"العشق الممنوع" فى "حيوانات الجيزة"
مع كل حادث فى بلادى، تتعدد الروايات، تتوه الحقائق، يتصدر الكذب المشهد، ثم سرعان ما ينسى القوم الحوادث القديمة، بأخرى جديدة، فكثرتها يُنسى بعضُه بعضا.
فى حادث طريف، كمقتل الدببة الثلاثة فى حديقة حيوانات الجيزة: "نبيلة" و"لولو" و"فرح"، الأسبوع الماضى، لم يتم اعتماد رواية وحيدة، يمكن تصديقها، فبينما قالت طائفة: إن للحادث أبعادًا عاطفية، وإن الضحايا كانت تتنافس على قلب الدب "هانى"، الذى صار فى شهرة "مهند"، بطل المسلسل التركى الشهير، "حتى أنهم أطلقوا علي الحادث عنوانا فنيا هو: "العشق الممنوع"، ردت طائفة أخرى الحادث لأسباب تتعلق بالإهمال فى معاملة الدببة الولهانة لحظة هيجانها، حتى أن تلك الطائفة أصدرت بيانًا توعدت فيه بالثأر من المتسببين فى مقتلها، على نحو مأساوى، لا سيما أنه سبق الاحتفال بعيد شم النسيم، بساعات معدودة.
وما حدث فى تلك الواقعة العارضة بحديقة حيوانات الجيزة، يحدث كل ساعة، وكل يوم فى حدائق البشر، فى عموم جمهورية مصر العربية...حوادث تقع، وقتلى يسقطون، فضلا عن مصابين، قد يصبحون معوقين، وتبقى الحقيقة تائهة، لا أحد يريد أن يقبض عليها، ففى إطلاق سراحها منجاة للمتهمين الحقيقيين.
والأسئلة التى بلا أجوبة أو لها أجوبة متعددة ومتضاربة فى هذا السياق كثيرة:
مثلا.. بعد رفض محكمة النقض طعن النيابة على براءة المتهمين بقتل المتظاهرين فى "موقعة الجمل".. من هم المنفذون الحقيقيون لتلك الموقعة التى أسقطت مئات المصريين؟ ومن قتل ضحايا "محمد محمود"، ومن قتل ضحايا "ماسبيرو"، ومن نفذ مذبحة رفح ، التى راح ضحيتها 16 جنديًا مصريًا، من قتل الشيخ "عماد عفت"، "الحسينى أبوضيف"، "محمدالجندى"، "وجيكا".. وغيرهم؟
ومن اقتحم السجون أثناء الثورة، ومن أضرم النار فى محكمة "باب الخلق"؟ ومن قتل ضحايا بورسعيد، ومن يطلق النار على أقسام الشرطة وأكمنة الجيش فى العريش كل يوم، ومن فجّر أنبوب الغاز المتجه من مصر إلى إسرائيل؟ومن هم المتهمون الحقيقيون بجلب ضبطيات الأسلحة الثقيلة التى تم ضبطها منذ قيام الثورة، وحتى تنصيب الدكتور محمد مرسى رئيسًا؟ ومن سمم طلاب المدينة الجامعية بالأزهر؟
وقبل الثورة أيضًا وقعت حوادث كثيرة، لم يتم تحديد هوية منفذيها، وتعددت الروايات بشأنها، مثل: مقتل سعاد حسنى، أشرف مروان، الليثى ناصف، جمال حمدان، كما تتعدد الروايات بشأن وفاة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ووزير دفاعه عبد الحكيم عامر وغيرهم.
تساؤلات كثيرة، لوقائع مريرة، وقعت بعد الثورة، وقبلها، لن تجد رواية وحيدة للإجابة عليها، وسوف تبقى الإجابة مجهولة، فى ظل وجود حكام ينفرون من الصدق، ويعشقون الكذب، بدليل أن رئيسنا المفدى الدكتور محمد مرسى لم يف يوما بوعد، وحنث بكل أيمانه التى أقسم بها.