع أن عامر كان صاحب سطوة وسلطة جعلت الكثيرين يصفونه بأنه كان الرئيس رقم 2 في عهد عبد الناصر.