رئيس التحرير
عصام كامل

كلام الليل مدهون بذبدة (2 )


مع بدء سباق الانتخابات الرئاسية، كانت الأحزاب قد انتهت من طرح مرشحين ليمثلوها في معركة الانتخابات، ففوجئنا بحزب الحرية والعدالة يزج بمرشحيه "خيرت الشاطر" و"محمد مرسي" لضمان فرص أكبر لهم في السباق المحموم.


ربح الإخوان المعركة بلعبة سياسية جعلتنا بين خيارين لا ثالث لهما فما بين مرشح يدين بالولاء للنظام السابق وبين مرشح يمثل الإخوان، الذين طالما وعدوا بأنهم بعيدون عن إغراء المال والسلطة، فما كان أمام الأغلبية إلا أن تعطي أصواتها لمحمد مرسي من قبيل "نديهم فرصتهم" وأقسم مرسي بعدها أمام رئيس المحكمة الدستورية العليا بأن يحترم الدستور والقانون.

انهالت بعد ذلك علينا الوعود منذ اليوم الأول حينما وقف "مرسي" شامخا في ذلك المشهد الشهير وسط ميدان التحرير وهو يحتفي "بدون القميص الواقي من الرصاص" ويعد المصريين بكلمات براقة، كوعود المائة يوم ومشروع النهضة..

ومرت الأيام المائة ولم ينفذ وعدا واحدا، وتحولت الوعود إلى تغول في السلطة، وانقلاب على أحلام الشعب، وصدمات متلاحقة بقرارات تعسفية.

حيث رمى "مرسي" بعرض الحائط قسمه لاحترام الدستور والقانون، وفوجئنا جميعا بتحديه السافر للمحكمة الدستورية وصراعه مع القضاء منذ اليوم الأول، وإعلانه الدستوري بتشكيل لجنة تأسيسية للدستور وعدم الالتفات لرغبة الشعب في مسودته التي رفض النقاش فيها، وخروج الدستور المشوه علينا وصراع قانون الانتخابات، وتعيين نائب عام ليمثل الادعاء وفقا لأهواء النظام، ورئيس حكومة فاشل، في ظل حكومته عانى الوضع الاقتصادي المصري كثيرا من الأزمات وواجه الكثير من التحديات في مقدمتها، احتدام الخلافات بين النظام والمعارضة واستمرار معاناة المواطن تحت وطأة ارتفاع معدلات البطالة، وعجز الموازنة، وغياب الأمن عن الشارع، ما خلق شعورا بأن الحكومة والنظام يجران مصر من سيئ إلى أسوأ.

صدمة أخرى تلقاها المصريون قبل يومين بشأن الحكم البات الذي صدر في قضية معركة الجمل، حينما أيدت المحكمة حكم براءة المتهمين في الموقعة، لأن النائب العام الذي يدين بالولاء للجماعة تقدم بمذكرة الطعن بعد مرور الموعد المحدد وهو 60 يوما .

وأخيرا التغيير الوزاري الذي ألقى بآمال المصريين في مهب الريح مع الإبقاء على وزيري الداخلية والإعلام، برغم الانتقادات الموجهة إلى أداء الوزارتين، وتعيين وزير للثقافة كل مؤهلاته أنه يكتب مقالا في جريدة الحرية والعدالة ، ووزير للاستثمار حاصل على ليسانس "ألسن" !!

من الواضح أن معيار اختيار أعضاء الحكومة تحت حكم الإخوان يقوم على أساس من الولاء والطاعة، لا على أساس من الكفاءة والخبرة، ويظهر هذا في أداء الحكومة التي كلف بها الدكتور هشام قنديل.

يبقى أخيرا استنتاج واضح من المعطيات السابقة للمستقبل، وهو أن النظام يتشابه كثيرا في "ديكتاتوريته" مع نظام مبارك حيث يصر على السيطرة على مفاصل الدولة والتوغل في كل المؤسسات كالمرض الخبيث، متعمدين بذلك إقصاء و تهميش ما دون الإخوان بأساليب فاشية ملتوية، وأن هذه التعديلات الوزارية الأخيرة أو أية قرارات عليا لن ترضي المصريين، ولن تمنع غضب الشارع المصري بعد أن أصبح جليا للمواطن البسيط أنه ضحية خدعة كبرى من الإخوان المسلمين.

ghadakadry@gmail.com

الجريدة الرسمية