ذهب محافظ.. وأتى آخر!
لا أحدَ في بلادي يعلمُ فيمَ يأتي المُحافظون، وفيمَ يرحلون.. الأسبابُ دائمًا مجهولة، والشفافية لا تزالُ غائبة، وسوف تبقى غائبة، كأنَّه ليس من حقِّ الشعب أن يعرفَ شيئًا.. هل يحدثُ التغييرُ من أجل التغيير؟ وهل جميعُ من رحلوا فاشلون، وهل من لم يرحلوا متميزون وناجحون؟ وعلى أىِّ أساسٍ تمَّ اختيارُ المحافظين الجُدُد؟ وهل تمَّ اختيارُ المُحافظ المناسب للمحافظة المناسبة؟ وهل من المنطق "مثلًا" اختيار "بيطرية" لتدير قلعة الأثاث والصيادين؟ كلُّها أسئلة تبدو عقلانية، ولكنها أيضًا لن تجدَ ردودًا.
اختلافُ الليل والنهارِ يُنسى كلَّ شيء.. الحكومة نفسُها تستخدمُ "النسيانَ" سلاحًا فاعلًا في التعامل مع المشكلات والأزمات.. "التقرير المُحتمل لوزارة التضامن الاجتماعي عن إدارة مستشفى 57357 نموذجًا فجًَّا".. الحكومة تتعامل بمنطق أنها "لا تُسأل عما تفعلُ"، خاصة أنَّ مجلس النواب أصبحَ "حاضنة مثالية" لهذه السياسة العليلة، تدعمُه في ذلك وسائلُ إعلام "مُنبطحةٍ".
ما يحدثُ مع المحافظين يحدثُ أيضًا مع الوزراء ومن في مستواهم. البقاءُ لا يكونُ للأفضل دائمًا، بل إنَّ العكسَ قد يكونُ صحيحًا، فكمْ من مسؤولٍ توهَّجَ في منصبه، وتحاكى بتميزه الركبانُ، ولكن سرعانَ ما تم إقصاؤه دون سببٍ وجيهٍ، والأمثلة أكثر من أن تُحصى، وكمْ من مسئولٍ استغاث الحجرُ قبل البشر من تقصيره وإهماله، ولكنْ لمْ يمسسْه سوءٌ، والأمثلة أكثرُ منْ أنْ تُحصى.
وأكبرُ دليل على أنه لا جديدَ يُذكر ولا قديمَ يُعادُ في حركة المحافظين الأخيرة هو الحظُّ المأساوى لمحافظة الجيزة، فهى محافظة منكوبة منذ عقودٍ في محافظيها. الذين تعاقبوا على "الجيزة" في السنوات الأخيرة لم يُغيروا من واقعها "الأليم" شيئًا، بل إنهم ضاعفوا مشاكلها وراكموا أزماتها، وليس "الدالى" ببعيدٍ.. المؤشراتُ بشأن المحافظ الجديد غير مُبشرة، لأن إستراتيجية الاختيار لم تختلفْ، ويبدو أنها لنْ تختلفَ في المستقبل القريب، لتبقى "الجيزة" منكوبة بمحافظيها حتى إشعار آخر..