«اشتغالة» الدكتور عصام العريان
لا أهتم كثيرا بندوات أى قيادى من الإخوان المسلمين، أو من يحالفونهم من السلفيين أو غيرهم. ليس استصغارا بشأن أحد، لكن لا جديد أجده عندهم وكل ما يقولونه هو دفاعًا عن سياسات خاطئة لهم، وكلهم بلا استثناء بارعون فى إنكار أى انتقادات توجه لهم، بل يصل الأمر إلى اتهام معارضيهم بكل ما يفعلونه هم من أخطاء وخطايا.
ولفت نظرى فى الفترة الأخيرة أن كثيرا من تصريحات الدكتور العريان يراد بها شغل معارضيه عن القضايا الأهم، لكن لفت نظرى أيضا أنه فى زيارته لأمريكا تحدث عن حق اليهود المصريين الذين خرجوا من مصر فى العهد الناصرى فى العودة إلى مصر، وحملته الكبيرة على النظام الناصرى من أجل ذلك.
على الفور فكرت أن ذلك قد يكون مجرد خطاب لأمريكا واللوبى اليهودى هناك، بألا يخشوا الإخوان المسلمين وأن يظلوا على تأييدهم لهم وأن يحظى هو باستقبال أحسن وأن تمر رحلته بسلام. عاد الدكتور عصام إلى مصر ولم يمر شهر إلا وأعاد ذلك من جديد فى حوار على قناة دريم مع الإعلامى البارز حافظ الميرازي.
ازدادت دهشتي.. المسألة إذن ليست عابرة ولا مؤقتة، كما أنها لا يمكن أن تكون مجرد "اشتغالة" عن الدستور مثلا أو غيره من الخطايا..
المسألة جادة والرجل يكررها بجد شديد، رغم أنه لم يقل ذلك قبل وصول الإخوان للحكم قط.
طبعا أضحكنى تفسيره لذلك من أن اليهود إذا عادوا إلى مصر ستخلو إسرائيل من كثير من سكانها، ويعود إليها الفلسطينيون، وكأن الذى ملأ إسرائيل هم يهود مصر! وبالطبع أى عاقل لا يوافق على الطريقة التى خرج بها اليهود من مصر فى العهد الناصري، وأى عاقل أيضا يعرف أنهم بدءوا الخروج قبل ثورة يوليو 1952 بعشر سنوات وأكثر.
كان فى مصر أيام الملكية منظمة صهيونية مصرح بها لم تتوقف إلا بعد حرب فلسطين عام 1948، وكان أول خروج كبير لليهود أثناء الحرب العالمية الثانية، وبالذات عام 1942، حينما اقترب روميل من مصر وصار على أبواب الإسكندرية عند العلمين، خرج أغنياء اليهود الذين كان معظمهم لا يحملون الجنسية المصرية، بل لاجئون فى بلد آمن من عشرات السنين. وبالطبع خرج معهم بعض من يحملون الجنسية المصرية وأغلب هؤلاء ذهبوا الى أفريقيا وأوربا.
كان الخروج الثانى بعد حرب فلسطين، وكان سببه الرئيسى هجوم الإخوان المسلمين على أحياء اليهود وحرق بيوتهم ومعابدهم ومحالهم بعد هزيمة الجيوش العربية وإعلان دولة إسرائيل. كان الإخوان المسلمين هم سبب الخروج الكبير. طبعا لا يذكر الد كتور العريان ذلك! ووقتها صرح بن جوريون أن إسرائيل لم تكن تحلم بما فعله الإخوان المسلمين مع اليهود فى مصر، وكان سبب خروجهم.
أما الخروج الثالث والأول فى العهد الناصرى فكان بعد ما سمى بفضيحة لافون أواسط الخمسينيات، وهى الانفجارات التى قام بها بعض عملاء الموساد من اليهود فى مصر واكتشاف شبكتهم. كان الخروج هنا تحت مشاعر الخوف. وفى هذه المرة كان على مهل، وسافر أكثرهم إلى أوربا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا أيضا، وبالمثل ما جرى بعد حرب السويس عام 1956 فكان الخروج أيضا على مهل وإلى نفس البلاد وأقله إلى إسرائيل.