رئيس التحرير
عصام كامل

قرارات البابا السرية لمواجهة تمرد الرهبان.. القرارات الـ12 بداية و«النقل من الأديرة» خطة «تواضروس» لتهدئة الأجواء.. ومهلة 30 يومًا للرهبان الستة الرافضين للقرارات

 البابا تواضروس الثانى،
البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية

«الأنبا إبيفانيوس قُتل بدم بارد»، هكذا وصف أحد الرهبان الحادث الذي وقع في ساعة مبكرة من صباح الأحد الأخير في يوليو الماضي، داخل دير الأنبا مقار في وادي النطرون، ومن الممكن أن يكون القاتل نفذ جريمته ببرود تجاوز برود ساعة الفجر وقت تنفيذ الجريمة، لكن تبعات الواقعة كانت أشد سخونة.


قداسة البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، رغم حالة الحزن التي اتضحت عليه بعد ساعات من معرفته بتفاصيل الحادث، إلا أنه تجاوز أحزانه سريعًا، وبدأ في اتخاذ خطوات – في صورة قرارات – جادة لضبط الحياة الرهبانية، التي أكد البعض داخل البيت القبطي أنها شهدت تسيبا الفترة الماضية، وهو تأكيد زاده تأكيدًا ما خرج على البطريرك نفسه، ليصدق على 12 قرارًا أصدرتها لجنة الرهبنة وشئون الأديرة، ومحاولة إعادتها إلى سابق عهدها.

تمرد من نوع ما كان بانتظار قرار «تواضروس» الـ 12، لا سيما في أديرة الجنوب البعيدة عن الأعين، في المقابل طالب رؤساء الأديرة الرهبان بقرارات البطريرك المشروعة، خاصة أن جميعها لمصلحة الكنيسة والحياة الرهبانية وليس لمصلحة شخصية. 

البابا كان صريحًا، عندما اعترف بوجود خلل، والتزم بالصراحة زادها بل منحها بعضًا من الجرأة حينما أعلن أن الكنيسة ليس لديها ما تخفيه، وأنه عازم على الإصلاح الذي بدأه منذ أن وصل إلى الكرسي المرقسي، حيث بدأ من الكاتدرائية، ويتجه إلى الأديرة التي تحتاج إلى تدخل جراحي وبشكل عاجل.

موجة التمرد على قرارات «تواضروس الثاني» حملت في طياتها عددا كبيرا من الرهبان، أصحاب الرداء الأسود، الذين انضم إليهم بعض كهنة الكنيسة أيضا، واتفق الفريق المناهض للقرارات، خلال لقاءات سرية عُقدت خلال الأسابيع القليلة الماضية، على البحث عن الطريقة المثلى للتعامل مع قرارات البابا.

القرارات الـ 12 لضبط الأديرة والرهبان، لم تكن الوسيلة الوحيدة التي لجأ إليها وريث عرش «مرقس الرسول»، فقد اتجه البابا أيضا إلى القرارات غير المعلنة، والتي يأتي في مقدمتها، حسبما كشفت مصادر تحدثت إليها «فيتو»، قراره بمنع كنائس القاهرة والإسكندرية، من استقبال أي رهبان، سواء لحضور جنازات أو أفراح، إلا في نطاق ضيق، على أن يسبق هذا الاستقبال تنسيق مع كاهن الكنيسة، والحصول منه على إذن.

البعض رأي أن هذا القرار يأتي ضمن خطة البابا تواضروس الثاني للسيطرة على تمرد الرهبان، ومحاولة تحجيم ممارستهم السابقة، التي كانت قائمة على الانتشار كثيرا خارج الأديرة، حيث كانت لهم تعاملات كبيرة بعيدًا عن أسوار الدير، والتي يسعى البابا لإعادتها مرة ثانية إلى ما خلف الأسوار.

ويمكن القول إن خروج القس يوئيل المقاري، في تسجيل صوتي مسرب، وتحميل الراحل قداسة البابا شنودة الثالث، مسئولية التسيب الذي وقع في دير أبو مقار، عقب تدخله فيه بعد وفاة الأب متى المسكين، وهو ما أحدث الفوضى داخل الدير، يعتبر نوعا من التسيب.

التقرير الصوتي المُسرب سرعان ما ردت عليه لجنة الرهبنة، وبشكل عاجل، حيث فتحت تحقيق معه، رغم اعتذاره عن التسريب، مؤكدًا أنه لم يقصد المعنى الذي فهم به الحديث، لتصدر اللجنة بعد انتهاء التحقيق قرارًا بإيقافه على خلفية «التسريبات» ذاتها.

خطة «تأديب الرهبان»، أو إعادة الرهبنة إلى أصولها التي يقودها قداسة البابا تواضروس، التحركات التي شهدتها الكنيسة الأرثوذكسية في الآونة الأخيرة، تشير إلى أنها لن تتوقف عند التنبيهات، ووضع المحاذير، حيث قررت لجنة الرهبنة نقل 6 رهبان من دير أبو مقار الذي شهد حادث مقتل الأنبا أبيفانيوس، إلى عدد من الأديرة، حددتها اللجنة وهي «الأنبا بيشوي، السريان، ابراموس، مارمينا، المحرق في أسيوط»، من بينهم رهبان من دفعة 2010. التي رسمها قداسة البابا الراحل شنودة الثالث، والتي كانت تضم الراهب المجرد إشعياء المقاري، والراهب فلتاؤس المقاري، اللذين وجهت لهما النيابة تهمة القتل العمد لرئيس دير الأنبا مقار.

المثير في الأمر هنا – حسب المعلومات المتاحة- أن الرهبان الستة رفضوا تنفيذ قرار النقل، حيث إن نقلهم عن دير الأنبا مقار الذي ترهبنوا فيه اختياريا، يعد بالنسبة لهم الموت بعينه، وأمام رفضهم هذا منحهم البابا تواضروس مهلة 30 يومًا لتنفيذ القرار، وبعدها سيتخذ قرار جديد في شأنهم.

في السياق.. أكدت مصادر تحدثت إليها «فيتو» أن الرهبان الستة لن يكونوا آخر الراحلين عن الدير الأزمة، لكن ستتبعهم دفعات جديدة ومن بينهم رهبان شيوخ، حيث يريد البابا تواضروس، تطهير الدير من المتشددين والمتعصبين، الذين يصعب تطويعهم. 

وأشارت المصادر ذاتها إلى أسماء الرهبان المنقولين ترتبط بأسماء الأديرة الجديدة التي ينتقلون إليها، وهو ما يؤكد أن عملية النقل لن تكون مؤقتة، وسيتم تقديم أوراق اعتماد بالاسم الجديد من الأديرة المنتقل إليها الرهبان إلى السجلات المدنية الجديدة التي سيتبع لها الرهبان لتغيير الاسم أيضًا في بطاقة الرقم القومي.

كما شددت على أن البابا سيؤجل رسامة أسقف ورئيس جديد لمدير الأنبا مقار، لخلافة الأنبا أبيفانيوس المغدور به، لحين هدوء الأوضاع في الدير، وجميع الأديرة المصرية.

وتعليقا على الإجراءات التي اتخذتها لجنة الرهبنة، بموافقة البابا تواضروس، قال نادر صبحى سليمان مؤسس ومسئول حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس إن قرارات لجنة شئون الأديرة والرهبنة بالمجمع المقدس بنقل 6 رهبان من دير أبو مقار بوادي النطرون، إلى 6 أديرة أخرى، يهدف إلى تصحيح المسار في الدير.

وأوضح أن إجراء ممثلين عن لجنة الرهبنة تحت إشراف قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، تحقيقات خلال الفترة الماضية مع عدد من الرهبان، وذلك بهدف إعادة ضبط الحياة الرهبانية بعد مقتل الأنبا إبيفانيوس أسقف ورئيس الدير، تعيد الانضباط إلى الدير وتصحح المسار، مشير إلى أن نقل 6 رهبان من الدير وهم من أبناء دفعات رهبانية مختلفة وتختلف أعمارهم بينهم اثنان في الخمسينيات واثنان في الأربعينيات واثنان في الثلاثينيات، وكانوا ضمن رسامة 2010 في عهد الراحل قداسة البابا شنودة الثالث، تعكس رغبة قداسة البابا تواضروس الثانى، في العمل تدريجيا على نقل كل دفعة 2010 التي رسمها قداسة البابا شنودة الثالث من الدير للحفاظ على هوية الدير.

وأكد سليمان أن أكبر دليل على وجود خلل في الدير هي كلمة قداسة البابا تواضروس الثاني في جنازة الراحل الشهيد الأنبا إبيفانيوس، عندما قال: “أنتم رهبان تنتموا إلى دير القديس العظيم مقاريوس الكبير ولا تنتمون إلى أي أحد آخر” وهي جملة تعني معاني كثيرة تأتي ترجمتها في الخطوات التي يتم تنفيذها الآن.

وقال مؤسس حركة شباب كريستيان للأقباط الأرثوذكس "في كل الأحوال نحن نثق في حكمة قداسة البابا ونطالب كل أبناء الكنيسة القبطية بالوقوف خلف قداسة البابا تواضروس الثاني من أجل عبور تلك الأزمة وتوحيد الصف ولا مجال إلى الانقسام والمزايدات بين مؤيدين ومعارضين شنودى وتواضروسي ومتاوى.. الكنيسة الأرثوذكسية كنيسة التسليم الأبائي والإيمان المستقيم".

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية