رئيس التحرير
عصام كامل

عام عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط


تطورت المصطلحات لتوصيف ما يدور فى الشرق الأوسط، فبينما وصل التفاؤل إلى عنان السماء فى الأشهر الأولى لعام 2011 مع تسمية ما حدث بالربيع العربى، تراجع المصطلح مع نهاية العام وبدأنا نسمع لفظ ما يسمى بالربيع العربى، ومع بداية عام 2012 تدحرج الموضوع أكثر وسمعنا عن ربيع الإسلاميين ثم ربيع الإخوان ثم سمعنا عن تحول الربيع إلى خريف ثم تدهور الموضوع إلى مصطلح عدم الاستقرار.

الذين أطلقوا على ما حدث الربيع العربى هم أيضا الذين سحبوا اللقب كما يحدث فى مسابقات ملكات الجمال عندما يسحبون اللقب نتيجة خداع المتسابقة للجنة وإخفائها معلومات مهمة عن نفسها كأن تكون متزوجة من قبل مثلا. وبالفعل ما حدث من موجات الحرية فى ميادين بعض الدول العربية كان مظهرا خادعا من أكثر المجموعات المنظمة التى ادعت أنها تشارك من أجل الحرية وتقبل بشروطها، وهى جماعة الإخوان المسلمين.

ثبت للجنة التحكيم العالمية أن الجماعة كانت متزوجة وما زالت من الاستبداد الدينى، بل ولديها أبناء فرختهم فى كل العالم من الجهاديين إلى القاعدة. وعدم الاستقرار ليس مؤقتا كما كانت تفترض فيه كونداليزا رايس، أن يفضى إلى استقرار ديمقراطى فى النهاية. وعدم الاستقرار عند الإسلاميين يمهد إلى حالة من الاستقرار القمعى الهش الزائف أو يفضى إلى الفوضى الشاملة والاقتتال الأهلى والدولة الفاشلة.

ولهذا عادت كونداليزا رايس متشائمة فى مقال لها الشهر الماضى فى الـ«واشنطن بوست» قائلة: «قد تكون الحرب الأهلية المشتعلة فى سوريا هى الفصل الأخير فى قصة تفكك الشرق الأوسط كما نعرفه، فإمكانية الحفاظ على وحدة المنطقة وإعادة بنائها على أساس من التسامح والحرية، والوصول بها أخيرًا إلى مرحلة الاستقرار الديمقراطى بدأت تتسرب من بين أيدينا وتبتعد عن قبضتنا».

ورغم أنها فى مقالها تستثنى مصر من التفكك باعتبارها دولة قديمة ومستقرة، فإنها لا تستثنيها من دكتاتورية الإخوان تحت حكم الشريعة على حسب قولها.

إذن السمة الواضحة لعام 2012 هو انتقال الشرق الأوسط إلى مرحلة عدم الاستقرار، والخطوة التالية هى أزمات اقتصادية طاحنة ثم تفكك معظم دوله وربما ستكون سوريا أولى هذه الدول التى تتجه ناحية التفكك، وعلى النمط نفسه يسير العراق.

أما السلطة الفلسطينية فقد سبقت الجميع نحو سيناريو الاقتتال الأهلى والتفكك، فهل معنى ذلك أن الشرق الأوسط لم يكن مؤهلا للحرية والديمقراطية والانتخابات كما قال عمر سليمان؟

الإجابة على هذا السؤال مركبة بعض الشيء، فهناك قوى كانت بالفعل مؤهلة وطواقة للحرية والديمقراطية.
الجريدة الرسمية