رئيس التحرير
عصام كامل

دارت الدوائر على Me Too


يفتتح الليلة مهرجان "البندقية" السينمائي دورته الخامسة والسبعين، بالتركيز على أفلام ملتزمة ضد العنصرية والإرهاب، لكنه يغرد خارج سرب تشجيع النساء بمنافسة مخرجة واحدة في المسابقة الرسمية.


الحضور النسائي الباهت صدم نساء الفن السابع، وتوقعن ميلا معاكسا يرجح مجددا كفة المجتمع الذكوري المسيطر عالميا، فوجهت جمعيات نسوية رسالة مفتوحة للمدير الفني لمهرجان "البندقية" ألبرتو باربيرا، تضمنت الاحتجاج على الطابع الذكوري للمنافسة، فضلا عن التنديد بتصريحات باربيرا نفسه عن أن خياراته للمنافسة تستند إلى "جودة الفيلم وليس جنس المخرج.. وأفضّل تغيير مهنتي قبل أن أُرغم على اختيار فيلم، لأن مخرجته امرأة لا لكونه عملا ناجحا".

تصريحات باربيرا تكشف بلا مواربة أن المجتمع الذكوري ضاق ذرعا بالضغط النسائي لتحقيق مزيد من المكتسبات ونيل الحقوق، وكأنه يريد القول "كفى ما حدث من فضائح وما حصلتن عليه منذ انكشاف فضيحة منتج هوليوود هارفي واينستين، وحان وقت عودة الأمور مثلما كانت".

يدعم هذا الرأي أن شبكة Netflix قررت الاستغناء عن كيفن سبيسي بطل مسلسل House of cards بمجرد اعترافه بالتحرش والاعتداء الجنسي، حتى تتلافى الغضب والشجب الجماهيري، وعلى الفور أسندت الدور الرئيسي في الجزء الأخير من المسلسل الشهير إلى الممثلة روبن رايت شريكته في الأجزاء السابقة، وعندما أعلنت الأسبوع الماضي عن عرض المسلسل في نوفمبر المقبل، استهجن الجمهور عدم وجود كيفن سبيسي البطل الأساسي ونسى تماما سبب طرده من العمل.

تكرر اعتبار الاعتداءات الجنسية أمرا عابرا لا يستحق العقاب، حين قررت "مارفل وديزني" إيقاف إنتاج الجزء الثالث من فيلم "حراس المجرة"، بسبب فضيحة أخلاقية واكبت نشر تغريدات سابقة لكاتب ومخرج الفيلم جيمس جن عن "الاغتصاب والميل الجنسي للأطفال"، فقررت الشركة إيقاف العمل.

لكن أبطال الفيلم مجتمعين رفضوا القرار ونشروا رسالة دعم وتأييد للمخرج: "نعلن عن دعمنا الكامل لجيمس جن. لقد شعرنا بالصدمة لفصله المفاجئ. انتظرنا عشرة أيام للرد من أجل أن نفكر ونصلي ونستمع ونناقش. وشعرنا بالتشجيع للدعم الجارف ممن تمنوا عودة جن لإخراج سلسلة الأفلام، وخيبة الأمل من نظريات المؤامرة الغريبة".

في المقابل أصدر جيمس جن بيانا أعلن فيه مسؤوليته الكاملة عن التغريدات.. وأسفه لاستغناء الشركة عنه.

مخطئ من يعتقد أن مجتمع هوليوود سيرضخ لضغط وانتصار النساء، حتى أن كان التزم الصمت بضعة أشهر، لكن أولى ضربات الانتقام وإعادة الأمور تحت السيطرة كما كانت منذ نشأة الفن، تجلت في فضيحة الممثلة الإيطالية آسيا أرجنتو، وهي من قيادات الحركة النسائية "MeToo"، وكانت أرجنتو تسببت في فضيحة لمنتج هوليوود النافذ هارفي واينستين باعترافها في مهرجان "كان" الأخير في مايو الماضي، على الهواء مباشرة أن هارفي اغتصبها في مهرجان "كان" في العام 1997، عندما كان عمرها 21 عاما، وإنها استمرت في علاقتها معه خشية عصيانه وانتقامه وخوفا على مسيرتها الفنية الواعدة.

بحث مجتمع هوليوود الذكوري في ماضي أرجنتو، ليعثر على الممثل المغمور والانتهازي جيمي بينيت، فدفعه إلى الحديث علنا عن علاقته الجنسية معها، ومساومتها نظير السكوت، لكن بينيت كان أكثر طمعا واستغلالا، وتحدث إلى الصحف الأمريكية عن "تعرضه لاعتداء جنسي من الممثلة الإيطالية عندما كان يبلغ من العمر 17 عاما". وبرر سكوته سنوات قائلا: "ما أزعجني هو خروج المعتدية لتقدم نفسها بمثابة ضحية، فيما هي مارست الجنس مع قاصر وعمرها 37 عاما".

اعتبرت آسيا أرجنتو (42 عاما) اتهام الممثل جيمي بينيت بالاعتداء الجنسي مجرد ادعاءات في إطار "حملة اضطهاد مستمرة منذ زمن بعيد".

وقالت في بيان "أشعر بصدمة وحزن عميقين لقراءتي أنباء كاذبة تماما. لم أحظ بعلاقة جنسية مع بينيت.. كانت صداقة فقط لسنوات عدة. لكنها انتهت بعد ظهوري العلني في قضية واينستين عندما تقدم بينيت بشكل غير متوقع بطلب مبلغ طائل مني كمساومة على صورنا معا".

وتابعت أرجنتو أن شريكها الثري أنتوني بوردان "كان يخشى التشويش السلبي المحتمل من جانب بينيت الانتهازي، فقررنا منحه ما يريد بشرط ألا يتدخل مستقبلا في حياتنا، وهكذا تمت التسوية المالية. لكني صدمت من نشره صورنا حاليا وحديثه الكاذب عن علاقة جنسية مزعومة".

على الفور ندد محامي هارفي واينستين بأكاذيب آسيا أرجنتو قائلا: إن هذه التسريبات "تكشف مستوى النفاق لدى آسيا أرجنتو، وهي من أهم الأصوات التي حاولت تدمير هارفي واينستين".

وبين أخذ ورد وتصريحات متبادلة تسعى الشرطة للتحقيق في القضية، لإثبات صدق طرف وكذب آخر ليبقى ملف الاعتداءات مفتوحا والنبش في ماضي نساء الفن والترفيه مستمرا، لكشف المزيد من الفضائح، واستعادة السيطرة الذكورية وإثبات أن "هوليوود بيت دعارة مكتظ" كما قالت مارلين مونرو.
الجريدة الرسمية