رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«صباح الخير يا قديستي الحلوة».. حكاية «الجواب الأول» من طفل لأمه (صور)

فيتو


وسط ضجيج الحياة اليومية، وتزاحم مسئوليات البيت والأولاد، قررت "نجوى" الحصول على "وقت مستقطع" قضته في التقليب في دفاترها القديمة، وبمجرد فتح أدراج مكتبها وقعت يداها على حافظة مستندات تضم بين دفتيها أول خطاب كتبه لها طفلها أمير: "كان في عيد ميلادي وكان لسه يدوب تم 4 سنين، وبدأ يكتب حاجات بسيطة.. لقيته مسك ورقة وكتب عليها «ماما بحبك أوي».. وفرحتي بالجواب ماكنتش تتوصف".




«I Love You Mum.. أحبك ماما».. كلمات سُطرت على ملصقات ورقية، لم تتمكن «صفية»، بالعقد الثالث من عمرها حصرها، فابنتها المدللة «ملاك»، دائما ما تفاجئها بالأوراق الصغيرة التي تُعبر عن حبها وامتنانها من خلالها، وحتى لا تتناثر الورقات الصغيرة هنا وهناك، قررت الأم تجميع الورقيات والملصقات المطبوعة على جدران وأجهزة المنزل كافة، في كُتيب صغير، تستنشق عبير كلماته من حين لآخر «ملاك بنتي الأولى.. أول ما كتبتلي كان في عيد الأم.. وأول جواب منها ليا كنت حاسة إني طايرة وفضلت أحضن فيها ساعة».


«الأخطاء الإملائية».. كانت حاجزًا بين «هدى» بالعقد الخامس، وطفلها الأول «حسين»، فلم تستطع فهم الكلمات المكتوبة، وفي يوم استيقظت من نومها وجدته على غير عادته نشيط، ويرتدي زيه المدرسي، لم ينتظرها لإيفاقه بصعوبة كالمعتاد، ومستعد للانطلاق فورًا، «سألته صحيت بدري ليه كدا.. فضل يضحك وقالي هروح المدرسة يا ماما عادي»، لم تُعيره الانتباه، فطفل في عمره بالتأكيد لا يخبئ شيئًا عظيمًا، وبعد ذهاب الصغير لحافلته المدرسية، بدأتُ في تنظيف المنزل لحين عودته، وأسفل وسادتها وجدت ظرفًا كلاسيكي الطراز، بداخله ورقة بيضاء ناعمة، سطرت عليها حروفًا تبلغ من العمر 7 سنوات «كل عام وأنتِ بخير»، فتذكرت أنه يوم مولدها، وصغيرها قرر مفاجأتها بتلك الورقة بعد تعلمه الكتابة بالمدرسة.

4 أطفال، واحد يلو الآخر، أنجبتهم «منة الله» بالعقد الرابع من عمرها، تعلموا الكتابة في الوقت نفسه تقريبا، فالفارق بين الأخ والآخر عام واحد فقط، وبمناسبة عيد الأم تلقت الأم المفاجأة الأهم بالنسبة إليها، وتسلمت أربعة أظرف، يزينها حروفًا منقوشة بالأقلام الرصاص، بين القلوب المرسومة بشكل متعرج غير منتظم، «من أبناءك الثلاثة إلى أمي العزيزة».
حاول الصغار جاهدين، الكتابة باللغة العربية الصحيحة، لكن براءة طفولتهم خانتهم، ولم تخلو الجوابات المرسلة من الأخطاء الإملائية، وترك المسافات بين الحروف وتداخلها، إلا أنها ظلت الجوبات الأقرب إلى قلبها «عمري ما أرمي الجوابات دي هتفضل ميراثي الأهم في حياتي».


في صندوق خشبي صغير كانت "سها" تحتفظ، بالخطاب الأول الذي كتبه لها صغيرها "نادر"، كانت من الحين للآخر تخرج الصندوق وتسترجع ذكرياتها مع ابنها البكري.


يبلغ «نادر» من العمر ست سنوات، ويمكث بصحبة والدته الثلاثينية بمنزل كبير، تخطت علاقتهما حياة الابن والأم المليئة بالضغوطات والتعليمات، وتحولت إلى صداقة مشتركة تجمع بينهما، فاهتمامتهما باتت واحدة، وبين التمرينات الرياضية وجلسات التصوير والرسم، تنحصر أوقاتهم، ومن بين الرسومات المتعددة التي رسمها الصغير، تظل جملة «I Love You Mum»، تزين أوراقه «ما بعرفش أكتب عربي أوي فكتبلها بالإنجليزي دايما عشان هي بتحبني وبتجبلي ألوان وألعاب كتير».

لم يعكر صفو علاقة سهير بابنها إلا مرض السكر، الذي تمكن من جسد «نادر» في سن الثلاث سنوات، فبعد الفحص تأكد مرض الطفل، وبدأ كل شيء يتغير، فأصبح الطعام له مواقيت محددة، وأصبح هناك قائمة طعام لا يُسمح بتعديها، وتغير مزاج الصغير أيضًا لعدم تمكنه من تناول الحلويات التي يحبها، لكن «سها»، باتت السند الدائم له، واقتربت من طفلها أكثر يوما بعد يوم، وجلبت له كل ما يحتاج إلى تفريغ طاقته الفنية والكتابية على أوراق الرسم، وأصبحت تُشاركه أيضًا في ذلك.


Advertisements
الجريدة الرسمية