13 عاما على محرقة بني سويف.. «شمعة» تلتهم مبدعي المسرح المصري
13 عاما مرت على أكبر كارثة فنية في العصر الحديث، لا يزال لهيب النيران، التي ألتهمت مسرح قصر ثقافة بني سويف، لم تخمد في قلوب أهالي أكثر من 50 مبدعا وفنانا مسرحيا، لطالما حلموا لأيام وليالي بحق ذويهم.
حلما جميلا، في بدايته زين مهرجان نوادي المسرح، بعرض "من منا حديقة الحيوان"، عن رواية "حديقة الحيوان"، الكاتب الأمريكي "إدوارد إلبي"، نسجت خيوطه، وأحداثه، في مساء الإثنين 5 سبتمبر 2005، قبل أن تتحول تحية، وتهاني الجمهور، والفنانين الحاضرين في نهايته إلى صراخا، واستغاثات، ليترك كابوسا لاتمحوه سنين مرت، ولا أحداث ووعود زائفة تلاحقت بعدها.
لم يكن يعلم فريق نادي مسرح الفيوم، أن رحلته إلى بني سويف ستكون الأخيرة، في عمره الفني، لتكتب نهاية حجهم في سبيل عشق «أبو الفنون».
وكعادة الاختيارات الخاطئة، والإهمال الذي كان مسيطرا في كافة المجالات، أختيرت القاعة الصغيرة المخصصة، للفنون التشكيلية في الطابق الأرضي بقصر بني سويف، لإقامة العرض، بسعة تكفي 40 فرد فقط، على أكثر تقدير، لتقتظ بضعف العدد وفق شهادات بعض الناجين من المحرقة.
وبأداء رائع، وإبداع لفريق العرض، لاقى حينها تحية وإشادة الكثيرين، وأثناء تبادل التهاني والمباركات بين الجميع، بعد المشهد الأخير، والذي لم يكن للعرض فحسب، ولكن نهاية رحلة فنية لمواهب شبايبة كان يملأها الكثير من الطموحات، ويسكن قلوبهم الأمل بحصد جوائز المهرجان، لتسبق ذلك النيران وتحصد أرواحهم، وأجسادهم.
مبدعين، وفنانين، وشعراء، راحوا ضحية الحادث، كان على رأسهم كل من، الدكتور محسن مصيلحي، الناقد والكاتب المسرحي، والأستاذ بقسم الدراما والنقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وصاحب كتب "حكاية أبو النجا المنصور وشركاءه"، ودكتور صالح سعد، الناقد والمخرج المسرحي وصاحب المؤلفات "ميتافيزيقا الحركة"، و"تقاليد الكوميديا الشعبية"، والدكتور مدحت أبو بكر، الكاتب والناقد المسرحي وصاحب كتاب "دقات على أبواب الصمت"، و"محاولات تهويد الإنسان المصري"، والناقد نزار سمك، وبهائي الميرغني، وأحمد عبد الحميد، وحازم شحاته، والشاعر أحمد علي سليمان، وغيرهم.
وكغيرها من الحوادث التي تهز الرأي العام، شكلت لجنة لتقصي الحقائق من "جماعة 5 سبتمبر" التي تكونت بعد الحادث، والتي أفادت في تقريرها أن عربات الحماية المدنية، التي تبعد عن موقع الحريق مسافة 5 دقائق، جاءت بعد مرور ما لا يقل عن 50 دقيقة، وبعد وصول العربات حاول عمال الإطفاء استخدام الخراطيم لإخماد الحريق، لكنهم لم يجدوا مياها يضخونها.
وتضمنت أحد بنود التقرير، والذي لايزال الأكثر جدلا حتى الآن، حين ذكرت اللجنة أن سبب الحادث هو سقوط «شمعة» كانت ضمن ديكور العرض أدت إلى ثلاثة انفجارات التهمت قاعة المسرح.
عقب الكارثة، تقدم الدكتور فاروق حسني، وزير الثقافة حينها باستقالته، للرئيس الأسبق حسني مبارك، والذي رفضها، كما وقّع أكثر من 200 شخص، من الكتاب والمثقفين، على بيان طالبوا فيه وزير الثقافة بسحب استقالته، كما ناشدوا الرئيس محمد حسني مبارك بعدم قبولها.
وفي عام 2007، أصدرت المحكمة، حكمها بمعاقبة كل من عادل فراج مصطفى فراج، مدير عام فرع ثقافة بني سويف بالسجن لمدة 3 سنوات، وبهجت جابر القباري مدير قصر الثقافة بالسجن لمدة عامين، وسمير عبد الحميد رئيس قسم المسرح بقصر الثقافة سنة مع الشغل، ورجب عبدالله عطوة أخصائي أمن بقصر الثقافة سنة مع الشغل.
خطوات معتادة، ورتين منظم، لا يثمن ولايغني، يجب فعله في الكثير من الحوادث الدامية التي تقع بين فترة وأخرى، نتيجة إهمال أو فساد، أو غيرها، والتي لم تطفئ نيران اشتعلت قبل سنوات طويلة، في قلوب أهالي الضحايا ولم تبرد حتى الآن.
وكان قد أوصى الدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة الأسبق، بتخصيص يوم 5 سبتمبر، من كل عام، يومًا سنويًا لإحياء ذكرى شهداء المسرح، إلا أن ذلك لم يستمر، كما قرر أيضا إطلاق اسم "5 سبتمبر"، على مسرح "ملك"، برمسيس، تخليدا لتلك الذكرى، إلا أن كل ذلك عد في قائمة الوعود، والآمال، التي لا تخرج إلى النور، والأحلام التي لا تنفذ على أرض الواقع.