رئيس التحرير
عصام كامل

كلام الليل مدهون بزبدة! (1 )


أوشك العام الأول للرئيس مرسى فى سدة الحكم أن يولى أدباره وما زلنا ننتظر ونترقب الوعود والآمال الوردية التى طالما راودتنا بها الجماعة قبل ذلك، ما زلنا ننتظر وعود المائة يوم، ومشاريع النهضة ، والقضاء على الفقر والأمية والبطالة، والنظافة وتحقيق الديمقراطية والحرية والمساواة والمواطنة، واستعادة الأمن، ومحاكمات عادلة لمن عاثوا فى الأرض فسادا.


إلا أنه يوما بعد يوم تتكشف لنا حقائق قاتمة اللون وبالغة السواد فبيننا وبين تلك الأحلام هوة سحيقة، وكل الوعود التى داعبت الجماعة بها أسماعنا خلال فترة حكم المجلس العسكرى كانت من قبيل "كلام الليل مدهون بزبدة".

البداية كانت منذ بدء اشتعال فتيل الثورة وبعد تنحى مبارك حينما طفت على السطح على حين غفلة مشاهد جديدة غير مألوفة للمصريين حينما بدأ تفاعل قيادى الإخوان ورموز فصيل الإسلام السياسى، وظهورهم دون خوف وتخلصهم من القيود والأغلال التى كبلتهم لسنوات وكممت أفواههم.

بل وتجرأ القتلة منهم أمثال عبود الزمر المشارك فى قتل الرئيس الراحل أنور السادات وظهورهم كأبطال بعد خروجهم من السجون والاحتفاء بهم فى أوج فرحتنا بالثورة ما صدم شريحة كبيرة من المصريين الذين بدءوا يشعرون بالقلق عن تغير اتجاه مسار الثورة التى بدأت وردية بيضاء.

وما لبثت أن تحولت بعد أن كلف الرئيس المتنحى مبارك المجلس العسكرى بتولى شئون مصر، فبدأت تلك الفرحة والآمال التى بنيت عليها الثورة فى الانحسار تدريجيا بمجرد الإعلان الدستورى الأول الذى تم فى مارس سنة 2011 حيث كانت بداية تلاعب عناصر الإخوان بالمال السياسى والرشاوى الانتخابية وشراء الأصوات فى مقابل كلمة "نعم" التى كانت تعنى دلالات سياسية كثيرة نعانى نتائجها اليوم.

وجاء إعلان مارس كأول خدعة سقط فيها المصريون دون أن يدركوا مدى فداحتها ومدى أهميتها لما بنى على هذا الإعلان بعد ذلك.

بعد هذا الإعلان بدأت تتشكل الأحزاب والائتلافات الثورية، وترددت بشكل قوى على الساحة أسماء لسياسيين من كل الانتماءات من أقصى اليمين لأقصى اليسار، وكل من عانى الكبت انفجر وخرج من عنق الزجاجة ليسوِّق لنفسه ويروج لمشروعه السياسى فظهر الغث والثمين، والشعب غارق فى متاهات ولم يكن يدرى الى أين يسوقه القدر، حتى بدأت عناصر الإخوان فى لم شتات صفوفها وأبنائها، مطالبين بحقهم فى ممارسة دورهم الوطنى والسياسى، وهم يعدوننا بأن لن يقدموا لنا أى مرشح رئاسى وكل ما كانوا يطمحون إليه هو مساواتهم بالمصريين وإعطاؤهم الفرصة، وبالفعل قاموا بتدشين حزبهم تحت مسمى "الحرية والعدالة" الذراع السياسية لجماعة الإخوان، وبقيت هناك إشكالية شغلت المصريين لفترة طويلة بعد ذلك إلى ماذا تنتمى "الجماعة"، وهل هى تنظيم سياسى أم دينى أم جمعية وهل هى مشهرة قانونا أم لا؟؟ 
وللحديث بقية...
الجريدة الرسمية