روايات وتراث نجيب محفوظ بعيون نقاد وأدباء أوروبا
12 عاما، مرت على رحيل الأديب المصري العالمي نجيب محفوظ، لم تستطع محو أو جعل ما قدمه صاحب «نوبل» في طي النسيان، لتكون شاهدا ودليلا على خلود تراثه، الذي أثرى الحياة الأدبية العربية، وكان أحد مطوري ومحدثي منهجها وأسلوبها.
وفي خضم الحديث عن محفوظ وأعماله، في ذكرى وفاته، يبرز ويفرض نفسه بطلا ما تمت ترجمته من رواياته، التي ظلت محفورة في ذاكرة التراث العربي والعالمي، كما أشاد بها الكثير من الأدباء والمترجمين الأجانب على مدار سنين طوال.
ويقول المترجم الإنجليزي تريفور لوجاسيك: «شخصيتي المفضلة في "زقاق المدق هي الشيخ درويش.. من أجل حسه الساخر ولأنه ينظر إلى كل الجنون الذي يحدث من حوله بشيء من التهكم».
وأضاف عن أولى الروايات المترجمة لنجيب محفوظ: «أنها تعد تجسيدا رائعا لطريقة نجيب محفوظ في إبعاد نفسه عن تفاصيل وتعقيدات المجتمع الذي يناقشه والنظر إليه من مسافة مشابهة لموقع شخص مثلي أجنبي ينظر من الخارج إلى تلك المستويات من المجتمع المصري أو العربي... فنحن لسنا جزءا منه، ولكننا نجده شيقا ومسليا، نحن لا نفهمه، لكننا من ناحية أخرى نحبه بشكل من الأشكال».
وكان المستشرق الإيطالي سيرجو نويا نوزاده، يقول عن كتبه: «في هذا البحر الذي لا يجف من وجوه وقصص، تقف على خيط رفيع بين التقاليد الإسلامية العتيقة والتحولات الحديثة، راح نجيب محفوظ يصيد بيديه كلتيهما لإعطائنا صفحات شديدة التلقائية في أعمال مثل "زقاق المدق"».
كما أكد أيضا، المترجم الراحل دينيس جونسون ديفيز،عن ثلاثية الأديب العالمي: «إن الثلاث روايات ترسم تفاصيل دقيقة ليوميات عائلة مصرية متوسطة وتسجل للتاريخ، كما لم يفعل أي كتاب من قبل».
واعتبر ديفيز أن، «شخصيات الثلاثية وأحداثها تم غزلهما بمهارة فائقة، وأنها في حد ذاتها عمل وإنجاز ملحوظان استطاع به محفوظ أن يحقق للرواية العربية وجودا مهما على الساحة الأدبية».
كما رثا محفوظ بعد وفاته قائلا: «نوبل لم تغيره بما منحته له من شهرة وقيمة مادية شيئا.. فقد استمر يعيش في منزله بالعجوزة مع زوجته وابنتيه، كما لم يغير ذلك من روتين حياته شيئا، فقد استمر حتى يوم مماته رجلا متواضعا ذو ابتسامة وخفة الظل».
وأضاف الناقد البريطاني سكوت ماكلويد عن الثلاثية قائلا: «في ثلاثيته التي نشرت عام 1956 أرخ محفوظ لثلاثة أجيال لعائلة مصرية في العقود التي مهدت لثورة 1952» مضيفا أنه «استطاع في هذا العمل أن يفجر بأدبه الرفيع مقارنات حقيقية مع أعمال أدباء غربيين عظماء مثل فيكتور هوجو وتشارلز ديكنز، الأمر الذي جعل حصوله على جائزة نوبل في الآداب عام 1988 أمرا جديرا به أسهم في لفت الانتباه أكثر إلى هذا الرجل».
كما أكد الكاتب الإيطالي العالمي دانتى مارياناتشي، أن الشيء الأول الذي فعله عند وصوله لمصر، هو أنه ذهب ليلقى بنفسه في الحارات والأسواق الشعبية، التي كانت تسكن قلب نجيب محفوظ، قائلا: «ذهبت أقضي ساعات في المقاهى نفسها، التي كان يذهب إليها، لكي يكتب، ويلتقي الأصدقاء، ويسمع الأصوات، وتلك الروائح التي ملأت خيالي».