رئيس التحرير
عصام كامل

الخبير الاقتصادي خالد الشافعي: ديون مصر الخارجية غير مقلقة ومرشحة للتراجع في هذه الحالة

فيتو

  • أطالب بفرض ضرائب تصاعدية لسد الفجوة بين الإيرادات والمصروفات
  • أحكام تعويضات بعض الشركات الأجنبية ضد الحكومة المصرية ليست واجبة النفاذ

قلل الخبير الاقتصادي خالد الشافعي من خطورة الديون الخارجية على مصر، مشيرا إلى أنها وصلت إلى نسبة غير مقلقة على الإطلاق وأنها مرشحة للتراجع حالة حدوث تحسن في الاستثمارات الأجنبية المباشرة إضافة إلى انتعاش قطاع السياحة. 

وأوضح الشافعي أن قضايا التعويضات التي حصلت فيها بعض الشركات الأجنبية على أحكام ضد الحكومة المصرية ليست واجبة النفاذ، لافتا في الوقت نفسه إلى أن مصر ليست لديها فرق قانونية محترفة للدفاع عنها في قضايا التحكيم والنزاعات الدولية.. وإلى نص الحوار:

بداية.. ما أسباب لجوء الحكومة للاقتراض؟
جميع الوزارات لجأت إلى القروض لسد العجز الهائل في الموازنة العامة للدولة، الذي وصل إلى أرقام كبيرة خلال الخمس سنوات الماضية، إذ سجل للعام المالي 2016-2017، نحو 9.8% من نسبة الناتج المحلي، مقابل نحو 11.5% خلال العام المالي 2015-2016، وقُدر العجز الكلي بمشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016-2017 بنحو 319.46 مليار جنيه، وكان لا بد من التدخل لزيادة تدفقات النقد الأجنبي لمواجهة الاقتراض الداخلي لارتفاع فوائده، وهو ما أدى إلى الزيادة الملحوظة في معدلات الدين الخارجي للبلاد، وأدى كذلك إلى تضاعف ديون مصر 5 مرات طوال الفترة الماضية وتحديدا منذ عام 2010 وفق البيانات المعلنة من وزارة المالية، وارتفع الدين الخارجي للبلاد قرابة 8% خلال النصف الأول من العام المالي الجاري، قياسا على الفترة نفسها في السنوات الماضية، الأمر الذي جعل إجمالي الدين الخارجي يقترب من 83 مليار دولار.

إلى أي مدى هذه الديون مقلقة؟
أعتقد أن الرقم ليس مقلقا إلى حد كبير، في حالة حدوث تحسن ملحوظ في مؤشرات جذب الاستثمار الأجنبي، وتنامى الاحتياطي من النقد الأجنبي، فأغلب الاقتصاديات الناشئة تعرضت لمثل هذه الأزمات وارتفعت معدلات الدين فيها لأكبر من تلك النسبة، لكن الإجراءات المتبعة في عملية جدولة الديون وسدادها، هي الفيصل في عملية الحكم على مدى القلق بشأن ديون مصر الخارجية.

كيف ستؤثر تلك الديون الخارجية على موقف مصر الاقتصادي؟
الديون الخارجية أسهمت في عدة إنجازات ولو مرحلية، أولا ساعدت في توفير العملة الأجنبية الأمر الذي أحدث حالة من الاستقرار المالي، وتوفير النقد، واستقرار الجنيه ولو مرحليا، وتوفير احتياجات البلاد لـ10 أشهر مقبلة من الاستيراد، وكذلك أسهمت في أن عجز الموازنة شهد تحسنا بلغت قيمته 1.7% خلال موازنة 16-17، فإجمالي الإيرادات العامة بلغت 669.7 مليار جنيه، يتوزع على 433 مليار جنيه إيرادات ضريبية، و234 مليار جنيه إيرادات غير ضريبية، و2.2 مليار جنيه منح.

لكن على الجانب الآخر لدينا أزمة ظهرت في ارتفاع المصروفات العامة التي سجلت 974.7 مليار جنيه بدلًا من 829 مليار جنيه العام السابق، وهذا الخلل الواضح مستمر رغم تحسنه بعض الشيء خلال موازنة العام المالي الحالي وتحقيق فائض أولى.

كيف يمكن تجفيف منابع الديون والتخلص منها؟
يمكننا القول إن لدينا فجوة بين الإيرادات والمصروفات كما أشرت حول موازنة العام الماضي، وهنا نجد أن هناك تزايدا بصورة مستمرة في معدلات الديون وفوائدها فنحن لدينا فوائد سنوية تصل إلى 542 مليار جنيه تلتهم الجزء الأكبر من إيرادات الدولة، وهو ما يدفع الحكومة لتقليص الدعم جزئيا إلى أن تصل إلى صفر الدعم خلال 2021 ما عدا السلع الأساسية مثل الخبز، فلا بد من الوصول إلى حل للفجوة الكبيرة بين الإيرادات والمصروفات بهدف وقف الاستدانة.

قد يكون لدينا حل جزئي وهو مزيد من الإجراءات لترشيد الإنفاق العام، وزيادة التدفق النقدي من العملة الأجنبية عبر تنشيط السياحة وضخ عملة أجنبية من خلال المستثمرين الأجانب في المشروعات الاستثمارية، وتدعم الاحتياطي بزيادة موارده الرئيسية وهذا يتطلب جهد كبير جدا يحتاج لسنوات.

بمعنى أدق دائما اقتراح فرض ضرائب تصاعدية مع زيادة الدخل على غرار الدول المتقدمة فغير واقعي توحيد الضريبة على شخصين أحدهم يمتلك مصنع بتروكيماويات ودخله ملايين الدولارات سنويا، وآخر محل بقالة دخله بضعة آلاف من الجنيهات، وفي النهاية يتم توحيد الضريبة عليه فهذا الكلام غير واقعي، فإذا فرضنا ضريبة تصاعدية إلى جانب استغلال الأصول غير المستغلة وتشجيع الاستثمار الخارجي والمشروعات الجديدة سيتغير الوضع ونقلل عجز الموازنة.

ما قيمة الفوائد المقررة على مصر؟
أحجام القروض كما ذكرت يمكن جمعها في إجمالي الدين العام الخارجي لمصر ويصل إلى 83 مليار دولار ولها فوائد مقررة تختلف من مؤسسة إلى أخرى ومنها قروض ذات فائدة بسيطة جدا التي تأتي من شركاء التنمية وقد تكون بفائدة 2%، لكنَّ هناك ديونا عبر السندات الدولارية وتصل الفائدة عليها إلى 6% لكنها طويلة الأجل، وتصل مدد استحقاقها 30 عاما ولا يوجد قلق منها على الإطلاق، ما يزعجني فعلا هو الديون قصيرة الأجل.

ما سبب ارتفاع الدين الداخلي؟
الدين الداخلي ارتفع بصورة ملحوظة أيضا نتيجة الاستمرار في طرح سندات وأذون الخزانة، وهي ذات فائدة مرتفعة جدا فآخر طرح تم كان بنحو 3.5 مليارات جنيه كانت فائدته نحو 17،6% يتم دفعها كل 6 أشهر، وهى السبب الرئيسي في زيادة الدين الداخلي، ينبغي التحسن التدريجي في الموازنة العامة من خلال زيادة المتحصلات أو الإيرادات، للتخلص من هذا الوباء.

ما نصيب المواطن من الديون؟
الحديث عن توزيع الديون المصرية على المواطنين أمر غير اقتصادي، فالدولة هي الملتزمة بالسداد عبر إجراءات تتعلق بعملية جدولة الديون وإدارة ما يسمى باحتياطي النقد الأجنبي واستخدامه على الوجه الأمثل بهدف سد هذه الديون، لكن ما يعانيه المواطن هو أنه سيتحمل الإجراءات الاقتصادية الهادفة في الأساس لوقف فكرة الاستدانة أو التقليل منها عبر الوصول إلى أقل نسبة ممكنة لعجز الموازنة العامة.

ما الفرق بين الديون وفوائدها وأحكام النزاع الدولية؟ هل من الممكن تحمل الدولة كل تلك الأعباء؟
فكرة التفرقة بين الديون وفوائدها وما يسمى بأحكام النزاع الدولية، هي فكرة بسيطة جدا، الدين هو أصل المبلغ الذي تقترضه الحكومة لغرض سد الفجوة التمويلية لديها وتصل الفجوة التمويلية السنوية حاليا لأكثر من 13 مليار دولار، أما الفائدة فهي نسبة مالية مقرر دفعها عن أصل الدين وتدفع سنويا وذكرنا الفائدة عن الدين سابقا، أما ما يتعلق بأحكام النزاع فهي ليست واجبة السداد ونصل فيها إلى حلول عبر التسويات والمفاوضات.

ما أحكام التعويضات المفروضة على مصر؟
أحكام التعويضات كثيرة جدا لكنها تتركز في قطاع البترول، وتكون الأحكام فيه مرتفعة بعض الشيء، لكن ما نشير إليه هو أن هذه الأحكام ليست واجبة النفاذ، ونجد أن قرار المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار، التابع للبنك الدولي بإلزام مصر بسداد ملياري دولار لصالح لشركة يونيون فينوسا في دمياط بشأن نزاع حول توقف إمدادات الغاز الطبيعي لمصنع إسالة الغاز بدمياط التابع للشركة من شأنه السقوط، لأن البترول أعلنت عودة ضخ الغاز لهذا المصنع مطلع 2019 ومن ثم تسوية هذا النزاع، وأغلب النزاعات التي تحمل هذا الطابع يتم تسويتها بصورة ودية، ولدينا نزاع آخر يتعلق بضخ الغاز إلى إسرائيل جار التعامل معه وتسويته، لكن فكرة أن نترك النزاع برمته دون أن نتابعه هو الذي يزيد تعقيد الأمور.

ما أسباب تلك الأحكام، هل تقصير من مصر أم أغراض مشبوهة لدول أخرى؟
كلاهما، بالفعل الكثير من الأحكام سببها تقصير من المسئولين، وفي الوقت نفسه لا يوجد لدى مصر فريق يدلي بحجته ويدافع عن الدولة ضد تلك الأحكام، كما حدث في اتفاقية إسرائيل، فتلك الأحكام إذا لم يتم تنفيذها، أو تقدم الحجج القوية لرفعها أو تقليلها، تسحب من إيرادات مصر الخارجية، حيث تبحث الدولة التي يكون الحكم في صالحها من منبع إيرادات مصر الخارجية في التصدير، وتسحب منه المبلغ المحكوم به.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية