أنيس منصور يكتب: المفضوحون
في كتابه «معنى الكلام» كتب أنيس منصور مجموعة مقالات نشرت له في الصحف والمجلات، كتب في إحداها تحت عنوان (مفضوحون) يقول:
في شهر أغسطس ماتت أميرة بريطانيا وشبعت موتا، وما يزال الناس يتحدثون عنها ويحزنون على جمالها ويؤمنون بأن الأسرة المالكة هي التي قضت عليها للتخلص منها.
أما التليفزيون الفرنسى فراح يبحث عنى في النيل وتحت الكبارى يستوضح منى.. فقد كنت أول من قال أن المخابرات البريطانية هي التي اغتالتها، كما اغتالت المخبارات الأمريكية مارلين مونرو وكلتاهما في السادسة والثلاثين.
الأميرة ديانا قتلوها حماية للعرش، ومارلين قتلوها حماية للرئيس الأمريكى كينيدى الذي قتلوه حماية لصناعة الذخيرة والسلاح. وقد صدرت عدة كتب فى أمريكا وبريطانيا تهاجم الأميرة وتقول أنها متخلفة عقليا وأن إعجاب الناس بها أكبر دليل على أن الناس مغفلون والشعب البريطانى "عيل" لم ينضج بعد.. إذ كيف تخرج الملايين بهذه الصورة تبكى الأميرة.
وأتذكر أن الأستاذ عباس محمود العقاد في محاضرة عن أمير الشعراء أحمد شوقى في الجامعة الأمريكية هاجم شوقى بمنتهى العنف كما كان يفعل أيام شوقى حيا قام أنصار شوقى يعيبون على العقاد أنه يهاجم ميتا، فقال العقاد: أنتم ترون أنه مات وأنا أرى أنه ما يزال حيا.. فأنا أفضل عند شوقى.. بل إنه ميتا أقوى منه حيا.
وكذلك الأميرة ديانا ما تزال قوية حية كأنها لم تمت.. بل لم يمت اسمها ولا ذكراها. ويوم مات الموسيقار محمد عبد الوهاب أدهشنى أن الذين ذهبوا إلى العزاء لا يزيدون على عشرين أذكر منهم عادل إمام وسعد عبد الوهاب وكمال الطويل وبس.
لم أكن أتصور أن هذا هو رأى الناس من موت عبد الوهاب، فعبد الوهاب قد حصل على كل شئ في الدنيا.. المال والشهرة والعمر الطويل، فهو ليس عبد الحليم حافظ لم ينل من الدنيا إلا المرض والحزن فتمزقت قلوب الملايين عليه.
إن وفاة عبد الوهاب قد فضحتنا أمام أنفسنا، لقد كنا نستكثر عليه كل شئ لأنه مثل ثمرة نضجت تماما.. فمن الطبيعى أن تسقط.
أما عبد الحليم حافظ فلم ينضج وإنما الموت خطفه وقطفه وقذف به قلوبنا وعقولنا وعيوننا.. فضحنا موت ديانا ومارلين وعبد الوهاب.
