رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا ترفض الصوفية الفكر الإخواني؟.. مرحلة تعايش التصوف والجماعة لم تدم طويلا بسبب تآمر الإخوان.. هاجمت ابتزاز التنظيم وتحريضه لها على الصدام مع السلطة والمجتمع.. وباحث صوفي: نهايتهم كانت متوقعة

صورة ارشيفيه
صورة ارشيفيه

«حقيقة صوفية».. شعار رفعته جماعة الإخوان الإرهابية، وجعلته ضمن الأسس التي قامت عليها في عشرينات القرن الماضي، وكان الهدف من الزج بالصوفية في البناء الداخلي للجماعة، احتواء الحركات الصوفية، وإبعادها عن الانسجام مع التيار الليبرالي، الذي ساد تلك الحقبة، بعدما انهار مشروع الخلافة بسقوط الدولة العثمانية.


نسخ البناء الهيكلي لـ "الصوفية"

يمكن القول، إن الإخوان استفادت من البناء الهيكلي للصوفية، في تضخيم صورة المرشد أمام أتباعه؛ فرأس الجماعة شيخ عالي المقام، أمام مجرد «مريد» ليس له من أمره شيئًا، وهذه المصطلحات لايستخدمها بالفعل إلا الطرق الصوفية.

منذ أيام البنا وحتى الآن، والإخوان تورث أجيالها طاعة عمياء من الصف للقيادة، باعتبار أن الجماعة في إحدى أهم حلقاتها «حقيقة صوفية»، حتى لو كان ذلك يتعارض بشكل قاس مع مبدأ الشورى في الإسلام، مع أن «دين محمد» يرفض الكهنوت، الذي تتسم به الفكرة الصوفية، وتجعل العلاقة بين المريد وشيخه، كالميت بين أيدي مغسله، فيكون بلا حراك أو تعارض، أو حتى تفكير في أي شيء يخالفه، وهذا مبدأ جوهري في الصوفية.

الانقلاب على الصوفية

كانت الصوفية منذ بداية العلاقة مع الإخوان، وهي تعلم جيدا بتحريض الجماعة للحكومات المختلفة على الفتك بالطرق ومشايخها منذ أيام الملكية، مرورا بكل أنظمة الحكم التي توالت على حكم البلاد، بسبب فشل الإخوان في ضم الطرق بمشروع حركي واحد مع الجماعة، بعدما تبين للصوفيين أهداف الإخوان الحقيقية، ونوازعها العدوانية التي لا تمت للصوفية بصلة.

يقول الدكتور عبد الرازق ناجم، الباحث في الشأن الصوفي، إن الصوفية فهمت جيدا، محاولات اللعب بها من الإخوان، خاصة عندما كانت ترفض الجماعة علانية أي دور سياسي للطرق، مع أنها أشرس الحركات الدينية التي تقوم فكرتها على الخلط بين السياسة والدين.

يوضح ناجم، أن مرحلة تعايش الصوفية مع الجماعة لم تدم طويلا بسبب هذه العلاقة التآمرية، التي انكشفت تمامًا بعد وقت قصير من تدشين الإخوان، ومحاولة استقطاب الطرق التي كانت ملء السمع والبصر في هذا التوقيت، وأفضل وسيلة فعالة لجذب الجماهير للتدين.

يرى الباحث في الشأن الصوفي، أن الصراع والخلاف العميق بين الطرفين، تعمق بسبب رفض الإخوان الظاهري للمعتقدات الصوفية في تبجيل الشيخ والتعامل معه بشيء من الاحترام المتطرف، مع أن الجماعة حتى الآن تقدس قادتها، ولا تسمح مطلقا بالخروج عليهم لأي سبب، ثم زادت الفجوة بسبب رفض الصوفية تحريض الإخوان لهم على اتخاذ مواقف متشددة مع السلطة بما يتنافي مع المبادئ الصوفية.

فراق للأبد

الفراق الحقيقي بدأ في رأي ناجم، بعدما اعتنقت الجماعة بشكل خفي مبادئ «رشيد رضا»، أحد أهم الآباء الروحيين للتنظيم، وأشهر واضعوا نبتة التطرف في الإخوان، وتزامن ذلك مع محاربة التصوف منذ منتصف ثلاثينات القرن الماضي، ورغم ذلك ظل الموقف الرسمي للجماعة يتراوح بين الصدام ومحاولات الاستقطاب التي لا تنفض، فحسب الموقف والوضع الراهن، وموقف الصوفية من صدام الإخوان، مع السلطة القوى السياسية والاجتماعية، يتحدد طريقة التعامل مع "مريدي آل البيت"

ويختتم: انتهى حلم الإخوان بكابوس، بسبب ابتعادهم عن المنهج الصوفي الحقيقي، الذي يلزم التقرب من الله والبعد عن الفتنة، وكان هذا سببا في انضمام الصوفية للقوى الاجتماعية التي أسقطت الإخوان، ورفضت حكمها، الأمر الذي تسبب في الهجوم الضاري الذي تشنه قيادات الإخوان وإعلامها على الصوفية، واتهام للطرق بالعمالة للسلطة، وهي اتهام منه براء، بحسب وصفه.
الجريدة الرسمية