«فيتو» داخل مقر مصنع 999 الحربي.. افتتحه عبد الناصر 1963 للأغراض العسكرية.. ويسهم اليوم في دعم الصناعة الوطنية.. السطارة الزراعية النجم الساطع في مجال الزراعة صناعة مصرية 100%
على بعد خطوات قليلة من مدينة حلوان، يقع مصنع 999 الحربي المملوك لوزارة الإنتاج الحربي، ويعد المصنع أكبر وأعرق قلعة صناعية في الشرق الأوسط،، بدأ المصنع عملاقا ينافس المصانع العالمية في ستينيات القرن الماضي لكن الظروف الاقتصادية التي مرت بها مصر عقب الحروب المتوالية تسببت في تراجع إنتاجه.
المصنع عبارة عن ورشة واحدة تحولت إلى 6 مصانع وهم "مصنع القواذف والهاونات-التشكيلات الحديدية –الآلات والأجزاء الثقيلة-المعدات والماكينات الزراعية-الجلفنة على الساخن-مصنع التروس".. بدأت تصنيع الأسلحة فقط لكن الآن تساعد في التنمية بالمنتجات المدنية العملاقة مثل محطات تحلية المياه والصرف الصحي فناطيس المياه والمنتجات الزراعية ومعدات المباني.
افتتح الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وعدد من أعضاء مجلس قيادة الثورة مصنع 999 الحربي عام 1963، لإنتاج القواذف الصاروخية والهاون لتلبية مطالب القوات المسلحة من إنتاج هذه الأسلحة، وقتها تطور ليصبح قلعة صناعية لصناعة معدات الورش والمخارط والعربات النقل والمعدات والماكينات الزراعية ومعدات حماية البيئة ومقطورات القلاب وفناطيس المياه.
كل هذا الإنتاج وراءه كتبية عمل مثل خلية النحل كل واحد فيهم يعرف دوره جيدا ويبدع فيه مع الترابط الكامل كأنهم تروس مكملة لبعضها البعض.
"فيتو" زارت المصنع، وقضت يوما كاملا مع العمال والمهندسين العاملين به..
البداية كانت مع اللواء مختار عطا خيري رئيس مجلس إدارة شركة حلوان للآلات والمعدات "مصنع 999 الحربي"، الذي بدأ حديثه معنا عن تاريخ المصنع قائلا: "هذه المصنع ولد عملاقا ينافس أكبر المصانع العالمية وما زال قادرا على المنافسة رغم التحديات التي واجهته لأكثر من ربع قرن وتجاهل القيادات المتعاقبة لأهميته التي أنشئ من أجلها، لكن القيادة السياسية الحالية المتمثلة في الرئيس السيسي الذي فطن منذ توليه الرئاسة أن مصر لها مكانة كبيرة في العالم ولن تتحقق إلا إذا أنتجنا احتياجاتنا بانفسنا ومنذ تولي اللواء العصار الوزارة وبدأ في تطوير الشركة لتنافس في السوق المحلي أولا ثم السوق العالمي".
وأكد "خيري" أن عدد العاملين بالشركة يبلغ نحو 2000 عامل 1700 عمالة دائمة ونحو 300 عمالة مؤقتة باليومية وتبلغ نسبة العمالة درجة أولى نحو 70% ممن يبلغ عمرهم 45 إلى 55 ذوي الخبرة الكبيرة بالإضافة إلى المهندسين والفنيين، مشيرا إلى أن المصنع عندما تم افتتاحه عام 1963 كان إنتاجه يقتصر على المعدات العسكرية مثل الهاون والقواذف الصاروخية ثم تطور المشروع لتصبح شركة حلوان للصناعات الحربية وآلات الورش في يوليو عام 1970، حيث يقوم بإنتاج العديد من آلات ورش المعادن وورش النجارة ومعدات الميكنة الزراعية ومعدات الحفاظ على البيئة وتجهيزات العربات النقل المختلفة وتصنيع قطع الغيار للماكينات العملاقة مثل المطاحن والمخابز الكبرى وتصنيع لنشات الإنقاذ ولنشات التفتيش للمسطحات المائية وجلفنة المشغولات الحديدية بكل الأطوال بطبقات الزنك والميكرون.
وأوضح أن هناك نحو 3 اتفاقيات مع دولة بيلاروسيا تمت خلال زيارة الرئيس السيسي اليها عام 2017 على التصنيع المشترك في الآلات الزراعية من آلات الري والرش والجرارات الزراعية مع شركة أجروماش العالمية.
وأضاف: "تم توقيع بروتوكول مع شركة maz العالمية لصناعة الناقلات والشاحنات الكبيرة وأنشأنا خط تجميع محلي، ونسعى للوصول إلى تعميق الصناعة، حيث يصبح التصنيع المحلي بنسبة 28%، وسبقنا الخطة وقدرنا نقوم بعمل تكامل مع بعض شركات القطاع العام والخاص وقمنا بتجميع مجمل للسيارة وعملنا منها 21 سيارة بمواصفات عالمية "عربات نقل خلاطات أسمنت- ناقلات جند –عربات نقل" وهذه العربات توفر نحو 650 ألف جنيه عن العربات المستوردة من الخارج، وقمنا بعمل مراكز صيانة لها عدد من محافظات الجمهورية وتوكيلات لها في أسوان وتوشكي وأسيوط والساحل الشمالي وقطع غيارها متوفرة في السوق المحلي وليست بحاجة لاستيرادها مما يسهم في توفير مصاريف الاستيراد بالدولار".
داخل ورش المصنع التقينا المهندسة أمل عبد المنعم محمد رئيس قطاع البحوث والتصميم بالشركة التي قالت: "مصنع 99 الحربي "حلوان للآلات والمعدات" يولي الكفاءات المناصب القيادية، ولا يفرق بين الرجل والمرأة في العمل".
وأشارت إلى أن قطاع البحوث الذي ترأسه مكون من 7 مهندسين بينهم 5 سيدات وهو أصعب قطاع في مصانع الشركة، حيث يقوم بتصميم العينات والمعدات ثم الرسم على الورق بالأبعاد والأطوال بدقة متناهية وإرسالها للورش لتصنيعها ومطابقتها بالرسومات مرة أخرى وهذا الموضوع يتطلب دقة عالية الجودة، ويحتاج إلى تركيز كامل لمدة 4-5 ساعات متواصلة دون حركة..
أما المهندس محمد جلال رئيس قطاع الإنتاج بشركة حلوان للآلات فقال: "أعمل هنا منذ تخرجي قبل 24 عاما وروح التعاون في العمل الجماعي هي السائدة، ولدينا قطاع تدريب داخل وخارج الشركة يعمل بخطة سنوية لتدريب العاملين والمهندسين والفنيين لرفع كفاءاتهم على مدار العام كما يقوم بالتدريب لدينا في الشركة طلاب من كليات هندسة بمختلف الجامعات والمعاهد الفنية لثقل شباب الخريجين على سوق العمل، بالإضافة إلى مساهمتنا في مشروعات التخرج لكليات الهندسة بأسعار رمزية للخامات فقط ولدي في القطاع 840 عاملا و22 مهندسا".
وأكد المهندس محمد الجزار رئيس مصنع التروس أن المصنع يوفر الكثير من العملة الصعبة في استيراد قطع غيار دقيقة نقوم بتصنيعها محليا داخل مصنعنا بأسعار مخفضة، مشيرا إلى أن المصنع عبارة عن 3 ورش لإنتاج أعمدة الصلب بمختلف الأطوال والثاني التروس والثالث الأجزاء الصغيرة من العدد المتداخلة في الآلات والمعدات.
أما المهندس علاء بيومي رئيس قطاع الجودة فتحدث عن بداية عمله في المصنع قائلا: "أعمل في المصنع منذ 36 عاما أقوم بفحص الخامة ومطابقتها بالرسم ثم إعادتها مرة أخرى للمختص حتى نضمن منتجا خاليا من العيوب تماما يتم تركيبة في المصانع للعمل بكفاءة عالية ونحن الآن نقوم بتصنيع قطع غيار وتروس لمصانع السكر بالنوبارية ومطاحن الدقيق بالقاهرة الكبرى وتروس الماكينات الألماني، ومن أهم المنتجات الحديثة، سطارة الحبوب المنتج المصري 100% أعلى كفاءة من أي سطارة في العالم وتعتبر الآن النجم الساطع في مجال الزراعة لأنها تستطيع زراعة جميع أنواع البذور".
وأوضح المهندس سعيد رشدي أن السطارة تتميز أنها توفي 25% من حجم الفاقد في البذور عن السطارات الأخرى، بالإضافة إلى أنها توزع 120 بذرة في وقت واحد للزراعة في مصاطب وهي مصممة على البذور من القمح إلى الفول على عكس كل السطارات لأنهم متخصصون في نوع واحد من البذور.
وأضاف: "تعتبر هذه السطارة أحدث سطارة في العالم لانتظام زراعة المحاصيل وزيادة الإنتاج الزراعي خصوصا في الأراضي الصحراوية والمساهمة في المشروع القومي لزيادة الرقعة الزراعية، بالإضافة إلى تصديرها للخارج، وتم تجربة السطارة وعمل 52 منها لصالح مركز البحوث الزراعية وجار العمل في طلبية جديدة بـ2000 سطارة آخرين، وتوفر 40% من الفاقد في المياه وتوزع نحو 60 إلى 70 كم من التقاوي على الفدان الواحد"..
وتابع: "نعمل في آلات الري المحوري والرش الحديثة التي تقلل نسبة الري عن طريق الماكينات التي تعمل بالديزل وتوفر 150 مليون دولار سنويا يتم صرفها على الآلات القديمة والقادوس ويتم تصديرها للسودان والدول الأفريقية لأنها تعتبر أحدث منظومة للتغذية ويتم العمل بها في المشروعات الزراعية الكبرى مثل مشروع توشكى وشرق العوينات والصالحية الجديدة والمنيا الجديدة".
وأوضح رشدي أنه تم عمل مشروع استرشادية كتجربة في الفيوم بـ 220 فدانا بالري الآلات الحديثة في منطقة "سيلا" تم تنفيذ 60% من المشروع بالسطارة الجديدة وآلات الرش.
وأضاف المحاسب أحمد قطب مدير التسويق في الشركة أن الإدارة تقوم بتجربة الآلات في المزارع الإرشادية، ومن خلال الجمعيات والإدارات الزراعية وعرضها أمام المزارعين لرؤيتها وهي تعمل وجار تعميمها على مستوى جميع المحافظات والتجمعات الزراعية الواعدة وهناك طلب كبير على السطارة الجديدة من وزارة الزراعة.
"نقلا عن العدد الورقي..."