رئيس التحرير
عصام كامل

«اتحاد القرضاوي» سكين قطر لـ«ذبح الأزهر».. يتمدد بـ 70 فرعا في العالم.. ويضم أكثر من 95 ألف رجل دين.. «علماء المسلمين» يعقد بروتوكولات تعاون مع أكثر من 50 جمعية خيرية إسل

يوسف القرضاوي
يوسف القرضاوي

بعد فشل جميع مخططات التمكين الإعلامية والسياسية، لم تجد الدوحة طريقًا لها سوى بالسعي لتنفيذ سيناريو «التمكين الديني»، مستعينة بعدد من قيادات جماعة الإخوان، الإرهابية، الذين يحاولون عبر الدعم القطري إنشاء كيان موازٍ للأزهر الشريف، والذي يحمل اسم الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، والذي افتتح الشهر الحالي فرعا جديدا له في إقليم كردستان العراق، وبذلك يصبح الاتحاد له امتدادات في 70 دولة بآسيا وأفريقيا وأوروبا وأمريكا، ومختلف المناطق الجغرافية عبر مكاتب وفروع وأعضاء، بجانب توسعه في عمل بروتوكولات تعاون، وشراكة مع مؤسسات ومنظمات دينية محلية، ليصبح الكيان المجرم والمعلن على قوائم الإرهاب، في كافة دول التحالف العربي المعارض لقطر، خطرا حقيقيا يجب العمل على مواجهته.


خريطة الأفرع
بالنظر إلى خريطة أفرع الاتحاد المشبوه، يتضح أن «الدوحة» تختارها بعناية شديدة، عبر دراسات يشرف عليها متخصصون في السياسة من أفضل الخبراء في الشرق والغرب، وجميعهم يسخرون خبراتهم لرسم استراتيجيات السلطة القطرية، للتغلب، أولًا على الحصار العربي القاتل عليها، وفي الوقت ذاته ضمان عمل التأثير والنفوذ التي تطمح فيه، والذي بسببه دفعت فاتورة باهظة الثمن، وأصبحت محاطة بالعداء من جميع جيرانها، ولم يتبق لها إلا إيران وتركيا في المنطقة بأسرها.

«الدوحة» وجدت ضالتها فيمن يمكن وصفه بـ«مطاريد الأزهر» وأبنائه الذين خرجوا من مصر محملين بالكثير من الغضب تجاه مؤسستهم الأم، والذين بإمكانهم وحدهم تأسيس كيان ديني بجودة عالية، لبناء مولود ديني جديد على يد يوسف القرضاوي، الزعيم الروحي والديني للسلطة القطرية، وابن الأزهر المطارد بغضبه ولعنته، باسم وشعار وهمي، لجعله مؤسسة إسلامية شعبية، حتى لا يفهم أنه كيان شرعي يخدم أهداف قطر.

البداية
ظلت الدوحة ترعى الكيان الجديد بداية من تدشينه عام 2004 بمدينة «دبلن» الأيرلندية، وهو اختيار له دلالة، حتى يبقى بعيدا عن مراقبة الانظمة العربية والإسلامية العتيقة في المنطقة، ولكي يوظف في الوقت المناسب، لا سيما أنه ظل يستقطب علماء دين من كافة أنحاء العالم بأرقام ورواتب فلكية.

«اتحاد القرضاوي».. لم يقصر عضويته على بلدان العالم الإسلامي فقط، بل اتبع سياسة تهدف لزيادة نفوذ قطر في مكان به توتر أو صراع لضمان مد يدها باعتباره كارت لعب أساسي في المنطقة، لذا ضمت رموزا دينية من الأقاليم التي تصارع الأنظمة والدول العربية وتهدف إلى تفتيتها، من الأقليات والمجموعات الإسلامية خارجه.

مع بداية العام 2011، واندلاع ثورات ما يوصف بـ«الربيع العربي»، وتصدر قطر المشهد كاملا، ظهر الكيان الذي تم تسمينه فجأة، وبشكل سريع للغاية، تم نقل المقر الرئيسي للاتحاد من إيرلندا إلى الدوحة عاصمة قطر، وأذيع في هذا التوقيت الذي لم ينتبه إليه كثيرون، أن القرار جاء بناء على اجتماع عاجل للمجلس التنفيذي للاتحاد، بعدما تم إعداد الخطة الإستراتيجية لتجديد دمائه.

95 ألف رجل دين
على مدى 7 سنوات مضت، نجح النظام القطري بأمواله وكتائبه الدبلوماسية وصفقاته السياسية، ويوسف القرضاوي وزخمه القديم والجديد بعد ظهوره إبان ثورات الربيع العربي، في ضم أكثر من 95 ألف رجل دين من مختلف بلدان العالم الإسلامي، بجانب توحد أكثر من 50 جمعية خيرية إسلامية وخصوصا الجمعيات التاريخية منه، تحت رايته.

ويمكن القول هنا إن الاتحاد يلعب «سياسة» بشكل واضح، وتكشف تقارير الجزيرة السلبية عن الأزهر، كيف يبنى الاتحاد رؤيته وتوجهاته لكسب شعبية بالبدء عند ما تظنه قطر انتهى عنده الأزهر، الذي يرسم خطا محافظا وواضحا، يفصل بين دوره الحضاري والتنويري والفكري والديني، وبين احترامه لسياسات الدول، ورغبته الكاملة التي تنم عن وعي، بضرورة عدم التدخل في شئون الآخرين أو خلط السياسة بالدين.

كما يضع «الاتحاد» القطري، قضايا الحريات عنوانا وهميا لحماية تدخلاته في الدول، وإسباغ شرعية عليها، ولا أحد يفهم كيف سيفصل الاتحاد بين الدعوة والسياسة، إذا تدخل في أشياء كهذه، حسبما قال الدكتور جمال المنشاوي، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية.

المصالحة
وأضاف: التركيز المريب على قضايا المصالحة، والتوجه إلى الأدغال، والوصول إلى دول ليس لها التأثير والزخم العالمي، يؤكد أن الدوحة تتبنى سياسة قاعدية، أو من القاعدة لبناء صورة ونفوذ لقطر، يماثل تلك التي بناها عبد الناصر لمصر، منذ منتصف القرن الماضي.

الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أشار أيضا إلى أن أن نفوذ الاتحاد عالميا، وصل لدرجة غير مسبوقة، لدرجة أنه يمنح نفسه الحق في التحقيق بوقائع في دول مترامية الأطراف مثل قيرغيزستان، التي تقع في آسيا الوسطى، ولها علاقات متشابكة مع الصين وطاجيكستان وأزبكستان وكازاخستان، وتلك الدول هي المقصد الأساسي لقطر من تعزيز نفوذها بقيرغيزستان وإمطارها بالمال دائما، حتى تتمكن من إقامة علاقات اقتصادية وسياسية على مستوى من الندية، يمنحها هواء تحتاجه يجعلها تستشعر حجما أكبر من هذا الذي تبدو عليه.

الخطة التي يتبعها الاتحاد الذي يتكون معظمه من رجال دين لديهم هوى إخواني، وعلى رأسهم يوسف القرضاوي، رئيس الاتحاد، تسير أيضا في تواز آخر، وهو الهجوم الدائم على الأزهر في كل مكان يتواجدون فيه، بداية من الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر أحمد الطيب، وتثبيت صوره في هذه البلدان التي لا تعلم ما يجرى بشكل دقيق في خارج حدودها بسبب ضعف إمكاناتها، أن الأزهر وشيخه وعلماءه تأمروا على محمد مرسي وأنصاره.

الدولة المصرية
في السياق.. قال محمد دحروج، الداعية الإسلامي والإمام بالأزهر: لا يقف الهجوم عند الأزهر نفسه، بل يتمادى إلى الدولة المصرية، التي وصفها في أحد بياناته، بموقعه الإلكتروني الرسمي، أنها وصلت إلى درجة كبيرة من الفساد، الذي تفشى في أركانها ولم يترك حتى المؤسسات الدينية، والجميع أصبح لديه مصالحه الشخصية وأهدافه.

وتابع: كان الاتحاد وقف بندية للأزهر الذي أصدر بيانا أيد فيه إجراءات حصار قطر، بعد انتشار فتاوى رجال الاتحاد بشكل فردي، قبل أن يسارع اتحاد القرضاوي إلى إصدار بيان يرد على الأزهر، ويصدر فتوى مفادها أن حصار الدوحة، «حرام شرعا»، وعلى مدى أسابيع بعد البيان، تفرغت الجزيرة لاستضافة القره داغي أمين الاتحاد، وأحمد الريسوني، عضو مجلس الأمناء وغيرهم من مشاهير الدعاة في الوطن العربي، منهم الكويتي الإخواني حامد بن عبد الله العلي، الذي شارك في حفلة الاتحاد، لتجريم الإجراءات العربية ضد تميم، بما كشف لكل متابع متخصص أن الجزيرة تريد عمل هالة كبرى بمناقشة بيان الاتحاد وإضفاء حالة زخم حوله من ناحية، ومن ناحية أخرى، تحدث شوشرة على بيان الأزهر، وتستطيع هز صورته في العالم العربي والإسلامي.

"دحروج" أوضح كذلك أن القرضاوي ومن خلال ممارسات هذا الاتحاد، وصل إلى طريق اللاعودة، بعدما أصبح محرضا على كل ما يخص الدولة المصرية ومؤسساتها بصلة، حتى بعيدا عن السلطة السياسية، مثلما فعل في سوريا التي دعا وبارك التدخل الأجنبي فيها، بسبب عداء قطر لبشار، ودفع البلاد في اتجاه التطرف والحركات الإرهابية المعادية له.

وأكد الداعية الإسلامي، أن عراب السلطة القطرية، باع ضميره لأعداء الدين والوطن فسقط من أعين الناس، ولكن يجب في الوقت نفسه مواجهة النفوذ المتنامي لهذا الاتحاد المزعوم، في ظل أموال لا حصر لها تصرف على توجهاته المعادية للأمة، ولن يقف أمامه غير المؤسسات الدينية الراسخة في العمق الديني للمسلمين بمختلف طوائفهم.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية