رئيس التحرير
عصام كامل

الموسيقار «الديني» بليغ حمدي!!


في الثاني عشر من سبتمبر الجاري، يكتمل ربع قرن من الزمان على غياب الموسيقار "بليغ حمدي"، أحد أبرز الأساطير الغنائية التي سطعت في سماء الفن المصري والعربي.. ورغم عبقريته الفذة، فإن "بليغ" يحتل أيضًا المركز الثاني في قائمة الأكثر تلحينًا بنحو 1500 لحن، أما صاحب المركز الأول فهو "محمد الموجي" برصيد "1880" لحنًا.. "بليغ" الذي عاش بين عامي 1931 و1993، تعاون مع مشاهير زمنه من المطربين والمطربات، وكان شريكًا في نجاحاتهم.


ولكن يبقى تعاونه مع أسطورة الابتهالات والتواشيح الدينية الشيخ "سيد النقشبندي" فارقًا بالنسبة لكلٍّ منهما.. فمنْ كان يصدق أن صاحب الأغاني الرومانسية الذي يعيش "حياة بوهيمية"، كما كان يصفه رفاقه ومعاصروه، قادرٌ على أن يصيغ بموسيقاه أناشيدَ دينية لا يؤثرُ فيها تقادمُ السنين، ولا تغير الأذواق، كما أن "النقشبندي" صنع بألحان "بليغ" لنفسه تاريخًا تفوق به على جميع أقرانه.

المُدهش.. أن هذا التعاون الذي جمع بين "الشامي" و"المغربي" – إن جاز التعبيرُ والوصفُ- تم بقرار جمهوري من الرئيس الراحل "محمد أنور السادات"، وتحديدًا في العام 1972، عندما جمعهما حفلُ زفاف إحدى بنات الرئيس.

"الساداتُ" – رحمه الله- كان يمتلك ذائقة فريدة، فلولاه ما كان "مصطفى إسماعيل" ولا "محمد محمود الطبلاوي"، ولا "أحمد نعينع"، رحم اللهُ من رحل، وأمدَّ في عُمر من بقى، مع حفظ الألقاب للجميع، ولولاهُ ما كان هذا "الدويتو" التاريخي أيضًا.

عندما أمر "السادات" الإذاعي الراحل "وجدي الحكيم" بفتح ستوديو الإذاعة في اليوم التالي لحفل الزفاف، ليبدأ فورًا التعاون بين الموسيقار والشيخ، ارتبكَ كلٌّ منهما، وكان الثانى أكثرَ توترا وارتباكًا، غيرَ أن الأولَ خالفَ ظنه وقدَّم له عبقريته الخالدة": "مولاي إنى ببابك قد بسطتُ يدي"، ثم تلاها بنحو 100 لحن، أبرزها:

"أشرق المعصوم"، و"أي سلوى وعزاء"، و"أنغام الروح"، و"رباه يا من أناجى"، و"ربنا إنا جنودك"، و"يا رب أنا أمة"، و"يا ليلة في الدهر - ليلة القدر"، و"دار الأرقم"، و"إخوة الحق"، و"أيها الساهر"، و"ذكرى بدر" وغيرها، ليشكلا معًا ثنائيًا نادرًا لم يتكررْ حتى الآن، وقد لا يتكررُ في ظلِّ تراجع الذوق العام بوتيرةٍ متسارعة. 

رحم اللهُ الرئيس السادات والموسيقار بليغ حمدي والشيخ "سيد النقشبندي"..
الجريدة الرسمية