رئيس التحرير
عصام كامل

أمين «البحوث الإسلامية» : تحركات الأزهر لتجديد الخطاب الديني واضحة.. والهجوم علينا «خارج حساباتنا»

فيتو

>> "السوشيال ميديا" طريقنا للوصول لمسلمي العالم

>> الاحتكاك بالواقع سياسة جديدة يتبعها المجمع خلال الفترة المقبلة
>> ملف الطلاب الوافدين "خط أحمر" لشيخ الأزهر
>> الإمام الأكبر شيخ الإسلام والمسلمين في العالم ويحظى بتقدير الجميع
>> لدينا أكثر من 200 واعظة داخل المجمع ونعمل على زيادة أعدادهن خلال الفترة القادمة

بعد قرار الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بالتجديد للدكتور محيي الدين عفيفي، في منصبه أمينًا لمجمع البحوث الإسلامية،
أكد فضيلته أن المجمع اعتمد سياسة جديدة سيتم العمل عليها خلال الفترة المقبلة، تتمثل في ضرورة العمل على أرض الواقع، والاحتكاك مع كل شرائح المجتمع، من خلال الوعاظ والقوافل الدعوية التي يطلقها في كل محافظات الجمهورية.
«فيتو» التقت الدكتور «عفيفي» للحديث معه حول الخطط المستقبلية التي يسعى لتنفيذها خلال المقبلة، ملفات أخرى وضعناها على طاولة الحوار مع «د.عفيفي»، أجاب عنها باستفاضة في الحوار التالي:

بداية.. حدثنا عن أبرز الخطط المستقبلية التي وضعتها على مكتبك بعد قرار الإمام الأكبر بالتجديد لك؟
يمكن القول إننا بصد رؤية جديدة لعملنا، من خلال التلاحم مع المواطنين في كل ربوع مصر، عن طريق القوافل التوعية التي يطلقها المجمع، بجانب الاهتمام بمشكلات المواطن، والعمل على إعادة اللُحمة الوطنية التي كانت موجودة من قبل، ولدينا قوافل توعوية في جميع نواحى الجمهورية وزيادتها وانتشارها في كل النجوع والقرى والمحافظات، لأنه لا يمكن إنكار معاناة الناس من الظروف الاقتصادية، لكن هناك معانى مهمة يجب استحضارها، بحيث يتم التأكيد على الروح المصرية الأصيلة، ونحن نركز على فكرة الانطلاق من الواقع، ولا نعول على الأمور النظرية، بل إن الاشتباك مع الواقع هو الأساس في عملنا.

برأيك.. ما أبرز القضايا التي تحتاج للعمل على أرض الواقع؟
هناك قضايا وموضوعات تحتاج إلى معالجة على مستوى المجتمعى، وعلى سبيل المثال هناك قضايا متعلقة بالأسرة، فنحن رصدنا ارتفاعا لمعدلات الطلاق، وهذه الظاهرة لها أسباب متعلقة بالأسرة المصرية، ومتعلقة أيضًا بالموروث الثقافى والاجتماعي لدى بعض الشباب من خلال البيئة، وهناك قضايا تتعلق بالمرأة ومكانتها واحترام رأيها فهذه مسائل مهمة جدًا، وربما النظرة الذكورية للمجتمع في بعض الأحيان أثرت تأثيرًا سلبيًا في حياة عدد من الأسر المصرية، حيث تقوم على إهدار حق المرأة وحقها في التعبير عن رأيها، أو حجب مشاركتها في القضايا المهمة فهذه نظريات غير مقبولة تمًامًا، والإسلام يحترم رأى المرأة وهى شريكة الرجل والواقع أكد ذلك، ولدينا على مر التاريخ شرائح من النساء أثرن تأثيرًا إيجابيًا في حياة الأسر والمجتمعات، وفى تاريخ الأمة، ومن ثم فإن معالجة هذه القضايا من الأهمية بمكان.

هل ترى أن المجتمع المصرى افتقد كثيرًا من القيم التي كان يتمتع بها في وقت سابق؟
فيما يتعلق بملف القيم الأخلاقية، بالفعل كثير من القيم ضعفت في حياة المجتمع وبعضها تلاشى، ونحن بحاجة إلى إعادة المجتمع المصري إلى الأخلاقيات القديمة، مثل أخلاقيات الشهامة والمروءة، والتكافل، والرحمة، والمواطنة، فنحن بحاجة شديدة إلى استرجاع تلك المعاني مرة أخرى، لا سيما وأن الخصائل في جينات المجمتع المصرى ونحن بحاجة إليها في الوقت الذي يعانى فيه الناس من بعض الظروف الصعبة، ولا بد أن ندرك أن الوطن يمر بتحديات تفرض على الجميع العمل، فالقوات المسلحة والشرطة ليست ملزمة وحدها بمواجهة تلك التحديات، فكل مواطن مسئول ولابد أن يكون الشعب داعما للدولة وللقوات المسلحة من خلال تحمل الظروف الاستثنائية التي تواجه البلاد، فالدولة تواجه تحديات خارجية منها محاولة إسقاط الدولة، ومحاولات جرنا إلى الفوضى، والتي أنقذ الله مصر من الدخول فيها، حين قيض القيادة الحكيمة لتحمل المسئولية والعبور بها إلى الدولة الحديثة.

كما أننا نقر أن هناك معاناة ولكنها استثنائية وكل المجتمعات تمر بمراحل بين مد وجذب، لكن الأهم الصمود والوعى، ومثل هذه القضية حاضرة في أذهاننا كمؤسسة دينية، وكوعاظ في الأزهر الشريف، ونعمل على بلورتها بشكل أو بآخر في تعاملاتنا مع المواطنين، وكل ما سبق هو ملفات عملية للاشتباك مع الواقع.

هل كانت هناك توجيهات محددة من شيخ الأزهر للمجمع خلال الفترة المقبلة؟
فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف يوجه ويؤكد أهمية الالتحام مع الواقع والنزول للشارع، وملامسة الواقع، بعيدًا عن التنظير، وفضيلته وجه بضرورة احتكاك الوعاظ بكل أطياف الشعب.

هل هناك أفكار جديدة يمكن تنفيذها على غرار تجربة «أكشاك الفتوى»؟
هذه تجربة كان لها ملابساتها الخاصة بها، وأكدنا وقتها أنها ليست نهاية المطاف بالنسبة للمجمع، فنحن لنا تجارب عديدة، ومنها تجربة واعدة وهى تجربة «المقهى الثقافي» من خلال الالتحام مع شرائح متعددة من المجتمع، ونجحت بشدة وطافت محافظات عدة منها قناة وأسوان والبحر الأحمر والإسكندرية وأسيوط والقاهرة والجيزة، وهى ليست التجربة الوحيدة، فلنا تجارب كثيرة ونحن نعمل في الأساس على التلاحم مع جميع أطياف المجتمع، وهناك النشاط الثقافى الصيفى الذي يقام الآن مع الطلاب الوافدين سواء في مدن البعوث الإسلامية أو المعسكرات الصيفية، ونحن الآن بصدد ترتيب القوافل والأنشطة الثقافية في أماكن تجمع الطلاب الوافدين خارج المدينة، للتواصل معهم وحمايتهم من الاستقطاب، إلى جانب العمل على ترسيخ المنهج الأزهرى، لأن هؤلاء الطلاب سيكونون سفراء للأزهر في بلدانهم.

بالحديث عن الطلاب الوافدين.. ما هي أوجه اهتمام الأزهر بهم؟
الطلاب الوافدون ينعمون برعاية خاصة في ظل توجيهات وحرص الإمام الأكبر على الاجتماع، واللقاء بهم وتوفير جميع أوجه الدعم المالى والمعنوى والتعليمى والثقافى والاجتماعي وهذا الملف بالنسبة لفضيلة الإمام بمثابة «خط أحمر».


هناك بعض الآراء التي ترى أن الأزهر لم يؤد الدور المنوط به فيما يتعلق بـ«تجديد الخطاب الديني».. تعقيبك؟
من يتهم الأزهر بالتقصير في مجال التجديد في الخطاب الدينى، ربما يعذر لعدم معرفته بالأنشطة التي يقوم بها الأزهر أو بمعرفة معنى مصطلح "تجديد الخطاب الديني" وعلى سبيل المثال لا الحصر من الأنشطة التي يقوم بها الأزهر في هذا المجال ما يجرى من مراجعات للمناهج الدراسية، وكذلك المقررات التي تم استحداثها مثل مادة الثقافة الإسلامية، سواء في مرحلة ما قبل التعليم الجامعي أو التعليم الجامعي، وما تتضمنه هذه المقررات من التأكيد على ضرورة احترام الآخر والتعايش معه وتعزيز قيم التعايش السلمى والمشتركات الإنسانية، وتصحيح المفاهيم المغلوطة وبيان المعاني الصحيحة.

بجانب ذلك.. فإننا نشتبك مع الواقع عن طريق لجان الفتوى التي تم افتتاحها منذ أكثر من ثلاث سنوات في محافظات الجمهورية إلى جانب اللجان التي كانت موجودة من قبل، وهذه اللجان تعمل على توفير الرأى الشرعى الصحيح وقطع الطريق على أدعياء الدين، ومن يحاولون التصدى للفتوى دون علم، وأيضًا السلسلة العملية لمجمع البحوث الإسلامية والعمل الذي يقوم به المرصد العالمى للأزهر الشريف، والجولات التي يقوم بها فضيلة الإمام الأكبر في الشرق والغرب ولقاؤه مع بابا الفاتيكان في أكثر من مرة وآخر مثال على ذلك المحطة التي يقوم بها الإمام والمشاركة في منتدى "شباب صناع السلام" فكل هذا نوع من الحراك العملى بعيدًا عن التنظير، ورعاية الإمام لمثل هذه المنتديات هي قمة الاشتباك العملى، وهذه رؤية جديدة في توضيح معانى الإسلام حول التعايش والمواطنة واحترام الآخر ترسيخ قيم الحوار.

صراحة.. هل ترى أن هناك بعض الجهات أو الأشخاص ينتفعون من الهجوم على الأزهر؟
نحن لا نعول على تلك الهجمات، لأننا لدينا رؤية ونمتلك بوصلة، والهجوم علينا لا يشغلنا، لأننا نسعى للعمل على أرض الواقع، ونحن نقرأ مثل هذه المسائل قراءة إيجابية، بمعنى أن هذه الهجمات دليل على حراك ووجود وفاعلية الأزهر الشريف، لأنه لو لم يكن الأزهر موجودا بالفعل لما تحرك هؤلاء.

من خلال مرافقتك لشيخ الأزهر في العديد من الجولات الخارجية.. كيف رأيتم استقبال الملوك والرؤساء لفضيلته؟
فضيلة الإمام الأكبر قامة علمية كبيرة وقامة دينية، وهو شيخ الإسلام والمسلمين في العالم باعتباره شيخ الأزهر الشريف تلك المؤسسة العلمية الوسطية العالمية، ورأينا استقبال الملوك والرؤساء له مثل رئيس البرتغال والملكة البريطانية "إليزابيث" والكل يكن تقديرا واحتراما لشيخ الأزهر سواء على المستوى الشخصى أو المؤسسى، والكل يعترف بمكانة الأزهر تلك المؤسسة المصرية عالمية العطاء، فالكل يقدر قيمة الأزهر الشريف كمؤسسة علمية وسطية ليس لها أي أجندات خاصة، بعد أن سقطت الأقنعة ممن حاولوا استغلال الإسلام لتحقيق أجندات معينة، فالأزهر الشريف كان ولا يزال هو المنارة الإسلامية العالمية الوسطية والتي حظيت باحترام العالم بجميع أطيافه خاصة في ظل تنامى الإرهاب ومن يحاولون تصوير الإسلام بالصورة الدموية التي نراها من خلال بعض التصرفات المتطرفة منهم، أكسب الأزهر مصداقية عالمية، وأكد أهمية حضوره والتواصل والتعاون معه باعتباره منارة الإسلام.

كيف ترى اعتماد ميزانية 3 مليارات جنيه لتجديد الخطاب الدينى؟
هذا الاعتماد يعتبر ترجمة لثقة الدولة في قدرات الأزهر وعطائه، وهذا الرقم يمثل تحديا بالنسبة لنا ويفرض علينا المزيد من العمل والجهد والتفانى في خدمة الوطن، لأن هذا دورنا وتلك مسئوليتنا وينبغى أن نعمل ليل ونهار لدعم مسيرة التنمية في هذا الوطن الذي يعد قيمة عظمى، وهو يستحق من كل مواطن أن يضحى بكل ما يملك من أجل استقراره ومن أجل الأجيال المقبلة، كما يعد دعما للدور التاريخى والحضارى لمصر، وهذه الثقة نعتز بها ونعتبرها مسئولية وتكليفا لا تشريفا، لأنها تحتاج إلى مزيد من العطاء والإخلاص والعمل.

برأيك.. ما هي أفضل الوسائل لحماية الشباب من الانضمام والاستقطاب ناحية الجماعات التكفيرية؟
مسألة تحصين الشباب من خطر الإرهاب والتطرف تبدأ بالعناية بالأسرة واستعادة الدور المفقود للأسرة، وكذلك العناية بالطفولة ومعرفة الأساليب الصحيحة للتعامل مع الطفل، ومعرفة أن العناية بالأسرة لا تكون بتوفير الاحتياجات المادية فقط وإنما تعنى الإشباع العاطفى والمعنوى، ولأ نترك الفرصة لغيرنا ليحتل المكانة التي تركناها فارغة، وتضافر جهود البيت والمدرسة والجامعة والشارع من خلال استعادة القيم الأخلاقية والاستعانة بقدرات الشباب واحترام الشباب والحوار معهم وهذه السبل ستكون من أهم ضمانات الحماية للشباب.

هل هناك خطة لمنح المرأة مساحة أكبر في أنشطة المجمع؟
لدينا أكثر من 200 واعظة دخل المجمع، ينتشرن بمناطق الوعظ على مستوى الجمهورية، ونحن في سبيلنا لتنمية هذا العدد، لأننا نؤمن بدور المرأة، كما أننا نعمل على تأهيل هؤلاء الواعظات وزيادة أعدادهن والعناية بهن كمًا وكيفًا.

لوحظ مؤخرًا نشاط المجمع على منصات وسائل التواصل.. ما الهدف من ذلك؟
نحن نؤمن أن الملعب الحقيقى الآن هو "الملعب الإلكترونى"، وأنه لا بد من الاستفادة من جميع وسائل التواصل الاجتماعي حتى نستطيع الوصول إلى الشباب والناس في مختلف أنحاء العالم، وبالتالى نحن نركز بقوة على على حضورنا بقوة على تلك المنصات، بجانب العمل على أرض الواقع، بحيث نواكب جميع الثقافات والمراحل العمرية، وخاصة الشباب، إضافة إلى التواصل المباشر، في ظل سيطرة وسائل التواصل الاجتماعي على عقول الشباب والأطفال.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية