رئيس التحرير
عصام كامل

مصالحة وأنا السيد


يطفو على السطح بين الفينة والأخرى حديث عن المصالحة، ولكننا لا ندرى بين من ومن؟ ولا كيف؟ وما هو مدى إدراك أطراف هذه المصالحة المفترضة لأهميتها؟!

الإخوان كما يعرفهم الكثيرون يعتقدون جازمين حازمين أنهم النواة الصلبة لأمة لا إله إلا الله، وأن شرط وجود هذه الأمة،هو تطبيق (الشريعة الإسلامية) عبر تنظيمهم حصريا، رغم أن دستورهم عندما تحدث عن الشريعة أدخل طرفا ثانيا، أو ثالثا هو الأزهر، وجعله مؤتمنا على تطبيقها، رغم أنه لم يكن يوما ما داخلا فى هذه الأمة الإخوانية، ولا جزءا منها، ولذا فهم ينوون بالتأكيد تعيين أحد المسلمين بالمعنى الإخواني، وليس بالمعنى الذى يعرفه عامة الناس، ليصبح شيخا للأزهر، وأمينا للأمة فى ثوبها الإخوانى القشيب.

الإخوان من الأساس لا يكترثون بإسلام الآخرين، ولا يرون فيما يحملونه من مفاهيم عن الإسلام شيئا جديرا بالاحترام، ويخاصة إن كانوا ممن يجرى وصفهم بصفات تحمل الكثير من الانطباعات السلبية، مثل الليبرالية، والعلمانية، وغيرها من الصفات!!

وبالتالى فرؤية الإخوان للمصلحة والمفسدة والمصالحة تتمحور حول مصلحتهم هم، التى هى مصلحة الأمة، فهم الأمة، ولا أحد غيرهم.

المصالحة ينبغى أن تكون مصالحة مصرية إخوانية، حيث يتعين على الإخوان التخلى عن فكرة احتكار تمثيل الأمة أقلية من الناحية السياسية، ولتبقى هذه الفكرة داخل نفوسهم، وليبتعدواعن محاولة فرضها وتكريسها فى أرض الواقع، خصوصا بعد أن بات واضحا لهم أن الأمة الأصلية التى تضم الجميع، لن تقبل بهذا الطرح، ولن تستسلم له مهما كانت الضغوط، ومهما تمادى الإخوان فى محاولة احتكار تمثيل الأمة، والتحدث الحصرى باسمها، لأنها محاولة ستبقى فاشلة، وها قد ظهرت بالفعل ملامح هذا الفشل، وبدأ الإخوان فى الإقرار المراوغ بارتكابهم (بعض الأخطاء).

الآن وبعد كل الذى جرى.. بات على الإخوان أن يدركوا أن إصرارهم على الانفراد بالولاية على الأمة، وإقصاء الآخرين، وإخصائهم، ومنعهم من التكاثر، والتنافس السياسي، هو عمل عديم الجدوى، وأن الفارق الجوهرى بينهم وبين سائر القوى السياسية لا يتعلق بمدى إخلاصهم للدين، بل بمدى قدراتهم التنظيمية.

كما يتعين على الآخرين الكف عن الشكوى والتذمر من قدرات الإخوان التنظيمية، والتقدم بخطى سريعة نحو الحشد السياسى، وتقديم أطروحات وبدائل، فالصراع السياسى سيكون طويلا، وممتدا، ولا مكان فيه للمتخاذلين، وليأخذوا دروسا فى الصبر، وطول النفس من شباب مصر الثائر، فالتفاوض الحقيقى لا يمكن أن يقتصر على الغرف المغلقة.

الجريدة الرسمية