دروس خصوصية في المدارس!!
لا يختلف اثنان على أن الدروس الخصوصية سرطان ينهش في جسد الأمة، وأنها أزمة تتفاقم وتزداد سوءًا، وأنهكت الأسر المصرية وما زالت، وأنها لم تدمر فقط أموال المواطنين لكنها أيضا دمرت منظومة القيم والأخلاق، لأن المدرسة كانت تُربي قبل أن تُعلم حيث كان يقضي فيها الطفل معظم وقته، والمُدرس كان قدوة تُحتذى، والطالب يحترمه مثل والديه وأكثر، وله عظيم الأثر في حياة طلابه..
وكل الأدباء والعلماء والمفكرين المصريين كان المُدرس سببا في نبوغهم وتفوقهم، هكذا كان حال مصر قبل سرطان الدروس الخصوصية، لكن بعد أن حلت محل المدرسة أصبح المدرس مجرد سلعة يشتريها الطالب بفلوسه، ولا يعير له اهتمام أو احترام، وقيم الولاء والانتماء للوطن التي كان يغرسها المدرس في نفوس الشباب منذ صغرهم ضاعت بسبب معاناة الطلاب وأهاليهم مع الدروس الخصوصية، ناهيك أن حلم الهجرة أصبح يراود معظم شبابنا..
مراكز الدروس الخصوصية في كل شارع وحارة ومنطقة في القرى والمدن وإعلاناتها تُوزع أمام المساجد وفي الشوارع وعلى الطرق والكباري وملصقاتها على الجدران، وهناك عقارات وحداتها بالكامل تحولت إلى (سناتر)..
الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم السابق حكى لي تجربته في محاربة الدروس الخصوصية من خلال إنشاء مجموعات تقوية في المدارس بأجور رمزية يحصل عليها المدرسون، ومن حق الطالب الاشتراك في أي مجموعة تقوية حتى لو كانت في غير مدرسته.
بالتوازي مع ذلك كانت هناك حملات أمنية على مراكز الدروس الخصوصية وقرارات صارمة للمدرسين غير الملتزمين، ويقول الدكتور الهلالي إنه تم إغلاق نسبة كبيرة منها، وفي محافظة بورسعيد أغلقت بالكامل ما عدا مركزا واحدا لأشهر مدرس لغة إنجليزية هناك، وتم الاتفاق مع اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد على نقل هذا المدرس إلى ديوان عام الوزارة بالقاهرة، وعندما علم المدرس بخبر نقله أغلق المركز واشترك في مجموعات التقوية بالمدرسة..
فكرة مجموعات التقوية ليست جديدة لكنها كانت مهملة ولا تجد الاهتمام المطلوب وهي وحدها لا تكفي بالتوازي معها يجب غلق السناتر ومعاقبة المخالفين..
أحد المسئولين بالحكم المحلي حكى لي أنه كانت هناك توجيهات بعدم إغلاق مراكز الدروس الخصوصية هذا كان زمان، لكن الآن في عهد الرئيس السيسي وحكومة الدكتور مصطفى مدبولي الدولة جادة في إصلاح التعليم واستئصال هذا الورم السرطاني وحكومتنا قوية، وإذا أرادت فعلت ولديها الآليات التي تمكنها من القضاء على مافيا الدروس الخصوصية وإنقاذ مستقبل البلد والمواطنين منهم..
الدروس الخصوصية يمتلكها ويقف ورائها شخصيات ذوو سلطان ونفوذ وهي نشاط غير مشروع في أماكن غير قانونية وتَهدر موارد الدولة ومرافقها وأموالها بالكامل تذهب إلى جيوب مدرسين متغيبين عن عملهم الأصلي ويتقاضون عليه أجرا يتركونه لإدارة المدرسة مقابل التستر عليهم..
أرباح الدروس الخصوصية أكثر من تجارة المخدرات ولا تقل خطورة عنها.
مجموعات التقوية بمثابة دروس خصوصية لكنها شرعية تحت مظلة الدولة وأموالها حلال وأفقر ولي أمر في مصر ينفق على الأقل 1000 جنيه شهريا على الدروس الخصوصية، ولن يمانع من دفع جزء منها لمجموعات التقوية حتى يعود دور المدرسة في التربية والتعليم، وبهذا ينقذ أبناءه من أباطرة الدروس.
egypt1967@yahoo.com