مطلوب مُحافظ!
حتى كتابة سطور هذا المقال ينتظر المصريون الولادة القيصرية لحركة المحافظين، بعد أن صدرت لنا الحكومة حالة من اليأس في بحثها عن 27 محافظا كفء، وكأن الـ100 مليون مصري لا يصلح منهم 27 لتولي هذا المنصب، وهو الأمر الذي بات محيرا ويفتح الباب حول القيل والقال، وأعتقد بعد كل هذا التأخير يجب أن تغير الحكومة المقولة الشائعة "مصر ولادة"، بعد أن شعرنا جميعا أن الحكومة تبحث عن إبرة في كوم قش، وهو شعور سييء للغاية، ويؤكد أن هناك حلقات غامضة في هذه السلسة الطويلة..
خاصة أن المعلومات الشخصية المتاحة تؤكد أن الأجهزة الرقابية اعترضت على بعض الشخصيات وهو ما تسبب في تأجيل حسم الملف أكثر من مرة، علما بأن الملف مزدحم بالمشكلات، ويحتاج إلى مشرط جراح شاطر لاستئصال الأورام الخبيثة من جسد محافظات مصر، فإعادة تدوير الوجوه القديمة نفسها بات أمرا مملا، فكيف لفاشل أن نُوليه مكانا آخر يفشل فيه؟ وكيف لناجح نجعله يترك نجاحه بحثا عن مكان جديد قد يفشل فيه؟ سياسة قديمة اتبعها السابقون فتحولت المحليات إلى قنابل موقوتة..
والمدقق لما يحدث يكتشف أن رئيس الحكومة الحالي الدكتور مصطفى مدبولي مشغول لدرجة أن لم يجد وقتا طوال الفترة السابقة للاختيار أو إنجاز هذا الملف المهم والخطير.. من المسئول عن توقف الحياة في المحافظات وحالة الشلل التام التي أصابت المحافظين طوال الفترة السابقة، الكل يخشى اتخاذ القرار دون معرفة مصيره.. أمر عجيب بل ويدعو للاندهاش..
البعض ظن أن الدكتور مدبولي سيقوم بنشر إعلان في الصحف مطلوب محافظ يا ولاد الحلال.. وشروط الوظيفة أن يكون حاصلا على شهادة غير مزورة أو دكتوراه مضروبة.. وأن يكون عفيف النفس نظيف اليد كاره لجلوس المكاتب محب للتنطيط.. يعرف قيمة المنصب المرشح له.. يشعر بالمواطن..
حتى هذه الفكرة لم تلجأ لها الحكومة بل اعتمدت على أهل الثقة، هذا المرشح قريب أو صديق أو معرفة أو مجاملة أو تقسيمه.. فتكون النتيجة ما شاهدناه من إهمال وفساد وفشل.. وهنا نتسأل لماذا لم تفتح الحكومة الباب أمام المبتكرين القادرين على التفكير خارج الصندوق السائرين على درب عادل لبيب وعبد المنعم عمارة ومحمد عبد السلام المحجوب.. وغيرهم من المحافظين الذين تركوا بصمة واضحة في محافظاتهم وما زال أهل هذه المحافظات يتغنون بها..
ولماذا لا يتم عمل مسابقة تشمل التطوير ومحاربة الفساد وحل المشكلات على ثلاث مراحل.. من يفشل في المرحلة الأولى التي مدتها 6 أشهر يتم إقالته ومن ينجح نصفق له ونسانده.. كفانا ضحكا على الذقون، فوزير التنمية في زيارته لمحافظة بني سويف قدموا له إحدى القرى على أنهم حولوها إلى قرية منتجة وأنها تجربة رائدة وفي نهاية المطاف تحدث أحد النواب وكشف الحقيقة، وأكد للوزير أن هذه القرية تنتج الألبان منذ عشرات السنين ولا فضل لأحد في ذلك..
وهنا أتساءل لماذا تجاهلت الدولة المستشار صدقي خلوصي رئيس هيئة قضايا الدولة السابق.. والمستشار محمد عبد اللطيف أمين عام الهيئة الحالي واللواء حسام نصر مساعد وزير الداخلية السابق لحقوق الإنسان والدكتور أحمد رفعت عميد كلية حقوق بني سويف السابق واللواء حاتم باشات وكيل جهاز المخابرات السابق عضو مجلس النواب والدكتور عصام الكردي رئيس جامعة الإسكندرية واللواء عبد الفتاح عثمان مساعد وزير الداخلية السابق، وغيرهم ممن كان لهم بصمات واضحة في مجالاتهم.