رئيس التحرير
عصام كامل

«ساعة الصفر».. 4 خطوات تفصل العرب عن يوم جهنم (تحليل إخباري)

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

دول منطقة الشرق الأوسط تشبه «بيت العنكبوت» عندما تنزع أحد خيوطه تصاب جميع أركانه بالتصدع، وأثبت عام 2011 هذه النظرية حيث لم تكن هناك دولة ناجية من الهزة السياسية حتى تلك التي احتفظت باستقرار نظام حكمها، طالتها ماكينة الشائعات وتحركت داخلها خلايا نائمة لها مآرب أخرى.


مخلب إيران
ورغم ما تعيشه شعوب دول منطقة الشرق الأوسط، من حالة تقوقع داخلى على الصعيدين السياسي والاقتصادي، نذر الدمار والحرب والانفجار الكبير تحوط الجميع ولا تستثنى أحدا، وعلى ما يبدو أن الأيام المقبلة ملبدة بغيوم دخان الصواريخ.

فهناك في أقصى الشرق بدأت إيران تتحرك لمعركة مفتوحة بعدما ضيق عليها الخناق، وعاد بها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، إلى المربع صفر وبدد حلمها في رفع العقوبات واسترداد أموالها المصادرة، وانعكس الأمر داخليا على مستوى النخبة الحاكمة باتهامات متبادلة بسبب الاحتياجات الشعبية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية.

صواريخ باليستية

واليوم كشفت وكالة «روتيرز» نقلا عن مصادر إيرانية وعراقية وغربية، إن طهران نقلت «صواريخ باليستية» لجماعات شيعية تقاتل بالوكالة عنها في العراق، وإنها تطور القدرة على صنع المزيد من الصواريخ هناك لدرء الهجمات المحتملة على مصالحها في الشرق الأوسط ولامتلاك وسيلة تمكنها من ضرب خصومها في المنطقة.

وقال مسئول إيراني بارز لـ"رويترز"، إن المنطق هو أن تكون لإيران خطة بديلة إن هي هوجمت، وأضاف عدد الصواريخ ليس كبيرا.. مجرد بضع عشرات، لكن بالإمكان زيادته إن تطلب الأمر.

والصواريخ المعنية، وهي صواريخ زلزال وفاتح 110 وذو الفقار، يتراوح مداها بين نحو 200 و700 كيلومتر، مما يضع العاصمة السعودية «الرياض»، وتل أبيب في الاحتلال إسرائيل على مسافة تتيح ضربهما إن تم نشر هذه الصواريخ في جنوب العراق أو غربه.

ولفيلق القدس الذي يدير الجنرال قاسم سليمانى، ذراع العمليات الخارجية بالحرس الثوري الإيراني، قواعد في هاتين المنطقتين.

وأضاف مصدر "رويترز"، يبدو أن إيران تحول العراق إلى قاعدة صواريخ أمامية.

وذكرت المصادر الإيرانية ومصدر بالمخابرات العراقية أن قرارا اتخذ قبل نحو 18 شهرا بالاستعانة بفصائل مسلحة لإنتاج صواريخ في العراق، لكن النشاط زاد في الأشهر القليلة الماضية بما في ذلك وصول قاذفات صواريخ.

وقال قائد كبير بالحرس الثوري الإيراني خدم خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات "لدينا قواعد كهذه في أماكن كثيرة من بينها العراق، فإن هاجمتنا أمريكا هاجم أصدقاؤنا مصالح أمريكا وحلفاءها بالمنطقة".

مصنع الزعفرانية

وقال المصدر الغربي والمصدر العراقي إن المصانع المستخدمة في تطوير صواريخ بالعراق توجد في الزعفرانية شرقي بغداد وجرف الصخر شمالي كربلاء. وقال مصدر إيراني إنه يوجد مصنع أيضا في كردستان العراق.

وتسيطر على هذه المناطق فصائل شيعية منها كتائب حزب الله، وهي واحدة من أقرب الجماعات إلى إيران. وذكرت ثلاثة مصادر أن عراقيين تدربوا في إيران على كيفية استخدام الصواريخ.

وقال المصدر بالمخابرات العراقية إن مصنع الزعفرانية أنتج رءوسا حربية ومادة السيراميك المستخدمة في صنع قوالب الصواريخ في عهد الرئيس الراحل صدام حسين، وأضاف أن جماعات شيعية محلية جددت نشاط المصنع عام 2016 بمساعدة إيرانية.

وتابع المصدر قائلا إنه تمت الاستعانة بفريق من المهندسين الشيعة ممن عملوا في المنشأة في عهد صدام، بعد فحص سجلاتهم، لتشغيل المصنع. وقال إنه جرى اختبار الصواريخ قرب جرف الصخر.

معركة إدلب

وفى سياق «أخبار الجمعة المقلقة»، أعلنت تركيا تصنيف، «هيئة تحرير الشام» -حليف سابق لأنقرة- منظمةً إرهابية، وذلك مع استعداد دمشق لهجوم عسكري في شمال غرب سوريا، حيث تتمتع الهيئة بوجود كبير.

جاء ذلك في مرسوم صدر عن الرئاسة التركية ونُشر في الجريدة الرسمية، ليتطابق مع قرار الأمم المتحدة في يونيو الماضي بإضافة هيئة تحرير الشام إلى قائمة الأفراد والمنظمات التي ستجمد أرصدتهم؛ بسبب صلات بتنظيمي القاعدة وداعش.

وكشف مراقبون لمعركة الفصل في سوريا –إدلب-، أن القرار التركى جاء بالتفاهم مع الجانب الروسي وانه أنقرة باركت العملية العسكرية الوشيكة، وتخلت عن حليفها –هيئة تحرير الشام- بعد اقناع روسيا لها بخطورة الموقف في ظل استمرار وصول الحشود العسكرية الأمريكية إلى البحر المتوسط رغم نفى واشنطن لما كشفته وزارة الدفاع الروسية مطلع الأسبوع الجاري.

على وقع تحذيرات دولية من « كارثة محققة» في إدلب، رجحت مصادر روسية وأخرى في المعارضة السورية أن «معركة محدودة في إدلب باتت في انتظار تحديد ساعة الصفر»، وسط تقديرات بأن تمهد المعركة لتسويات وتفاهمات إقليمية ودولية.

ومع أنباء عن تعزيز تركيا الرقابة على حدودها بإرسال قوات خاصة إضافية إلى حدود ولاية هاتاي والحدود مع إدلب، قال المبعوث الأممي لتسوية الأزمة السورية ستيفان دي ميستورا، إن من الأفضل إقامة ممر إنساني لإجلاء المدنيين بدلًا من الدخول في معركة قد تتحول «كارثة محققة».

وقال إن «تجنب الاستخدام المحتمل للأسلحة الكيماوية أمر جوهري بالتأكيد»، لافتًا إلى أن لدى الحكومة و«النصرة» القدرة على إنتاج غاز الكلور في شكل سلاح».

وضع غزة

النقطة الثالثة التي تهدد بانفجار المنطقة، بعيدا عن صواريخ إيران ومعركة إدلب، هي الوضع الكارثى الذي يعيشه قطاع غزة، وبالرغم من الجهود المصرية لإنقاذ الوضع بالتنسيق مع الأمم المتحدة، تدخلت قطر بقوة خلال الأيام الماضية لعرقلة خطة القاهرة الرامية لابرام المصالحة الداخلية أولا، بين حركتى فتح وحماس، وتمكين السلطة الفلسطينية من إدارة شئون القطاع تمهيدا لعقد هدنة بين حماس والاحتلال تفتح الأفق لتنمية الاجتماع اقتصاديا وإنقاذ سكانه من وضع كارثى.

وبحسب ما تم تسريبه في الاعلام العبري، فإن الدوحة عرضت تقديم الأموال للقطاع مقابل التفاهمات المباشرة بين حماس وإسرائيل بعيدا عن السلطة الفلسطينية، الأمر الذي قابلته دوائر سياسية دولية بالرفض وأعلنت دعمها للخطة المصرية خشية جر القطاع إلى "هدنة وهمية" مؤقتة تنقله فيما بعد إلى مرحلة الانفجار الكبير.

أحداث طرابلس

من الشرق إلى الغرب، تبرز الأحداث الدامية الدائرة في ساحة العاصمة الليبية «طرابلس»، التي تحولت إلى مرتع لميلشيات مسلحة منفلتة في ظل غياب كيان رسمى للبلاد أو جيش يحكم قبضته الأمنية على الجميع.

صحيح أن رئيس المجلس الرئاسى الليبي، فايز السراج، صنعه الغرب من خلال اتفاق الصخيرات ودخل إلى العاصمة على متن "فرقاطة" عسكرية، لكنه على ما يبدو أن وجوده كان بمثابة ديكور سياسي دولى بهدف الوصول إلى نقطة الانفلات الحادث، كمقدمات مقلقة من احتمالية تدخل الغرب ممثلا في «الناتو» أو الأمم المتحدة لخلق موطئ قدم عسكري له بالداخل الليبي يمثل تهديدا لدول الجوار في شمال أفريقيا، ويفتح الطريق لتصفية نواة الجيش التي تشكلت في بنغازي بقيادة المشير خليفة حفتر – يناصبه الغرب العداء ويفرض حظرا على تسليح الجيش بهدف بقاء البلاد رهينة للمشاريع الغربية-.

صواريخ جهنم

القراءة المتآنية للمشهد الإقليمي برمته في ظل التخلى عن الدبلوماسية واللجؤ لحديث الصواريخ، علاوة على العراقيل التي تواجه تشكيل الحكومة العراقية واللبنانية.. واشتعال الصراع في اليمن بدون أفق واضح لحل سياسي، مبعث قلق لأمتنا العربية التي وقعت فريسة في مخلب رئيس متهور –ترامب- يجيد فن صفقات الدم، وتثير المخاوف من جهنم صواريخ باليستية تتطاير فوق رؤوسنا في سماء الشرق، بات الحد الفاصل بيننا وبينها تحديد ساعة الصفر.


الجريدة الرسمية