أسماك برازيلية على الطريقة الإسلامية
زميلنا تامر مجدى حصل على تصريحات خاصة من المتحدث باسم الرئاسة حول زيارة الريس مرسي إلى البرازيل، وقد انفرد فيها بما لا يعرفه الدانى ولا القاصى، حيث أكد له سيادة السفير المتحدث باسم رئاسة مصر أن زيارة مرسي "مهمة"، وأضاف جلالته: وسوف تعود بنتائج مفيدة للمواطن، وقال إن الريس سيقوم بتوقيع عدة بروتوكولات مع الجانب البرازيلى، وقال أشياءً أخرى تحت شعار "من دقنه وافتله".
قلبت الخبر يمينا وشمالا، وشرقا وغربا، فتصورت أن زميلنا تامر قد تعاطى حاجة "خضرة"، ظنا منه أنها ميرندا تفاح أخضر، ولم يكتشف أنها حاجة غريبة إلا بعد إحساسه بدوار يلعب برأسه، ومن أجل ذلك فإنه ينبه على السادة الصحفيين ألا يتعاطوا تصريحات غريبة من الرئاسة، وسوف يكون رد الرئاسة: معلهش الرئاسة مبتتقلدش!
المهم أننى لم أجد فى الخبر خبرا وربما وجدت فيه مبتدأ دون خبر، فعنفت زميلي تامر وكل من وقف وراء التعامل مع المادة المنشورة على أنها- والعياذ بالله- تدخل تحت بند أخبار، وأشرت إلى زملائي أن يتعاملوا مع مثل هذه التصريحات بمنطق شركات النظافة الأجنبية أو المحلية.
سافر الريس.. ولم تتابع زيارته الصحافة الرياضية، إذ ربما ينجح محمد مرسي فيما فشل فيه المنتخب المصرى منذ سنوات، فيستورد لنا "كام لاعب" من "أيتها" حارة في البرازيل، أضمن لنا من شيكابالا الذى يمارس الكرة من باب "طقطقولي ضهرى" وليرحمنا من الأخ عماد متعب الذي بات أسمن من بطة جارتنا-عليها رحمة الله- غير أن الريس لم يفعل، وبالتالي لم تفعل الصحافة الرياضية..
تابعته صحف الحكومة، وأيضا صحيفة حزبه "لاحرية ولاعدالة" والمسماة مجازا "الحرية والعدالة" وذلك على سبيل المبالغة الممقوتة، وقالت الصحف التي تابعته إن الريس ذهب إلى هناك لكي يهضم تجربة البرازيل، وبعد هضمها في الزيارة يعود فـ"يرجع" ذات التجربة لمصر والمصريين، ولما سأل الخبثاء من أمثالى ألا يعرف الدكتور محمد مرسى أنه جاء من جماعة تسعى لأستاذية العالم، كما أسس لذلك الراجل حسن البنا؟
كانت الإجابة التي ترد لك في رسالة "إس إم إس" إن أستاذية العالم تبدأ بغش التجربة البرازيلية!
المهم أننى ظننت ظن السوء بمرسى، فالرجل ربما يكون مزنوق حبيتين في جوازة عيل من العيال، وبالتالى قرر السفر إلى البرازيل في مأمورية عمل يحصل من خلالها على بدلات سفر بالدولار، وبدلات أكل وشرب، وملبس، ومبيت، ومصاريف جيب، وهلم جرا، بحيث يستطيع في كام رحلة أن يجمع بعرق جبينه مصاريف الجوازة.
غير أن ظنوني قد بددتها صحف الحكومة وعلى رأسها أكبر صحيفة وهي الأهرام، التى انفردت بخبر لا يقل خطورة عن انفراد زميلي تامر مجدى.. قالت الأهرام على صدر صفحتها الأولى "في نتائج سريعة لزيارة الرئيس.. أول مؤسسة مصرية- برازيلية لمراقبة تصدير اللحوم الحلال".
جاء انفراد الأهرام على ثلاثة أعمدة ليقول كاتبه إنه وفى نتيجة سريعة لزيارة مرسى أشهر مجموعة من الشباب المصريين المقيمين بالعاصمة البرازيلية أول مؤسسة مصرية إسلامية خيرية غير هادفة للربح، وتهدف لمراقبة والتأكد من ذبح الماشية المصدرة إلى مصر والعالم الإسلامى طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية حلال!
وهكذا كشفت الأهرام المستور وانفردت بما فشل فيه تامر، وكل الرفاق الصحفيين فى المؤسسات التعبانة التى ليست مثل الأهرام طبعا، حيث انجلى الأمر أمام السادة القراء الذين ضلوا الطريق في إرهاصاتهم، وتوقعاتهم، وسعيهم الدءوب للحصول علي معلومات شافية حول نتائج سفر مرسى إلي البرازيل، حتي لو اختزلت فى كيلو جرام من البن البرازيلي، بعد أن اختفي البن اليمنى وحل محله القات الشرير.
وقد بينت الأهرام في تناولها للقضية بحساسية مفرطة أن من أهم وأسرع نتائج لزيارة مرسى أن جماعة من شباب المصريين المقيمين هناك سيمرون علي المذابح، للاطمئنان على أن الشريط الكاسيت الذى يردد التكبير علي كل رأس تذبح يعمل بكفاءة، وبالطبع فإن هذه المهمة النبيلة سترفع أسهم مصر عاليا، إذ أن الشباب حسبما ذكر الخبر لن يراقبوا ذلك من أجل مصر فقط، وإنما تتعدي مهمتهم الإنسانية حدود الوطن الصغير إلى الوطن الأم إلى الدول الإسلامية كلها، التى عانت من ويلات الهواجس، حول السؤال المهم: هل كاسيت التكبير يعمل أم أنه معطل؟
أيقنت بعد مطالعتي لصحيفة الأهرام أننى مدين باعتذار لزميلى تامر مجدي لأنني ظلمت انفراده، ومدين باعتذار للريس مرسى الذى أنقذ البلاد والعباد من مغبة السقوط المدوى في دوامة الظنون، وقطع الشك باليقين حتي نطمئن جميعا إلى أن كل ما سيأتينا من البرازيل سيكون مذبوحا وفق الشريعة الإسلامية بما في ذلك سمك السردين .